حوارات خاصة

جنوب السودان حوار مع الدكتور لوكا بيونق

صحيفة جنوبنا اليوم  تحاور لوكا بيونق

السيرة الذاتية:

الاسم: لوكا بيونق دينق كوال.
الحالة الاجتماعية: متزوج واب لثلاثة ابناء
المهنة: خبير اقتصادي ومحاضر جامعي.
اللغات: يتحدث الانجليزية والعربية بطلاقة اضافة لدينكا لغة الام.
السكن: كوينزلان استراليا.

 المؤهلات العلمية:
١٩٩٩-٢٠٠٣
شهادة الدكتوراة في فلسفة- معهد دكتور فيل للدراسات التنموية. لندن بريطانيا.
خريخ كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية جامعة الخرطوم.
العضوية::
١-عضو اتحاد الشركات لتامين الحياة SLRC. لندن.
2-عضو معهد التنمية الخارجية ODI لندن.
3- سفير لمعهد الومنى (Alumni) للدراسات التنموية جامعة سوزسكس(Sussex) لجنوب السودان.
4- زميل لمدرسة هافرد كندى.
5- عضو عالمى لمعهد البحوث.
6- عضو زائر في معهد التنمية (IDS)
7- عضو في معهد ريفت فالي.
8- مدير وعضو مجموعة كوش بجنوب السودان.
9- عضو في الرابطة العالمية للاقتصاد الزراعي.
10- عضو في الرابطة الافريقية للاقتصاد الزراعي.
11- عضو المعهد العالمي للاحصاء (ISI)
12- عضو اللجنة السودانية الانتقالية المشتركة سابقا.
13- عضو تنفيذى في لجنة السودان الجديد لمجتمع اقتصادى.
14- مدير و مراقب للرعاية الطبية بالسودان.
15- من مؤسسي وكالة شباب بحر الغزال للتنمية.(BYDA)
16- مؤسس ورئيس مجتمع ابيي للتنمية.(ACAD)
17- عضوء بوكالة جبال النوبة للتاهيل واعادة التاهيل.

الاعمال المهمة التى قام بها.
٢٠١٦
دراسة عن الرعاة قلوينق وتيتوينق. وكيفية حماية المجتمع والدولة معا. اهمية بناء والتسامح في مجتمع يعيش النزعات. وطريقة حكم الدولة التى تنعدم فيها الامن. لندن بريطانيا.
٢٠١٦
دراسة عن تاثير النزاع في الحياة اليومية للمواطنين في جنوب السودان. برنامج مدعوم من FAO.
٢٠١٥
القطاع التعلمي للحكومة: عدم العدالة يسبب في النزاعات وكيفية بناء السلام. برنامج مدعوم من UNICEF.
استاذ مشارك بجامعة جوبا وزميل في معهد العالمي لابحاث السلام باوسلو.
 تفاصيل الحوار:

بعد الهدوء النسبي في الاوضاع السياسية في جنوب السودان مع بدء التنمية بالدوران وجد الجنوبيون أنفسهم في مإزق كبير إزاء الخلافات السياسية داخل الحزب الحاكم … في إعتقادك كباحث في مجال دراسات السلام هل هنالك من البشائر يطمئن لها الشارع الجنوبي؟

دكتور لوكا بيونق :
ظهرت معظم الدول التي أصبحت مزدهرة الآن من رماد الدمار والحرب الأهلية بعدما عانت من تلك الأزمات ولكنها إنطلقت وأعطت الفرصة لبناء مؤسساتها بخصوص الحكم كما إتبعت أنظمة شاملة لإدارة الإقتصاد وجنوب السودان ليست فريدة من نوعها ولديها الفرصة لوضع نفسها في طريق الإزدهار والإستقرار اذا تعلمت من هذه الأزمة الأخيرة كبقية الدول التي عادت إلى طريق الإزدهار بعد الحروب الأهلية ويجب التعلم من هذه الأزمة وتحويلها إلى فرص من أجل مستقبل أفضل وذلك يتطلب تغييرا من كل فرد وكذلك الأسر والمجتمعات المحلية والمنظمات والأحزاب السياسية وقاداتها المختلفة لقبول أنفسنا كشعب واحد على عقد إجتماعي يربطنا معا كأمة واحدة.

