تقارير

محاكمة كوشيب أمام الجنائية تؤكد أن “الصراع المحتدم على السلطة في السودان الآن لا يمكن فصله عما وقع في دارفور قبل 20 عاما”

لندن – صوت الهامش

نشر موقع أوبنيان جوريس تقريرا عن محاكمة تاريخية لـ علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ علي كوشيب، القيادي السابق بميليشيا الجنجويد، والمتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولاية غرب دارفور في عامَي 2003 و2004.

ونوّه التقرير، الذي اطلعت عليه صوت الهامش، إلى أن محاكمة علي كوشيب، التي بدأت العام الماضي، هي الأولى التي يخضع لها مقترف فظائع في دارفور، سواء في محكمة سودانية أو دولية.

وتدل المحاكمة على أن العدالة والمحاسبة يمكن تحقيقهما ولو بعد سنوات من وقوع الجرائم.

وأكد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على حق الضحايا في المشاركة في إجراءات التقاضي.

وقالت الممثلة القانونية للضحايا، ناتالي فون فيستينغهاوزن، في مرافعتها إن مشاركة الضحايا في هذه الحالة كانت من الأهمية بمكان لتوضيح أثر الجرائم على هؤلاء الضحايا وعلى عائلاتهم وعلى مجتمع الفور بشكل أعمّ”، ولتوضيح كيف تغيرت أوضاع هؤلاء الأفراد قبل وفي أثناء وبعد الفظائع التي شهدها إقليم دارفور في عامَي 2003 و2004.

كما علّقت ناتالي على تأثُّر عملية التواصل مع الضحايا المشاركين في إجراءات التقاضي بالصراع الدائر حاليا على السلطة بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية (المنبثقة عن الجنجويد) من جهة وقوات الجيش النظامي من جهة أخرى في السودان.

وبسبب العنف المتفاقم في دارفور، لم يتمكن اثنان من الضحايا المشاركين في إجراءات التقاضي، واللذان لا يزالان يعيشان في دارفور، (لم يتمكنا) من السفر والإدلاء بشهادتهما.

ولا يمكن الاستهانة بأثر الصراع المحتدم على الناجين من فظائع دارفور. وعلى الرغم من امتناع مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حتى الآن عن إصدار بيان بشأن الصراع الراهن، قالت الممثلة القانونية للضحايا ناتالي فون فيستينغهاوزن بوضوح إن الصراع الراهن على السلطة في السودان لا يمكن تناوُله بشكل منفصل عن الأحداث التي أدّت إلى محاكمة علي كوشيب.

وفي مرافعتها، ربطت ناتالي بين الصراع الراهن على السلطة في السودان وبين تاريخ من الإفلات من العقاب تمتّع به أولئك الذين أجرموا في دارفور.

وقارنت ناتالي بين إحصاءات القتلى ومعدلات النزوح جرّاء الصراع الراهن، وبين نظيراتها إبان الصراع الذي شهده إقليم دارفور قبل نحو عشرين عاما، قائلة إن “التاريخ يعيد نفسه فيما يبدو”، مع فارق أن الصراع الراهن يضرب السودان كله وليس قاصرا على دارفور.

كما أكدت الممثلة القانونية للضحايا أن عددا من الضحايا المشاركين في إجراءات التقاضي (الذين يبلغ عددهم حتى الآن 600 شخص) يؤمنون بأن العدالة والمحاسبة على الجرائم التاريخية في دارفور تعتبران أساسا لا غنى عنه للسلام الدائم في السودان.

وعليه، اقترحت ناتالي أن تنظر المحكمة الجنائية الدولية في مواصلة جمع الأدلة في أثناء الصراع الدائر على السلطة الآن، وذلك لاستخدام تلك الأدلة في محاكمات مستقبلية، كوسيلة لردع المزيد من الانتهاكات من ناحية، ولإعطاء الضحايا أملاً في محاسبة المجرمين في المستقبل من ناحية أخرى.

ولفت التقرير إلى أنه في ولاية غرب دارفور، تقوم ميليشيات على صلة بقوات الدعم السريع باستهداف أفراد من القبائل نفسها التي كانت تستهدفها قوات الجنجويد في عملية الإبادة الجماعية قبل نحو عشرين عاما.

ولقي الآلاف مصرعهم خلال الأسبوعين الماضيين في مدينة الجنينة وحدها.

وقالت منظمة ريدريس الحقوقية، بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين 2021، إن السودان سيظل يدور في حلقة مفرغة من الانقلابات والصراعات الدموية طالما ظل مجرموه طُلقاء دون محاسبة.

وعلى نحو ما يتضح من شهادات ضحايا علي كوشيب، لن يأتي السلام إلى السودان إلا في رِكاب العدالة، ولن تشرق شمس العدالة في السودان إلا مع انزياح ليل الإفلات من العقاب.

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات