كاريكاتير

لمصلحة من يحاول الإنتهازيون و الوصوليون إغتيال شخصية ذو النون؟؟؟

عبير المجمر (سويكت)

محاولات إغتيال الشخصية لمدعي المعارضة و المعرفة المهنية.

قيل كان لعبد الله بن الزبير أرض متاخمة لأرض معاوية بن أبي سفيان، قد جعل فيها عبيداً له من الزنوج يعمرونها، فدخلوا على أرض عبدالله، فكتب إلى معاوية :أما بعد يا معاوية فأمنع عبدانك من الدخول في أرضى و إلا كان لي و لك شأن.

فلما وقف معاوية على الكتاب “كان ان ذاك أمير المؤمنين دفعه إلى ابنه يزيد، فلما قرأه قال له :يا بني ما ترى؟ قال :” أرى أن تنفذ إليه جيشاً أوله عنده و آخره عندك، يأتوك برأسه، قال أو خير من ذلك يا بني، على بدواة و قرطاس و كتب :”وقفت على كتاب إبن حواري رسول الله، و ساءني ما ساءه، و الدنيا بأسرها عندي هينة في جنب رضاه، و قد كتبت له على نفسي صكاً بالأرض و العبدان، و أشهدت على فيه، فليستضفها مع عبدانها إلى أرضه و عبيده و السلام”.

فلما وقف عبدالله على كتاب معاوية كتب إليه :”وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه فلا عدم الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل و السلام “.

و لما وقف معاوية على كتاب عبدالله رماه إلى إبنه يزيد، فلما قرأه أسفر وجهه، فقال له :يا بني إذا بليت بمثل هذا الداء فدواه بمثل هذا الدواء.

عندما نتأمل القصة، نتوقف أولاً على اللهجة الساخنة التي إستخدمها عبدالله بن الزبير مع أمير المؤمنين آنذاك معاوية بن أبي سفيان بجلالة قدره.

و من زاوية آخري يستوقفني رأي يزيد إبن أمير المؤمنين عندما سأله أباها :يا بني ما ترى، فما كان من الإبن إلا أن طرح حلاً سياسياً عنيفاً رداً على الأسلوب الذي أعتبره تطاولاً على أمير المؤمنين.

و من ثم كان خطاب أمير المؤمنين، هذا الخطاب السياسي الذي صار أنموذجاً يحتذى به و يدرس في أعظم الجامعات، بإعتباره خطاب سياسي عبقري، يعكس فنون العبقرية السياسية، و الصفات التي يجب أن تتمتع بها القيادة الناجحه الرشيدة من صبر، و حكمة، و مرونة في التعامل في أصعب المواقف و مع أصعب الشخصيات، و صفة التسامح، و القدرة على التحكم في النفس، و امتصاص غضب الآخر بكل حكمة، و الصدق و الشفافية التي تبرهنها الأعمال و ليس الأقوال، و تقبل الآخر المختلف معك سياسياً و فكرياً، فمن المعروف أن عبدالله بن الزبير لم يكن يعترف بمعاوية و خلافته، و في هذه القصة عبره.
فعلى سبيل المثال في بداية الأمر القيادي الشاب المناضل، و المحامي الثائر أحقاقاً لكلمة الحق، و رائد رواد مواقع التواصل الإجتماعية الثورية،و مواقع المقاومة الشبابية.
و قد أتت هذه الريادة من القاعدة الشعبية العريضة الواسعة التي تمكن هذا الشاب من بنائها فصنع من نفسه رقم نضالي لا يمكن تجاوزه، و التفت حوله شريحة عظمى من الشباب الثائر مفجر الثورة و صانعها و قائدها، حتى و أن حاولت بعض الفئات الخفية دخول الساحة تحت مسميات مهنية و غيرها لمصادرة هذه الثورة و الإستحواذ عليها،
و لكن بما ان هذه الثورة هي ثورة شباب واعي و الإنسان الواعي هو من يتحسس الخطر، و يتساءل، و يتفكر، و يتدبر، و يتأمل، فالثقة لا تعطي و لكن تكتسب، فالشاب ذو نون كغيره كثيرين كانوا يتساءلون عن الجسم الهلامي “تجمع المهنيين”، و قد كان هذا هو السبب الذي جعله في تسجيل سابق له قبل عدة أشهر تحدث عن لماذا لا تكون هناك إمكانية فتح المجال له في أن يصبح أحد المتحدثين بإسم تجمع المهنيين؟؟؟ و هو يعتبر صاحب قاعدة شبابية عريضة و أصيلة فجرت هذه الثورة و عملت على دعمها و تنشيطها، و لما لا و هو الكادر السياسي ذو الخطاب القوي المؤثر، و أيضاً المحامي “المهني”، هذا كان مطلب ذو نون الذي فتح عليه النيران فيما بعد، مع العلم أنه حسب أفادته أنذاك كان هذا الطلب بمثابة الإختبار لتجمع المهنيين الذي توجس منه الكثيرين، و دارت حوله العديد من الأسئلة التي ما زالت مبهمة، و المخاوف ما زالت موجودة.