** دستور جمهورية جنوب السودان كغيره من الدساتير نص علي حرية التعبير كحق مكفول للجميع … ولكن في ظل السياسة الآنية الآي تقنع حرية التعبير وتسعي لإجهاضها بكل الطرق … كيف تري مستقبل الحريات العامة ومن ضمنها حرية التعبير في جنوب السودان ؟

الدكتور لوكا بيونق:
خلال الحرب الأهلية لا ينبغي أن نتوقع أن جنوب السودان سوف تعمل بشكل طبيعي والإلتزام الكامل لسيادة الدستور والقانون وتفعيل حرية التعبير ، وعليه وفي معظم الأحوال القضية الجوهرية في الحرب الأهلية هي تدمير العقد الإجتماعي الذي يحكم العلاقة ما بين الحكومة والمواطنين من جهة وبين المواطنين أنفسهم من جهة أخرى ولذلك عندما تم كسر هذا العقد الإجتماعي كما حدث في ديسمبر كانون الأول عام 2013 وأصبحت الحرب تحتل مكان العقد الإجتماعي ” حالة طبيعية ” كالصراع ما بين الخير والشر ولم يتم التحقق منه إلا من خلال الحرب حيث إنقسم المجتمع الجنوب سوداني إلى معسكرين متحاربين مع عدم وجود معسكر ثالث محايد ولكن إتفاقية السلام التي وقعت في أغسطس 2015 قد يوفر الأساس القوي لإقامة عقد إجتماعي جديد يوفر ويحترم سيادة حكم القانون وحرية التعبير كحق دستوري فضلا عن ترسيخ العلاقات مابين المواطنين أنفسهم والمواطنين والدولة من جهة أخرى.

** الشعب الجنوبي بعد احداث ديسمبر 2013 فقد الثقة في الحكومه والمعارضة لأن هذه الاحداث ضربت النسيج الاجتماعي في مقتل …. ماهي الادوات والآليات التي بها يمكننا رتق النسيج الاجتماعي وإزالة ماعلق بالنفوس من ترسبات ؟

الدكتور لوكا بيونق :

واحدة من أكبر التحديات التي ستواجه شعب جنوب السودان هي كيفية بناء الثقة فيما بين الشعب وقد أدت الحرب إلى صدمة كبيرة وقوية جدا لهذا المجتمع مع الوضع في الإعتبار أن الدراسات الحديثة التي أجرتها جمعية القانون بجنوب السودان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن هنالك صدمة كبيرة جدا وإضطرابات وذلك بعد صدمة ” PTSD “بين أوساط الشعب الجنوب سوداني بنسبة بلغت حوالي 41% وهي مشابهة لبعض العمليات الموثقة في أسوأ مناطق النزاع في العالم مثل تلك الإبادات الجماعية التي حدثت في رواندا وكمبوديا.
لذلك من أجل شفاء هذه الأمة وتعزيز الثقة ما بين الشعب هذا الأمر يتطلب خطة طويلة المدى حتى تتم عملية السلام والعدالة الإنتقالية ، وينص إتفاقية السلام الحالية على عملية مفصلة لتنفيذ العدالة الإنتقالية وضمان المساءلة وتضميد الجراح والمصالحة بالإضافة إلى إنشاء لجنة تقصي الحقائق والمصالحة وإنشاء المحكمة الهجين وكذلك توفر إتفاقية السلام إنشاء هيئة التعويضات وجبر الأضرار لتلبية إحتياجات الضحايا اذا تم تنفيذ أحكام هذه الإتفاقية بشكل كامل وعدم ترك أي فرصة للإفلات من العقاب وترك هذه العادة والإنتقال إلى مرحلة جديدة من العدالة والمساءلة كأساس للشفاء والمصالحة المستدامة بين شعب جنوب السودان.

