مقالات وآراء

الضوء المظلم؛ هل يتمكن حزب الحركة الترابية من الإلتفاف على المحكمة الجنائية بالتنازل عن دعم الإرهاب؟؟

إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين

المحكمة الجنائية الدولية غير ملزمة بكشف التفاصيل المتعلقة بطبيعة عملها في جمع الأدلة وتحديد مسؤولية المتهمين بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور ولا تقع على عاتقها مسؤولية حماية المدنيين ولا تملك أيضاً آلية لتنفيذ اعتقال المجرمين، ولكن من صميم واجباتها مخولة من قبل مجلس الأمن الدولي للتحقيق عن الوضع في دارفور ومحاسبة المتورطين في ارتكاب انتهاكات وفظائع ضد المدنيين ويشمل ذلك كل أطراف الصراع بما فيها الحركات المسلحة.

أصبح هزيمة المحكمة الجنائية الدولية الشغل الشاغل للنظام والكابوس الذي يقض مضاجع رموزه، فالنظام الابادي في الخرطوم لم ولن يدخر جهدا في محاولاته الحثيثة للالتفاف حول قرارات المحكمة والتخلص من ورطة مذكرات الاعتقال الصادرة بحق احمد هرون وكوشيب والفريق عبدالرحيم محمد حسين فضلا عن الجنرال عمر البشير.

ويؤكد تفادي المسؤولين الغربيين لقاء البشير المطلوب في لاهاي حقيقة عدم جدوى شطب السودان من الأنظمة الداعمة للإرهاب في ظل تقييد حركة رأس النظام والابقاء على سيف الجنائية مسلطا على رقبته يلوح به المجتمع الدولي بين الفينة والأخرى مهددا النظام بفرض عقوبات.

الإرهاب الحقيقي والذي يجب ان يتوقف النظام العنصري عن دعمه هو حملة الابادة والتصفية العرقية التي تشنها مليشيات الجمجويت ضد القروين الأفارقة، استمرار حرق وتدمير المزارع والقرى منذ عام 2003ف المصاحب لعملية تهجير السكان الأصليين وتوطين القبائل العربية، محاولة تقنين وجود مليشيات الجمجويت ودمجها في القوات النظامية تحت مسمى الدعم السريع.

وبقدر قادر تحولت أميركا وروسيا اللتان تعتبران من الد أعداء ثورة الإنقاذ في عهدها الجهادي التي قاتلت فيها بضراوة، الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب، إلى أصدق اصدقاء الغرب الذي اشترط على الإنقاذ الردة والتراجع عن منهجه ومبادئها الإسلامية، مقابل رفع العقوبات وازالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ويتمظهر ذلك في موافقة الولايات المتحدة السريعة في رفع العقوبات عن الخرطوم، ويوحي أيضاً بان الأخير قدم تنازلات كبيرة في مايتعلق بمكافحة الإرهاب.

بعد كل الهرج والمرج والضجيح الذي صاحب مسيرة حزب المؤتمر الوطني منذ سطا على السلطة في 30 جونيه 1989ف لم نتوقع البتة ان يتنكر الحزب الإسلامي لمبادئه المقدسة وينقلب رأسا على عقب بين ليلة وضحاحها باللهث وراء المصالح ومساومة الدين بالسلطة من أجل حماية الرئيس من ملاحقة المحكمة التي لن يفلت منه، الجرائم الجنائية قانونا لن تسقط بالتقادم كما ان هناك حد فاصل بين المسار القانوني والعملية السياسية للأزمة السودانية.

وأخيرا ارتدت الحركة الإسلامية السلفية عن دينها وفشلت فشلا ذريعا في تطبيق الشريعة الإسلامية التي جاءت من اجلها وما لبثت ثورة الدراويش حتى إنقلبت على بارعها ومؤسسها الذي نفى أية صلة له بالانقلاب فذهب إلى السجن حبيسا، وانتهى المشروع الحضاري بعد فصل الجنوب وتشرييد وابادة ملايين السودانيين إلى بطن وجيب وفرج فيما تلاحق المحكمة الجنائية زعيمها القاتل الجنرال الهارب عمر حسن احمد البشير على خلفية تهم تتعلق بجرائم حرب وابادة وجرائم ضد الإنسانية لاتسقط بالتقادم.

دشنت ثورة الإنقاذ الوطني مشروعها الحضاري العنصري بالارهاب والهتاف الهستيري المشحون بالعواطف والاوهام، استغلت الدين لخداع البسطاء وحشرهم في حرب عبثية مقدسة لا ناقة لهم فيها ولاجمل، تسابق إليها الموهومين ظنا منهم للظفر بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمجاهدين والمتقين للتمتع بمضاجعة الحور وشرب الخمر. وكان من شعاراتهم الجوفاء في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده فليعد للدين عزه او ترق منا الدماء او ترق منهم دماء او ترق كل الدماء. ولكن نكصت الإنقاذ عن عهدها وتخلت عن مبادئها الإرهابية معصية بربها وارضاءا لامريكا والغرب الذي دنا عذابه ولا هي لله ولايحزنون بل من أجل السلطة والمصلحة والجاح.

مقالات ذات صلة