تقارير

العقوبات لم تضر نظام البشير القمعي بل ساعدته!!__تقرير

واشنطن – صوت الهامش

قال تقرير نشرته مجلة )فورين بوليسي( الأمريكية إن العقوبات ضد السودان لم تضرّ نظام البشير القمعي؛ بل إنها على العكس ساعدته.

ونبه التقرير إلى أن إنهاء العزل الاقتصادي لم يؤت ثماره المرجوة كما لم يتمخض عن مزيد من الحرية؛ على العكس إن نظام البشير لا يزال قويا بينما الإنسان السوداني العادي يعاني.

ولفت إلى نفاد ماكينات الصرف الآلي للنقود في العاصمة السودانية من الأموال بعد 9 أشهر من القرار الأمريكي رفْع العقوبات الاقتصادية عن كاهل السودان.

وخلال شهر رمضان وتحت وطأة حرارة الشمس والصيام اصطف السودانيون في طوابير طويلة للحصول على النقد … باختصار: لقد تعطل نظام البيئة الاقتصادية في السودان.

ونوه التقريرعن أن السودانيين، إبان اتخاذ قرار رفع العقوبات التي استمرت زهاء عشرين عاما، كانت لديهم آمال مرتفعة حيث ظنوا أنهم يزيحون عن كاهلهم نيّر العزل الاقتصادي الطويل وتطلعوا لعودة التكامل مع المجتمع العالمي.

لكن بعد تسعة أشهر، وبفضل خليط سامّ تعانيه الدولة من تبذير وفساد وغياب للاستثمار الأجنبي أو المساعدات، بفضل ذلك بات السودان على شفا الانهيار.

ونبه التقرير إلى أن سنوات الازدهار النفطي التي امتدت من 2005 إلى 2010 انتهت بخسارة عائدات النفط مع انفصال الجنوب عام 2011. ثم تضاعفت هذه الخسارة عندما ضاعت خطط تقاسُم العائدات مع حكومة الجنوب عندما انزلق هذا الجنوب إلى أتون حرب أهلية. ولم تكن هنالك خطة بديلة لدى حكومة السودان.

ونتيجة لذلك، ساد نقصٌ في الاحتياطات الأجنبية. وقد زاد الطين بلة عدم قدرة النظام المصرفي السوداني على التداول بالدولار الأمريكي ما جعل السوق السوداء تتغوّل حتى امتصت السيولة من النظام المصرفي الرسمي.

وبات ارتفاع الأسعار دراماتيكيا؛ حتى أنها تتغير كل ساعة. أما الجنيه السوداني، فبعد انتعاشة لحظية فور رفع العقوبات، بدأ في مسيرة الهبوط الحاد ولازم تقلبّ الحال منذ ذلك الحين.

وفي يناير الماضي، رفعت الحكومة الدعم عن السلع الأساسية، ما أشعل تظاهرات سقط فيها الكثير من السودانيين.

وأكد التقرير أن المعاناة الاقتصادية التي اتضحت آثارها منذ أكتوبر الماضي، هي نتيجة فساد الحكومة السودانية من جانب، وقِصَر نظر سياسة العواصم الغربية التي لم تستشرف كيف ستضر العقوبات الإنسان السوداني العادي أكثر مما ستضرر الذين يحكمونه؛ كما عجزت هذه السياسة الغربية عن توقّع التحديات الاقتصادية لما بعد مرحلة العقوبات.

ونبه التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) إلى أن النوايا الحسنة وراء فرض العقوبات عامة ما تعمل في اتجاه واحد هو معاقبة أو إضعاف جانب النظام المارق؛ ونادرا ما تُستخدم في إعادة تأهيل ذلك النظام لتخفيف معاناة شعبه الواقع تحت حكمه حال رفع العقوبات.

إن تلك السياسة كفيلة بأن تؤتي نتائج عكسية؛ إذ قد تؤول العقوبات إلى غطاء لتلك الحكومات المراد معاقبتها، كما حدث في السودان؛ حيث تم تمكين نظام البشير ضد المعارضين المحليين والضحايا ممن كانت العقوبات تستهدف حمايتهم بالأساس.

ونبه إلى أن العقوبات على السودان افتقرت إلى عناصر ضرورية لكي تؤتي ثمارها المرجوة؛ فكون العلاقات أمريكية فهي لم تخضع لرقابة واسعة النطاق بحيث تضرّ نظام البشير، كما أنها لم تمنع دولا كالصين أو دولا أفريقية أو دول الخليج من التعامل الاقتصادي مع نظام البشير. كما لم تعمل هذه العقوبات على تمكين المعارضة المحلية والمجتمع المدني والأحزاب المعارضة.

وهكذا، فإن الحكومات الشمولية كما هو الحال في السودان عادة ما تكون محصنة ضد آثار هذه العقوبات، لأن منتقدي تلك الحكومات تعرضوا للإضعاف.

ورأى التقرير أن النظام الاقتصادي في السودان، على مدار سنوات طويلة من الانفصال عن النظام الاقتصادي العالمي، قد باتت آلياته وقواعد تشغيله تختلف عن تلك التي يعمل بها النظام العالمي بحيث أصبح من المستحيل على النظام المصرفي السوداني التكامل مرة أخرى مع الشبكات المصرفية العالمية.

ورأى التقرير أن قرار رفع العقوبات الذي طال انتظاره قد ازاد الأمور سوءًا؛ ذلك أن الشركات السودانية ورجال الأعمال شرعوا فور صدور القرار في السفر للخارج لتدشين أعمال جديدة وقد أدى ذلك إلى تدني قيمة الجنيه السوداني نتيجة لارتفاع الطلب على العملة الصعبة، ولم يقابل هذا الطلب تدفقًا مناسبًا من الاستثمار.

وأكد التقرير أن العقوبات التي كانت مفروضة على السودان لم تكن أبدا متسقة مع هدفها المنشود وهو تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد؛ وإنما تم تطبيقها لحفظ ماء وجه المجتمع الدولي بعد ما بدأت أدلة على ارتكاب جرائم في دارفور في الظهور على السطح عام 2005.

وبدلا من إيقاف انتهاكات الحكومة السودانية ضد شعبها، أثرت العقوبات على اقتصاد البلد ولوته لصالح الحكومة بينما الشعب السوداني يعاني .. لقد تعايش هذا الشعب طويلا على شفير الهاوية؛ لكنه الآن يعالج السقوط.

مقالات ذات صلة