** أبيي كجزء أصيل لا يتجزأ من أرض الوطن … كيف تري سير المعالجات الجارية بخصوصها حتي تنال الاعتراف الإقليمي والدولي بتبعيتها لأرض الوطن؟

الدكتور لوكا بيونق :
أن قضية أبيي هي واحدة من القضايا التي تم تناولها بشكل كاف من قبل سلطة الإئتلاف المؤقتة وقد جاء فريق التنفيذ عال ورفيع المستوى من الإتحاد الأفريقي بإقتراح وهو كيفية حل قضية أبيي وإجراء الإستفتاء في أكتوبر 2013 لدينكا نقوك وغيرهم من المقيمين الدائمين وليس على أساس العرب البدو.
وقد أعتمد هذا الإقتراح من قبل مجلس الأمن والسلم الأفريقي ولكن حكومة السودان قد رفضت ذلك المقترح وقد أجرى شعب أبيي إستفتاء خاص بهم على أسس ومعايير محددة وفترة زمنية حددها مجلس الأمن والسلم الأفريقي والذي قرر فيه بأغلبية ساحقة على تبعية منطقة أبيي لجنوب السودان وعلى الرغم من الإعتراف الصريح لنتائج إستفتاء أبيي من قبل حكومة جنوب السودان والذي كان يمكن أن التوتر الدبلوماسي مع السودان وكان من المتوقع أن تقوم حكومة جنوب السودان بإعتماد نتائج هذا الإستفتاء من قبل البرلمان لتعكس شعور شعب جنوب السودان ولكن ليس للتوقيع عليها حتى تصبح قانونا كما فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مع نتائج إستفتاء إقليم القرم في روسيا.
وعليه كان يجب على حكومة جنوب السودان أن تؤيد نتائج إستفتاء منطقة أبيي من قبل البرلمان وبعد ذلك يتم إستخدام هذا التأييد من قبل حكومة جنوب السودان للمشاركة مع السودان والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لقبول وإحترام إرادة شعب أبيي .
لذلك نأمل من حكومة الوحدة الوطنية ” TGOUN ” أن تأخذ قضية أبيي في الإعتبار على أساس أنها من أهم أولوياتها والسماح للبرلمان أن يصادق على نتائج إستفتاء أبيي الذي عقد أكتوبر 2013 م .

** الازمة التي نعيشها الان نتاج خلافات سياسية بين قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد أن وصلوا إلي انسداد في الحوار وصعوبة في التخلي عن الطموحات السياسية في الترشح لمنصب رئيس الحزب وبالتالي انفجر الوضع في 15/ ديسمبر وتصعدت الخلافات
هل كان من الممكن تفادي ماحدث ؟ وماهي الضمانات بعدم حدوث ذلك مستقبلاً ؟

