تقارير

ديوان المظالم والمراجع العام.. هل من تضـارب في الإختصاصـات؟

تقرير: عثمان عوض السيد

أثار التقرير الذي قدمه رئيس ديوان المظالم العامة مولانا أحمد أبو زيد أمام البرلمان خلال الدورة البرلمانية المنصرمة جدلاً واسعاً، وما تزال اللجان المختصة بالمجلس الوطني تدرس فحوى التقرير من توصيات وملاحظات، بجانب المخالفات التي أوردها لثماني وحدات تم تفتيشها من قبل الديوان.
العودة للأضواء:
في الفترة الماضية سرت أنباء عن اتجاه لتعديل قانون ديوان المظالم ومراجعة مواده، إضافة لتكوين لجنة من البرلمان للنظر في عمل الديوان ومدى دستوريته، بجانب البت فيما إن كان يتضارب مع ديوان المراجع العام في بعض الاختصاصات أم لا.
فلاش باك:
بدا واضحاً أن ما رشح عن حديث حول عدم دستورية القانون جاء بعد الإثارة التي أحدثها التقرير التفصيلي لديوان المظالم وما حواه من معلومات، ما دفعه ليكون محط أنظار العديد من الجهات التي كانت تنظر لدوره كجهة تقوم بالنظر في الشكاوى فقط.
لكن بعدما تحصل الديوان على معلومات وثبتت تجاوزات في بعض المؤسسات، أصبح دوره كالرقيب على الجهات الحكومية متنازعاً في اختصاصات وصلاحيات ديوان المراجع العام، وخصوصا بعدما صرح رئيس الديوان لـ(السوداني) في وقت سابق (بأنه سيقوم بتفتيش كافة المؤسسات الحكومية)، وأنه مدعوم من قبل رئاسة الجمهورية فيما يقوم به من دور.
التقرير الذي أودعه مولانا أحمد أبو زيد على منضدة البرلمان حوى العديد من المخالفات وشبهة الفساد، والتي رفعت الدولة شعار مكافحته في برامجها ضمن صياغات برنامج إصلاح الدولة، لذا يذهب البعض إلى أن التعديل جاء لتحجيم اختصاصات قانون ديوان المظالم.
بوادر خلاف :
ديوان المظالم العامة أعلن رفضه لما ورد في وسائل الإعلام حول عدم دستورية قانون هيئة المظالم، وتضاربه مع ديوان المراجع العام في بعض الصلاحيات. وقالت مسؤولة الحسبة بالديوان، إحسان حسين بابكر، في تصريحات صحافية، إنها لا تستبعد لجوء ديوان المظالم لمخاطبة المحكمة الدستورية عبر رئاسة الجمهورية، للفصل في دستورية قانون الديوان، ومضت قائلة: (سنلجأ لذلك لو اضطررنا ونحن مشغولون بعملنا والقانون مجاز من قبل البرلمان المسؤول عن تعديل القوانين).
وانتقدت ما ورد حول عدم دستورية الديوان، مؤكدة أن المحكمة الدستورية هي الجهة المنوط بها الإفتاء في مدى دستوريته أو عدمها، وقالت (الما راضي بالكلام ده خليهو يمشي المحكمة).
فيما قال رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عبد الجليل عجبين لـ(السوداني)، إن هيئة المظالم موجودة بالدستور بموجب المادة 162 (2)، ولا يستطيع أي شخص أن يطعن في دستوريتها، وأضاف: (المشرع عندما وضع ديوان المظالم لم يضعه عبثاً)، لافتاً إلى أن ما ورد في الإعلام حول طعن دستوري بوجود تضارب في الاختصاصات بين الديوانَيْن: المراجع العام والمظالم ليس بالمعنى المفهوم، موضحاً أن ديوان المراجع العام يختص بالمسائل المحاسبية البحتة (المخالفات المالية). وقال عجبين إن ديوان المظالم يستحسن بعض الأشياء خلال مراجعته.
وأشار إلى أن هيئة المظالم معترف بها، ووجودها مهم بالدولة، وتقوم بالكشف عن القصور والفساد في المؤسسات العامة بجانب أنها تتحقق المظالم والحسبة بين الناس، وتابع: “هناك مظالم كثيرة جداً ردها ديوان المظالم لأهلها”.
حول تداخل الديوان:
سرت أنباء بحسب عدد من النواب بالبرلمان عن تقديم مذكرة بالطعن في عدم دستورية قانون المظالم، وعزوا ذلك لتضاربه مع ديوان المراجع العام في بعض الاختصاصات، التي أقر بها البعض فيما فندها ونفاها آخرون. وكشف عضو لجنة التشريع والعدل بالبرلمان، الصديق نقد الله، لـ(السوداني)، عن تشكيلهم لجنة من خمسة أعضاء للنظر حول عمل الديوان وتضاربه مع ديوان المراجع العام في بعض الصلاحيات، وهل ما يقوم به يتوافق مع ديوان المظالم أم لا؟ وقال نقد الله: “إن اللجنة قالت حتى إذا وُجد تضارب بالقانون يكون هنالك مقترح بتعديل القانون”، مشيراً إلى أن لجنته لم ترفع تقريرها بعد، بجانب نظر اللجنة المُشكَّلة في مدى دستوريته؟ وهل يتوافق مع القانون أم لا؟
وأشار رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عبد الجليل عجبين لـ(السوداني) إلى عدم وجود تضارب بين ديوانَيْ المراجع العام والمظالم في الصلاحيات، لافتاً إلى أن التضارب قد يكون في التحقيق الإداري الذي يقوم به الديوان للمؤسسات، الذي قد يخلق نوعا من التضارب بينه وبين المراجع العام -حسب قوله.
وسبق أن قال رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان، أحمد التيجاني، لـ(السوداني)، إن عملية المراجعة لا تعني تحجيم أو إلغاء قانون المظالم بقدر ما هي تدقيق في اختصاصات كل من (ديوان المظالم، والمراجع) حتى لا يحدث تضارب وتعارض فيها، وأضاف أن المهم في التشريعات أن تقوم بغرض محدد، مشيراً إلى أن مراجعة القانون قد تفضي إلى تعديل أو عكس ذلك، وأكد أن الجهة التشريعية الأعلى التي تقوم بتعديل القوانين والنظر فيها هي المجلس الوطني، وقال إن الكلام عن تحجيمه أو الانتقاص في مهامه سابق لأوانه وبعد النظر يُحدد ما هو الاتجاه لنصوص القانون المحدد، وأوضح أن ديوان المظالم وفقاً للدستور لديه اختصاصات منصوص عليها في الدستور، وأيضاً ديوان المراجع منصوص عليه في الدستور ولكلٍّ اختصاصاته.

مقالات ذات صلة