مقالات وآراء

انفضت مائدة الشياطين لوليمة اقتسام الكيكة البايتة منذ اكثر من 27 سنة .

محمود جودات

انفضت مائدة الشياطين لوليمة اقتسام الكيكة البايتة منذ اكثر من 27 سنة .
كثير من السودانيين كانوا على ثقة بأنه لن يحدث تغيير فيما جرى من حراك سياسي من مبادرات انتهت بتكوين حكومة سميت زيفاً حكومة الوفاق الوطني وهي في الاصل لا علاقة لها بالوفاق الوطني بل غالبية الشعب السوداني لم يكن ينتظر من كل المسرحية التي الفها نظام المؤتمر الوطني اي منفعة تعود إليه، المسرحية بايخة وطويلة مملة ولقد تعمد النظام أن تكون بهذا الوصف لأنه يشتري الوقت عن طريق اختلاق مثل هذه المبادرات التي تحتوي على جرعات مخدرة للشعب وتشتيت جهود معارضيه والمسرحية التي قام النظام بتوزيع ادوارها للممثلين ليقوم كل ممثل بأداء الدور المنوط به على خشبة مسرح يكاد لا يقف على أرضيته إلا ذوي الاربع خديعة للشعب ونص المسرحية ألفها جهابذة الإجرام السياسي والاستهبال الممنهج وجعلها من عدة فصول وكل فصل منها كان يحدث عن نفسه بالفشل لأن المشاهد فيها كانت مشوهة لدرجة مقذذة على الرغم من براعة بعض الممثلين الذين اعتلوا خشبة المسرح وقاموا بادوارهم على اكمل وجه إلا انها لم تكن مقنعة حتى تسعد جمهور المشاهدين لأنها كانت تحمل الابعاد الثلاثة الخديعة الذكية / والمنطق المتماهي مع الزمن/ والهدف وهو الابقاء على السيطرة التحكم ، المسرحية فيها رتابة جعلت اكثرية الحضور يغض في النوم العميق نتيجة للمخدر ومن الجمهور من كان يفجعه تصفيق المشجعين الذين يترقبون موعد العشاء لإشباع جوعهم ونهمهم للتمتع بنعم الحياة تلك كانت مسرحية بايخة صرف فيها المال والجهد لو ان ما صرف فيها صرف فيما ينفع الناس لكفى الله المؤمنين شر القتال.
خطاب البشير للشعب السوداني في 27/ 1/ 20144م كان بداية كتابة فصول المسرحية البايخة اتت بمشروع الوثبة والوثبة يظهر في منطوقها اللغوي يحتمل إنها كلمة خرجت من قاموس السيد الصادق المهدي حكيم النظام ومخطط المبادرات وهو السوداني الوحيد الذي يجيد استخدام مثل هذه المفردات اللغوية في خطبه السياسية فأن نداء الوثبة كان ضربة البداية لتدشين المرحلة الجديد لرئاسة السودان وعمل مرتب بهدف السيطرة على الحكم في السودان لأطول مدة ممكن ولقد اعلن فيه اربعة مرتكزات اولها السلام الذي سقط ولم يتحقق ولن يتحقق مادام هذا النظام قائما فهو ما يزال يستورد الاسلحة الفتاكة ويعزز قدراته العسكرية لمواصلة حربه الإبادية ضد شعوب الهامش ولقد بداء بالتهديد والوعيد لهم مستخدمة تمجيد قوات الدعم السريع لتخويف الثوار مما يعني لم يتغيير شيئا، وثانيهما الحرية السياسية اي بسط الحرية السياسية لكل من يريد وكذلك لم تتحقق وظلت اجهزة الأمن تلاحق المواطن وتزج بهم في السجون يقبعون فيها كالمجرمين إلى يومنا هذا إذن ليس هناك حرية ولا عدالة وثالثهما الخروج بالمجتمع من الضعف والفقر وذلك لم يتحقق بل نزل الشعب السودان تحت الصفر بمئة درجة فراجعوا قيمة الجنيه السوداني قبل نداء الوثبة كان بكم ولآن اصبح بكم ، رابعهما انعاش الهوية السودانية لا ندري تحديدا ما معنى انعاش الهوية السودانية لأنها عبارة مموهة لكن سرعان ما يتبادر إلى الذهن أن الهوية كانها مريض في غرفة إنعاش بمستشفى ولكن على يبدوا كان يقصد تعزيز الهوية العربية وتغليبها وهذا ما ركز عليه النظام باستمرار واصبحت في قمة سياساته العنصرية الممنهجة التي اتخذت من حرب الابادة مسلكا ضروريا لتصفية السودان من بقية مواطنيه الاصليين الافارقة لإنعاش الهوية العربية المغمورة في وحل افريقية حسب فكره المريض.