الدكتور لوكا بيونق :
الصراعات ظاهرة طبيعية في حياتنا اليومية وأيضا في المؤسسات والمنظمات ولكن عادة يتم حل هذه الصراعات بالوسائل الديموقراطية والسلمية من خلال سيادة حكم الدستور والقانون واللوائح التي وضعتها المنظمات ، والحركة الشعبية ليست مختلفة عن ذلك وما حدث يوم 15 ديسمبر 2013 كانت حالة واضحة من النضال السياسي من أجل نظام حكم ديموقراطي لتحويل الحركة الشعبية من حركة تحرير إلى حزب سياسي يعمل على قيادة الشعب وكان من الممكن تجنب هذا الإختلاف السياسي إذا كانت هذه النزاعات بما في ذلك التنافس على السلطة والقيادة قد تم حلها داخل مؤسسات الحزب .
وكانت المفارقة أن الأعضاء داخل قيادة الحركة الشعبية بدأوا الكشف عن نواياهم خارج بنية الحزب للتنافس على قيادة الحركة الشعبية قبل تمرير الدستور والأنظمة المعمولة بها في الحزب .
أما مسألة بناء المؤسسات مع نظام الحكم الديمقراطي هو شرط مسبق لكيفية إدارة السلطة بطريقة ديموقراطية أقول: كان من الممكن تجنب هذا الصراع بالطرق التي تم الإتفاق عليها بين فصائل الحركة الشعبية الثلاث في إتفاقية أروشا لتوحيد الحركة الشعبية في يناير 2015 وقد تناولت إتفاقية أروشا الأسباب الجذرية للصراع الحالي وان تنفيذها سيكون حاسم وليس من أجل التنفيذ السلس لإتفاقية السلام ولكن أيضا لوضع جنوب السودان على طريق السلام والإزدهار.

** لا شك ان الوضع الاقتصادي في البلاد متازم جداً وأي دولة تريد أن تنمو وتقوي يتطلب ذلك مقومات لابد منها كالسلام والاستقرار السياسي والان بعد توقيع السلام هل يمكننا أن نقول بأن الاقتصاد سيبدأ في التعافي ؟ …. وماهي التدابير اللازمة لذلك ؟

الدكتور لوكا بيونق :
إلى جانب الصدمات النفسية تشير التقديرات إلى أن الفشل في تحقيق سلام دائم في جنوب السودان يمكن أن يكلف 158 USD مليار دولار أمريكي خلال العقدين القادمين واذا استمر الصراع بين 1 إلى 5 سنوات سيكلف جنوب السودان بين 22.3 مليار دولار إلى 28 مليار دولار في حين تشير التقديرات إلى أن التكلفة الإنسانية للنزاع من حيث الموت والجوع والمرض أن يكون حوالي 6 USD مليار دولار إذا إمتد الصراع إلى خمس سنوات أخرى ومن الأشياء والأمور المثيرة للإهتمام هي أن الدراسة تظهر أن الدول المجاورة لجنوب السودان والمجتمع الدولي تتأثر بنفس القدر وأنها يمكن أن توفر ما يصل إلى 53 مليار دولار و 30 مليار دولار أمريكي على التوالي إذا تم حل النزاع في غضون عام بدلا من الإستمرار لمدة خمس سنوات.
وحوالي 1.3 مليون شخص نزحوا وحوالي نصف مليون شخص من اللاجئين في البلدان المجاورة مما جعل أزمة النزوح من الحرب الأهلية 1983 إلى 2005 وقد تفاقمت هذه التكاليف مع إسقاط حاد في أسعار النفط وإنخفاض في أسعار النفط في جنوب السودان والتي أسفرت عنه إنخفاض حاد لقيمة الجنيه الجنوب سوداني والتضحم أصبح واضحا للعيان.
والملاحظ الآن أن المجاعة تلوح في الأفق وذلك بفرار أكثر من 500 شخص يوميا من منطقة بحر الغزال إلى شرق دارفور بسبب نقص الغذاء ويمكن معالجة هذا الوضع الإنساني والإقتصادي المتدهور بتطبيق إتفاقية السلام الذي ينص على الإصلاحات المؤسسية والسياسات المفصلة في القطاع الإقتصادي لبنك جنوب السودان المركزي ووزارة المالية ولجنة مكافحة الفساد وديوان المراجع القومي وإستعراض التشريعات الوطنية الأحد عشر وإنشاء خمس مؤسسات جديدة للمراجعة الشاملة ومراجعة وإصلاح قطاع النفط.
أيضا سوف يعاد النظر في صندوق تنمية الدوائر الإنتخابية وسيتم إنشاء صندوقين لتنمية المشاريع الجديدة للشباب والنساء كوسيلة لزيادة المعروض من الصالح العام والتوازن والتدقيق في القيود السياسية إذا تم تنفيذ الإصلاحات بشكل عام فإن جنوب السودان ستكون قادرة على إستخدام عائدات النفط لصالح ومصلحة مواطنيها ليس فقط من أجل تحسين ظروفهم المعيشية ولكن أيضا من حيث إدارة الإقتصاد بصورة جيدة وسليمة.

