الأخبار

باحثة: غضّ الطرف عن أسلحة كيماوية – هل من أحد يحقق فيما جرى بـ درافور؟

واشنطن : صوت الهامش

نشر مركز جورج تاون للدارسات الأمنية مقالا للباحثة فارناز أليمهري، عما قالت إنه استخدام للأسلحة الكيماوية في منطقة دارفور لم يتلفت إليه المجتمع الدولي.
ورصدت الباحثة ارتفاعا مقلقا على مدار العقد المنصرم في استخدام الأسلحة الكيماوية من جانب أطراف دولية وغير دولية، وبينما تحرك المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإدانة استخدام تلك الأسلحة في سوريا والعراق، إلا أن إحدى أخطر اتهاماتٍ باستخدام تلك الأسلحة من جانب دولةٍ لا تزال بغير تحقيق.
وأوضحت أنه في الـ 299 من سبتمبر الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا مفصلا حول استخدام أسلحة كيماوية في جبل مرة -سلسلة من القمم البركانية وسط دارفور- وتضمن التقرير دليلا تفصيليا لما لا يقل عن 30 هجوما كيماويا يحتمل وقوف الحكومة السودانية وراءها؛ غير أن الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم ترسلا بعدُ محققين لتقصّي ما حدث على الأرض.
ويقول التقرير، بحسب الباحثة، إن عمليات قصف جوي وصواريخ استهدفت مدنيين دونما تمييز في منطقة جبل مرة، ونتج عن ذلك تكوّن دخان أزرق غامق له رائحة كريهة كرائحة “البيض الفاسد” وتغطت المسطحات بغبار أسود كثيف؛ وقال الضحايا من القرويين الذين تعرضوا للدخان إن “جلدهم تحول إلى اللون الأبيض وأصبح فاسدا أو صلبا قبل أن يسقط قِطعا قِطعا”، فيما ظهرت على البعض أعراض أخرى كالقيء الدموي والإسهال وصعوبة التنفس وفقدان الرؤية.
ورجح التقرير أن تكون الأسلحة المستخدمة تضمنت محفزات على تكوين البثور كالمبيدات لكن الأعراض تشير إلى محفزات قيء ربما تكون قد استُخدمت؛ وقد جمعت منظمة العفو الدولية الدليل عن بُعْد مستخدمة صورا تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية وما يزيد عن 200 مقابلة متخصصة وتحليلات خبراء من أجل إصدار التقرير؛ ذلك أن الحكومة لا تسمح لأي صحافيين أو استقصائيين دوليين بالدخول للمنطقة، دافعة بأن (أخبار) الهجمات ليست سوى مجرد “شائعات” .
ونوهت الباحثة عن أنه على الرغم من أن السودان قد وقّع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية والتي تُحرّم استخدام وامتلاك وتطوير الأسلحة الكيماوية، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الحكومة السودانية اتهامات باستخدام تلك الأسلحة؛ ففي أكتوبر 2016 قالت شبكة المعلومات الإقليمية المتكاملة إن النظام في الخرطوم استخدم أسلحة كيماوية في جبال النوبة؛ وفي الـ 15 من سبتمبر 2004 أفادت تقارير بأن النظام في الخرطوم استخدم أسلحة كيماوية ضد مدنيين في دارفور؛ وفي عام 2000 تعرفت منظمة أطباء بلا حدود على آثار استخدام قنابل عنقودية وقنابل تحتوي على مواد كيماوية أثناء قصْف الخرطوم للمستشفيات المدنية في وسط الاستوائية (جنوب السودان الآن)؛ كما تشير تقارير تعود إلى عام 1995 إلى أن القوات المسلحة السودانية قد استخدمت قنابل تحتوي على غاز الخردل ضد جيش التحرير الشعبي السوداني في مناسبتين على الأقل.
وتساءلت الباحثة عن كيفية حصول النظام السوداني على الأسلحة الكيماوية؟ مشيرة إلى أنه وبحسب لجنة مجلس النواب الأمريكي المختصة بالإرهاب والحرب غير التقليدية، فإن نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق طارق عزيز كان قد طلب وحصل على موافقة الرئيس السوداني عمر البشير بنقل أسلحة العراق الكيماوية إلى السودان في مارس/ابريل 1991 بهدف الحيلولة دون تدمير تلك الأسلحة أثناء عمليات تفتيش الأمم المتحدة في صيف 1991، ووافق العراق على تزويد السودان بمساعدات مالية مقابل السماح بالنقل وفيما بعد بتطوير واختبار عناصر الأسلحة الكيماوية.
وكشف تقرير غير سرّي للاستخبارات الأمريكية الـ “سي آي أيه” عام 20011 عن أن السودان قد طور قدرته على إنتاج أسلحة كيماوية على مدى سنوات بحثا عن إمكانات أقدم وأقل تكلفة بما يميزه نسبيا على أنظمة أسلحة خصومه المجاورين؛ وبعد سنوات من التعاون مع العراق، لابد أن السودان قد عزز امتلاكه لأسلحة كيماوية بدائية؛ وفي نوفمبر 1997، هددت الدولة بشكل رسمي أوغندا بتوجيه ضربات كيماوية إذا هي استمرت في دعم المتمردين الجنوبيين ( الآن جنوب السودان)؛ وفي السنة التالية قصفت الولايات المتحدة مصنعا دوائيا، “شفا للصناعات الدوائية” بعد ما كشفت عينات من التربة عن وجود غاز الأعصاب، الذي ليس له استخدام صناعي؛ ولم يكن هذا هو المنشأة الوحيدة المُعتقَد استخدامها لإنتاج الأسحة الكيماوية، وإنما كان المنشأة التي امتلكت الولايات المتحدة أكثر الأدلة المُدينة لها.

ورأت الباحثة أن السودان يحتاج إلى التحقيق؛ قائلة إن الدليل الذي يقدمه تقرير منظمة العفو الدولية جنبا إلى جنب مع الماضي السيء لحكومة السودان يشيران إلى احتمالية وقوع انتهاكات للقانون الدولي؛ وثمة أكثر من دليل لتدشين عملية تفتيش من جانب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في السودان، ويتعين على الدول الأعضاء بالمنظمة الدفع صوب إجراء تفتيش في السودان إن لم يكن من أجل شعب دارفور، فليكن من أجل المعاهدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تجازف بخسارة مصداقيتها بعد الفشل في تدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا عام 2014.
وقالت الباحثة إن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قد تعهدا بالفعل بحماية المدنيين في دارفور عبر عملياتهما المختلطة، غير أن الحكومة السودانية رفضت وصول البعثة المنوطة بذلك إلى المناطق المنكوبة رغم التفويض مسبقا بحرية الحركة الكاملة عبر دارفور لتوفير الحماية وتقديم المساعدات الإنسانية… إن ضحايا الهجمات المزعومة ليس لديهم لوازم طبية لعلاج جروحهم ومن ثمّ يستخدمون خليطا من الملح والكلس والأعشاب المحلية لمعالجة حروق كيماوية؛ ويجب على الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ممارسة ضغوط على الحكومة السودانية للسماح بتوفير اللوازم الطبية لعلاج المتضررين من الهجمات والتقصّي بشأن التقارير الواردة من المدنيين في جبل مرة…. إن دارفور تعايش حربا منذ 14 عاما شردت نحو ثلاثة ملايين إنسان منذ بدء الصراع – لقد آن أوان التحرك منذ فترة.

مقالات ذات صلة