تقارير

واشنطن ضحّت بنفوذها الاقتصادي بلا مقابل ملموس عندما رفعت العقوبات عن نظام البشير__تقرير

واشنطن – صوت الهامش

رأى تقرير نشره موقع (ديفنس وان) الإخباري الأمريكي، أن رفع العقوبات عن نظام البشير، يفسح الطريق أمام الأخير لزرع الاضطرابات في منطقة تنفق الولايات المتحدة وحلفاؤها مليارات الدولارات لتحقيق الاستقرار فيها.

وقال التقرير إنه ومن بين التحولات الكثيرة وغير المتوقعة في السياسة الخارجية الأمريكية جاء هذا التقارب الأخير مع نظام البشير، حيث تم اختزال عقوبات اقتصادية دامت طويلا على هذا النظام إلى أنصاف تدابير ووعود بسلوكيات حسنة.

ونبه التقرير إلى أن رفع العقوبات يترك إدارة الرئيس الأمريكي ترامب خالية الوفاض من النفوذ التي تحتاجه لضمان التزام نظام البشير بتنفيذ اتفاقه.

وشدد التقرير على أن الطريق الذي بدأته إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لتخفيف العقوبات ومن ثم رفعها كان مشروطا باتفاق عبارة عن عملية ذات مسارات خمسة تضمنت: البدء في تفاوض لإنهاء الصراعات المحتدمة في دارفور وجنوب كردفان؛ والسماح بوصول عمال المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة.

وكجزء من العملية، حظي نظام البشير بتخفيف مؤقت للعقوبات في يناير 2017، واستغل استطاعته الوصول مجددًا لعالم المال والأعمال في الولايات المتحدة ودفع لشركة محاماة تدعى “سكوير باتون بوغز” مبلغ 40 ألف دولار شهريا للضغط على إدارة ترامب لصالحه.

وعلى ظن الاقتناعٍ بأن السودان قد لبّى متطلبات العملية الخماسية المسارات، فإن إدارة ترامب أعلنتْ رسميا رفع العقوبات عنه في أكتوبر الماضي.

لكن، في وجه كافة المزاعم بأن السودان اليوم، وعلى حد تعبير أحد المسؤولين بالأمم المتحدة هو “دولة مختلفة” فإن هذه المزاعم عارية تماما من الصحة؛ ذلك أن التزام السودان واقعيا بعملية المسارات الخمسة كانت دائما محل تساؤل:

وعلى سبيل المثال، ما يتعلق بمسار التفاوض مع جماعات المعارضة المسلحة في دارفور وجنوب كردفان، فعندما بدأت عملية المسارات الخمسة عام 2016، كان النظام السوداني يشن عدوانا ضد هؤلاء المسلحين المعارضين في دارفور، وبدلا من تحميل المسؤولية على نظام البشير، زعمت الخارجية الأمريكية بأن العدوان كان قد بدأ قبل زمن إبرام الاتفاق!

وتابع التقرير بالقول إنه وحتى بعدما تم افتراض أن الأعمال العدائية توقفت، فإن ما حدث حقيقة ليس سوى أن العمليات العسكرية السودانية النظامية قد اتخذت شكلا ونظاما جديدا عبر استخدام ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة في ثوب وتحت اسم جديد هو “قوات الدعم السريع”، كما تغير اسم مهام هذه الميليشيا من مكافحة التمرد العنيف إلى “عمليات نزع السلاح” وبدعمٍ هذه المرة من بعثة الأمم المتحدة في المنطقة.

وأكد التقرير في هذا الصدد أن أنشطة نزْع السلاح من طرف دون الآخر لا تُسهم في تحقيق الاستقرار بدارفور، بل إنها تقوض رغبة الولايات المتحدة المعلَنة في تسوية سياسية عندما تضع السلاح بشكل مباشر في أيدي ميليشيات.

على صعيد آخر، رصد التقرير، فشل حكومة السودان في تمكين وصول عمال الإغاثة الإنسانية إلى الحد المطلوب بموجب العملية الخماسية المسارات؛ وبينما تم فتح أجزاء من دارفور لجماعات الإغاثة، إلا أن معظم الإقليم لا يزال مغلقا، ولا تزال كل المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في الجنوب مقفلة أمام جماعات الإغاثة.

فضلا عن أن الدخول هو أكثر صعوبة أمام الجماعات غير الإنسانية في ظل استمرار رفض حكومة السودان إصدار تأشيرات دخول لمسؤولي الأمم المتحدة وحظرها قوات الأمم المتحدة من السفر إلى مناطق تمّ فتْحها حديثًا.

وحذر التقرير من أنه إذا كان التزام السودان المؤقت فيما يتعلق بتصعيد صراعات دامية هو نتيجة لما تعانيه الدولة من أزمة اقتصادية، فإن تخفيف العقوبات ورفعها وانتعاش الاقتصاد كفيل بتشجيع نظام البشير على تصعيد هجماته الدامية.

ورأى التقرير أن الولايات المتحدة لم تربح ما يمكن الإشارة إليه من تقاربها مع نظام البشير، فيما كسب الأخير الكثير من استطاعته الوصول إلى المصارف الأمريكية وتحويل جنيهاته إلى دولارات.

وأكد التقرير على حاجة إدارة ترامب إلى إخضاع نظام البشير للمساءلة. وأن ضعف تنفيذ عملية المسارات الخمسة قد أدى إلى عدم التزام الخرطوم ببنودها. وأنه وعبر رفع العقوبات، فإن الولايات المتحدة قد ضحّتْ بنفوذها الاقتصادي بلا مقابل ملموس.

ورأى التقرير أنه وحال استمرار نظام البشير في تغليب مصالحه الاستراتيجية على بنود عملية المسارات الخمسة، فإن واشنطن قد تجد نفسها مضطرة إلى الدخول في عملية مطولة من إعادة فرض عقوبات في ظل أزمات سياسية تعج بها منطقة الشرق الأوسط وشبه الجزية الكورية وبحر الصين الجنوبي.

مقالات ذات صلة