** مجتمعنا مجتمع تقليدي وقبلي التركيبة والقبلية أصبحت وحدة سياسية ومعظم القادة التي وردت أسماءهم في تقرير اولسيغون اوباسانجو لهم القدرة علي التأثير علي القبائل ومجتماعاتهم كيف يمكن للمحكمة الهجين التعانل مع هذه التعقيدات ؟

الدكتور لوكا بيونق :
خلافا لإتفاقيات السلام الأخرى ، إتفاقية السلام الحالية تحاول أن تعالج قضية المساءلة بوصفها جزءًا هاما من عملية العدالة الإنتقالية وكانت إتفاقية السلام قد وضعت في إعتبارها المخاوف المتزايدة من الإتحاد الأفريقي حول المحكمة الجنائية الدولية ولجأت إلى إنشاء محكمة مختلطة إعترافا بتجربة بلدان أخرى في إنشاء محكمة مختلطة تعمل إلى جانب المحاكم الوطنية لتحقيق العدالة وضمان وضمان عملية قضائية نزيهة وذات مصداقية عن طريق الحصول على الخبرة من المنطقة و المجتمع الدولي.
والحقيقة تقال أن الفظائع التي ارتكبها كلا الجانبين من الأطراف المتحاربة سوف لن يترك أي فرصة لأي طرف أن يبرء ذمته لأن هذه الجرائم موثقة بشكل جيد من قبل لجنة الإتحاد الأفريقي للتحقيق في جنوب السودان. وكما اتخذت الحكومة تحقيقاتها حول الفظائع التي ارتكبت في جوبا مثل اللجنة التي قامت بالتحقيق في ذلك الأمر وكانت التحقيقات ضد أفراد الجيش الشعبي ولجنة التحقيق مع أفراد الشرطة ولجنة التحقيق التابعة لوزارة العدل ولجنة التحقيق الرئاسية وتقارير هذه اللجان على الرغم من عدم الإعلان عن نتائج تحقيقاتها إلا أنها توفر المزيد من المعلومات القيمة والمبنية على البراهين من تقرير الإتحاد الإفريقي.
وعلى هذا النحو هذه التحقيقات في مصلحة المواطن الجنوب سوداني لأن الذين ارتكبوا هذه الجرائم يجب أن يقدموا للعدالة كجزء من بناء عملية السلام في جنوب السودان.
وهذا يتطلب توعية فعالة للمواطنين لدور هذه المحكمة ويجب على الشعب أن يتعلم من تجربة كينيا عندما ارتكبت الجرائم البشعة في إنتخاباتها من قبل القادة المشاركة في الحكومة وعلى الرغم من ذلك إمتثل الرئيس أهورو كنياتا أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويجب التأكيد أن البحث عن العدالة والمساءلة ضمن تقاليد وقيم مجتمعاتنا كما أن هنالك مجتمعات لا تعاقب الشخص الذي يرتكب الفظائع مثل قتل الأرواح البريئة والمحكمة ينبغي لها أن تنظر في هذا الصدد والسياق بالإضافة إلى المحكمة الهجين.
هنالك حاجة ماسة إنشاء محكمة تقليدية على المستوى المحلي لمحاسبة ومحاكمة أولئك الذين ارتكبوا جرائم مماثلة على المستوى المحلي ضد المجتمعات المحلية مع ذلك يجب أن يكون عمل المحكمة الهجين بحذر وعناية إلى أن تقلل الآثار السلبية غير المقصودة على التنفيذ السلس لإتفاقية السلام.