أما بقية المرتكزات الثلاثة لم بنفذ منها شيئا قط لأن النظام أراد ان ينفذها على يديه وبطريقته هو بدون تدخل او مشاركة اي طرف فيها معه ولقد نجح فعلا في قيادة الشعب السوداني عبر طريق وعر طويل وتهاليز مظلمة مليئة بالافاعي والعقارب وجميع انواع العذاب وظلت المعارضة في حالة تردد مريب ومن الجانب الاخر كان قد نشطت الحركات المسلحة وتحالفت فيما بينهم وانتجت الجبهة الثورة التي قوامها جيش يفوق الجيش السوداني وارتعد النظام في الخرطوم خوفاً والذي كان النظام يعتمد في حربه ضد تلك الحركات الثورية المسلحة على مجموعات من المليشيات ليس لهم عقيدة قتالية محفزة مما جعلهم عرضة لهزائم نكرا اما تلك لامجموعات الثورية وكبد نظام المؤتمر الوطني خسائر فادحة جعلت النظام وبحنكة عن طريق مهندسيه ابتدار وتخليق نسخة معدلة من الوثبة في ثوب المعارضة وحلفاء النظام اسموها نداء السودان وهذه النسخة المعدلة كانت سريعة وقوية المفعول حيث استطاعت ان تجمع اعداد كبيرة من المعارضة المتناثرة تحت مظلتها وطوعتها لتغيير لغة خطابها السياسي ليصبح لينا طريا وفيه غزل لوجه الحكومة المليح حسب المعطيات والوعود المنتظرة بعد المدح والتقرب للنظام وفعلا اسقطت الاحزاب جلها الشعارات المعادية للنظام وبل راح بعضها ينخرط مباشرة في صفوف النظام ويحمل في جيبيه بطاقتين لحزبين مختلفين بمعنى أن عملية هضم المعارضة في وعاء حكومة المؤتمر الوطني تمت بطريقة ذكية وهنا يكمن الفرق في النضال بين المجموعات الثورية المسلحة والأحزاب المدنية المعارضة بمختلف مسمياتها التي غاية مرادها الحصول على جزء من كيكة الحكم والجلوس على كرسي في القصر الرئاسي في الخرطوم فيما تناضل الحركات المسلحة وعلى رأسهم الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان من اجل تغيير طريقة حكم السودان الذين يعتمد على توريث الحكم بين ابناء الصفوة في المركز إلى كيف يحكم السودان لبسط العدال والمساواة بين جميع مكوناته بدون عنصرية اوجهوية ومحسوبية.
ونعود إلى نداء السودان الذي استطاع وبطريقة دراماتيكية ممنهجة احتواء معظم المعارضة في شكل تحالفات وادخالها في فلك المؤتمر الوطني جملة واحدة عن طريق خارطة الطريقة اي العربة الاخيرة من قطار نقل المعارضة من محطة العمل الثوري المشترك والتزاوج السياسي والعسكري إلى ورشة التفكيك والتذويب ونجح ذلك بقيادة السيد الصادق المهدي واستطاع نداء السودان اخضاع بعض الحركات المسلحة في عملية مشبوهة فتورطت ووقعت على خارطة الطريقة التي هي في الاصل مرسوم حكومي تمت صياغتها على يد حكومة المؤتمر الوطني ومن ضمن الحركات التي وقعت هي الحركة الشعبية – شمال التي كادت أن تغرق في مستنقع الحوار الوطني لو لا يقظة بعض قياداتها التي اكتشفت الخديعة ثم امتنعت عن التواصل وقفذت من القطار ولأن حكومة المؤتمر الوطني لن تلتزم بما يتم الاتفاق عليه ولا تفي بالعهود لذلك انسحبت من مضمار السباق إلى الخرطوم .
بهذه السياسات الخادعة اصبحت حكومة المؤتمر الوطني في الموقف القوي نظريا لأنها استطاعت بالخديعة ان توهم الشعب السوداني وجعله ينتظر طيلة ثلاثة سنوات يترقب التغيير وفي الاخر تطلع الفولة طبج ( فارغة ) كما استطاع نظام المؤتمر الوطني وبعد الإنبطاح والتسليم للحكومة الامريكية وللغرب عموما كما درج يوهم العالم الخارجي والمستفيدين من وجوده على سدة الحكم في السودان وعبر اكاذيب سفراءه ومندوبيه المنتشرين بأبواقه بانه يقوم بعمل وطني كبير يحقق به السلام والامن والاستقرار والتنمية ولكنه في الواقع والحقيقة غير ذلك فالنظام لم يجري اي تغييرا ايجابيا في السودان منذ 27 عاما غير الدمار والخراب والدليل على ذلك ما تمخضت به مخرجات نداء الوثبة ، فالبشير دائما يقدم لإصدقائه الصورة مقلوبة عن السودان فيراها العالم على لسانه الكذوب حقيقة لأنهم لم يعتادوا أن يروا رئيسا كذاب ومنافق .
النظام لا يكن ولا يمل من اختلاق المبادرات وخصوصا بعد ان تمكن من توسيع مواعينه باستيعاب جيش من اصحاب المصالح لأن أي مواطن شريف لا يمكن ان يضع يده بيد هذه الحكومة التي تقتل شعبها وتشرد الملايين منهم وتحاصر البقية في المدن مهددين بالمليشيات والمرتزقة ولا اعتقد ان مخرجات الحوار الوطني وتشكيل الحكومة العريضة من الجيش الجرار من الوزراء والحكام ولأن القادمين فيها الجدد تكميل عدد للقاعدين فيها من الأوائل وليس منهم من سيقدم للشعب خيرا وهذه العملية ليست النهاية لأنها لم تأتي بجديد ولكن المرجح لم يعد لحكومة الكيزان عذرا يتقبله الشعب السوداني بعد فداحة هذا الفشل الذي سيزيد من معناة الشعب السوداني وسوف يثور الشعب ايضا ووقتها تقوم الحكومة باختلاق مبادرة جديدة وهكذا ندور في حلقة مفرغة كسرها فقط هو قيام ثورة الخلاص وانها وجود هذا النظام الدكتاتوري وإقتلاعه من جذوره وانها معاناة الشعب السوداني .

مقالات ذات صلة