** الحرب النفسية المنظمة التي تستهدف أبناء أبيي والضرب علي وتر انقسام أبنائها وانهم غير سودنيون جنوبيون وللأسف الشديد أصبح البعض منا يردد كلام المؤتمر الوطني السوداني فيما يختص قضية إبيي وجغرافيتها
والي متي تبقي قضية ابيي في يد الرئيس البشير والرئيس سلفا ؟

الدكتور لوكا بيونق:
الحقيقة أن كلا الطرفين المتحاربين أصبحا يعتمدان اعتمادا كبيرا على السودان في حل صراعهما على السلطة ، المعارضة بحكم الضرورة تعتمد على الخرطوم لتوفر لهم الدعم العسكري متى إشتدت الحاجة له ولكن مع بعض العوائد غير المعلومة للكل التي ستعود بالمنفعة للخرطوم في حين كانت الحكومة بحاجة ماسة لضمان تدفق النفط عبر السودان وهذا يضع السودان في وجهة نظري لمتابعة مصلحته الإستراتيجية لإضعاف وخنق جنوب السودان إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا وللأسف بعض الأفراد في الحكومة تتبع سياسة عمياء لإسترضاء البشير بأي ثمن بما في ذلك الإنسحاب من الحدود وحتى التخلي عن قضية أبيي وكان البيان الصادر عن وزارة الخارجية بأن شعب ومنطقة أبيي ليست جزء من جنوب السودان كان داعما لسياسة البشير على ما يبدو وان الذين يسعون وراء هذه السياسة في الحكومة هم جنوبيون عن طريق الصدفة وليسو كمن ولدوا لآباء من جنوب السودان وهم الذين ليس لديهم جنسية واحدة لجنوب السودان خلافا لمعظمنا الذين يحملون جنسية واحدة لجنوب السودان ومعظم هؤلاء الذين يقفون وراء سياسة إسترضاء البشير هم من مواطني بلدان أخرى ويحملون جوازات سفر أجنبية ويظهر ذلك في إنقسام الولاء الولاء الوطني في أوساطهم.
وفي الواقع أن الرفاق من جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وأجزاء أخرى من السودان مثل الدكتور منصور خالد ومالك عقار وعبدالعزيز الحلو وياسر سعيد عرمان الذين لعبوا دورا حاسما من أجل التحرير والتي بشرت بها الحركة الشعبية والتي أدت إلى إستقلال جنوب السودان هم أكثر إنتماءا لجنوب السودان وهم جنوبيون أكثر من هؤلاء الجنوبيون من قبيل الصدفة وعلى ما يبدو أن سياسة المهادنة مع البشير قد فشلت فشلا ذريعا كما أن السودان قد أعلنت فعليا الحرب ضد جنوب السودان.
أبيي هي واحدة من ضمن القضايا التي يمكن أن توحد شعب جنوب السودان واذا كانت الحكومة الانتقالية ” TGOUN ” قد تكونت فعليا فيمكن أن يكون من ضمن أولوياتها وأن توافق على نتائج إستفتاء أبيي ثم إن الرئيس سلفاكير سيكون في وضع أفضل للتعامل مع البشير والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

** علي ضوء الحدث الذي أدي الي إقالة دكتور برنابا مريال بنجامين ، بخصوص التقرير التي ذكر فيها بانك تنتمي الي دولة السودان …. ماهي التداعيات لتلك التصرف حيال النظر في حلول قضية أبيي بين قطري جنوب السودان والسودان ؟

الدكتور لوكا بيونق :
ما حدث حول الوثيقة المسربة من وزارة الشؤون الخارجية بخصوص قضية أبيي هي فرصة أولا لشعب جنوب السودان والأحزاب السياسية والمجتمع المدني أن يتحدوا جميعا لإدانة هذا البيان من قبل الحكومة وأن نبعث برسالة واضحة إلى الحكومة أن قضية أبيي خط أحمر وليست فقط الدعوة لإقالة وزير الخارجية بل المصادقة على نتائج إستفتاء أبيي وتوحيد شعبها هذا ثانيا.
ثالثا إحياء قضية أبيي التي كانت منسية من قبل الحكومة في حين أن إقالة الدكتور مريال بنجامين تطور إيجابي.
وأنا شخصيا أعتقد أن الجناة الحقيقيون إعتمدوا تعيين الدكتور مريال عمدا من قبل هذه المجموعة لتهدئة البشير.
ويجب على الحكومة أن تحقق حول نشأة هذه الوثيقة لا سيما أولئك الذين صاغوا الوثيقة أن يتعرضوا لإجراءات مماثلة للتي أتخذت ضد الدكتور مريال بنجامين لتنطبق عليهم كما يجب على الحكومة أن تخرج عن صمتها وتعلن من جديد على النص الدستوري في المادة ” 97 الفقرة 4 تفريع أ ” أن شعب أبيي هم مواطنو جنوب السودان والمصادقة على نتائج إستفتاء أبيي.

** ماهو دور دكتور لوكا بيونق حيال السلام في الفترة القادمة ؟؟؟

الدكتور لوكا بيونق :
أود أن أساهم في رعاية السلام والتنمية في جنوب السودان من خلال عملي الأكاديمي في جامعة جوبا وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأكاديميين يكونون قوة هائلة لتغيير العالم من خلال البحث والتفكير الإبداعي.
وإتفاقية السلام الحالية تحتاج تحتاج لعملية بحثية هائلة يمكن أن تساعد واضعي السياسات على إتخاذ قرارات مستنيرة وإعتماد الحق فيها مع السياسات الأخرى ذات الصلة تتطلب إصلاحات مفصلة في القطاع الإقتصادي وكذلك الفيدرالية واللامركزية وعملية وضع الدستور والعدالة الإنتقالية والقطاع العام كله يحتاج لبحث دقيق .
آمل من صناع سياستنا في ” TGOUN ” أن يقدروا دور الأكاديميين في المساهمة بتفوق في بناء وإستقرار وإزدهار جنوب السودان.

** ان السلام هو السلاح الاخضر .. صديق الارض والإنسان … هو القوة الاكثر فتكاً لكل قوي الشر …. هو المفهوم الذي يمتد لكل جوانب حياتنا كمقرر للإستقرار الذي تتطلبه سلامة البناء المجتمعي الثقافي والاقتصادي والسياسي …. وكبديل عن العنف والحرب
كيف نؤسس لبناء السلام في دولتنا من وجهة نظرك كباحث ؟؟

الدكتور لوكا بيونق :
تحليلنا الخاص للصراع الحالي هو أن جنوب السودان شهدت تحديات كبيرة وتمثلت ذلك في ثلاثة تحولات في وقت واحد خلال إتفاقية السلام الشامل وهي مرحلة التحول من الحرب إلى السلام ومرة التحول من التحرير إلى مرحلة الحكومة ومرحلة التحول من الوحدة إلى الإنفصال وتكوين دولة مستقلة .
وقد تفاقمت هذه التحديات التي تمر بمرحلة إنتقالية منذ الوفاة المبكرة للدكتور جون قرنق دي مبيور والإعتماد على النفط مع ضعف المؤسسات ” لعنة النفط” وبعبارة أخرى كان جنوب السودان عرضة ” للشتائم” بأن أصبحت دولة النفط بدلا عن التحرير وهذه اللعنات بسبب ضعف المؤسسات والسياسات السيئة والوفاة المبكرة للأب المؤسس للأمة دكتور جون قرنق.
إتفاقية السلام الذي وقع في أغسطس 2015 م يوفر فرصة كبيرة للتصدي للشتائم واللعنات من السياسات السيئة للنفط وضعف المؤسسات الحكومية من خلال سلسلة من الإصلاحات المؤسسية والتدقيق والمراجعة وإنشاء مؤسسات جديدة على النحو المنصوص عليه في إتفاقية السلام اذا تم تنفيذ هذه الإتفاقية بشكل كامل سيكون جنوب السودان على طريق إقتصادي متنوع وذلك عبر إرساء الديموقراطية الناضجة.
كما أن توقيع اتفاقية توحيد الحركة الشعبية في يناير 2015 يوفر فرصة لمعالجة أمر التحرير عن طريق تحويل الحركة الشعبية إلى حزب سياسي ديموقراطي قادر على تقديم رؤية جديدة للوضع في جنوب السودان عن طريق التماسك الإجتماعي والسلام والعدالة والإزدهار.
على الرغم من هذا التفاؤل بشأن إتفاقية السلام هنالك تحديات هائلة وكبيرة جدا خلال مرحلة التنفيذ وعلى رأس هذه التحديات هي قضية ال28 ولاية وبالنظر إلى المواقف المتطرفة من الطرفين سيكون من المناسب إذا كان الطرفان سيشكلان فريق فني مستقل للمراجعة الشاملة حول قضية ال28 ولاية مع الإتفاق على أن توصيات الفريق الفني تكون نهائية وملزمة.
أيضا مسألة حجم قوات الجيش الشعبي io سيكون تحديا لإصلاح قطاع الأمن ونأمل في أن يتفق الطرفان على قوات الجيش الشعبي التي كانت موجودة قبل إندلاع النزاع في ديسمبر 2013 كأساس لإصلاح القطاع الأمني.
أيضاً علاقة العمل السلس بين الرئيس ونائبه الأول سيكون تحديا ونأمل من قادة القطاع الديني ورجال الدين في جنوب السودان والشخصيات الوطنية البارزة مثل أبيل ألير وجوزيف لاقو لدفع عجلة المصالحة بين قوات الحركة الشعبية وقوات الدفاع والأمن والمصالحة في الحركة الشعبية iG والحركة الشعبية io فضلا عن رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديموقراطي دكتور لام أكول لإنشاء منتدى غير رسمي لرعاية العلاقة بين الزعيمين.
وقد تمكن الدكتور جون قرنق مع الرئيس سلفاكير على العمل جنبا إلى جنب مع الرئيس البشير رئيس حزب المؤتمر الوطني لتنفيذ إتفاقية السلام الشامل.
ماذا عن الرئيس سلفاكير ودكتور رياك الذين ليسو فقط رفاق في جنوب السودان ولكن أيضا في الكفاح المسلح وقد أسهما إسهاما قاطعا وكبيرا في تحقيق حلم شعب جنوب السودان للحصول على إستقلاله.
عليه إذا تم تطبيق هذه الإتفاقية بشكل كامل جنوب السودان سوف لن يكون نفس جنوب السودان الحالي.
ويجب أن يعي المجتمع الإقليمي والدولي أن تكاليف عدم تنفيذ إتفاقية السلام هذا أعلى من تكاليف تنفيذه.
وبعبارة أخرى سيكون مكلف للغاية بالنسبة للأطراف إلغاء هذه الإتفاقية وجعل تنفيذها أكثر جاذبية هو الحل الأمثل.

الخلاصة القول:
الدكتور لوكا بيونق:
على الرغم من الأوقات الصعيبة التي اختبرها شعب جنوب السودان إلا أنني واثق كل الثقة بأنه سينهض ويحقق ماهو متوقع منه في الآخر وهذه هبة من الله الخالق بأن يضع دولة جنوب السودان على طريق الازدهار والاستقرار عن طريق التأكيد الكامل بتطبيق اتفاقية السلام وجعل القادة والنخب السياسية مسؤولة كامل المسؤولية في حالة عدم تطبيق اتفاقية السلام.
دكتور لوكا بيونق دينق
أستاذ مشارك في جامعة جوبا و زميل في معهد العالمي لأبحاث السلام بأوسلو.

مقالات ذات صلة