بينما حديث ذو النون أنذاك ظل مجرد كلام دار بينه و بين فئات معينة لم يعلن عنه رسمياً ، و لكن في هذا الوقت بالتحديد و بعد مرور شهور عدة على هذا الحديث اتضح أن هناك من قام بتسجيله، و قرر نشره الآن الأمر الذي جعل البعض يري أن عملية النشر في هذا التوقيت بالذات هي لشئ في نفس يعقوب، و لغرض معين الهدف منه إغتيال شخصية ذو النون سياسياً ، و أدبياً، و معنوياً، و القضاء على قاعدته الشعبية و الثورية، معتبرين أن مسرب التسجيل و من يقف وراءه يرون في أي محاولة أياً كان نوعها “طلب أو ” رغبة” من ذو النون في أن يصبح أحد المتحدثين الرسميين بإسم المهنيين، هو كلام مرفوض ينم عن رغبتة في تقاسم القيادة معهم حالياً، و السلطة مستقبلاً.

من جانب آخر نظر البعض إلى الموضوع من من جانب حقوقي مشيرين إلى أن العدالة و المساواة التي ترفع هذه الفئات شعاراتها قولاً لا تنفذها فعلاً، و تساءل آخرين لماذا لا يسمح لي ذو نون بذلك و هو من جانب محامي و مهني، فأن كان الكيان مهنياً فذو النون بإعتباره محامي مهني يمثل شريحه لديها مطالب مطلبية مشروعة ،و من جانب آخر إذا كانوا فعلاً قد تحلوا إلى واجهة سياسية تنفذ أجندة لجهة غير معلومة فهو أيضا شاب سياسي مقتدر.

بينما شاعت الإخبار بأن قاعدة ذو النون العريضة تخيف هذه الجهات نسبة لماضيه الإسلامي الذي لا يتماشي مع التوجه اليساري الشيوعي ،فذو النون ينسب للمؤتمر الشعبي الذي كان يرأسه الدكتور و المفكر الإسلامي حسن الترابي، إضافة إلى أنه و رغم نضاله و عطائه و مجهوده المشهود له به إلا أنه فى نظرهم يظل إسلامياً أي “كوز”، في الوقت الذي أشارت فيه فئات شبابية أخرى مؤيدة و داعمة له أن الذين سرعان ما امتطوا موجة الثورة الشبابية رفعوا شعارات “أي كوز ندوس دوس ما بنخاف ما بنخاف”، هذا الشعار الذي يري فيه البعض أنه يتناقض قولاً و فعلاً مع “حرية، سلام و عدالة” فلا يستوي “السلام” مع “الدوس” ، و ذهب البعض في قولهم أن التناقض الأكبر يتجلي و يظهر في محاولة إغتيال الشخصية التي مورست مع ذو النون الذي سمح له أن يكون عضوا في تجمع المهنيين شكلياً فقط كواجهة تجميلية ليظهر التجمع بالوعاء الشامل لجميع الإيدوليجيات الفكرية بينما شنت عليه حملة إغتيال شخصية من جانب آخر ، و هكذا طبقت عليه قاعدتهم المشهورة “م. ن المغفل النافع”، التي سبق و طبقوها مع المتحدث السابق محمد الاسباط .

و مواصلة لقصة معاوية بن أبي سفيان نلاحظ في جانب آخر أن خطاب أمير المؤمنين و كلماته المستخدمة كانت كلمات حكيمة، لطيفة، متسامحة، دالة على مدى إحترام أمير المؤمنين لأفراد رعيته من مؤيدين و معارضين على حد سواء، و تقديره لهم.
و الأهم من ذلك زهده في نعيم الدنيا و ترفها لذلك كان قراره بإعطاء أرضه و عبيده للزبير، فهذا النوع من القادة يفكرون في القيادة الرشيدة الحكيمة العادلة أكثر من تفكيرهم في المال و الجاه و السلطة و التسلط ، لهذا خلد التاريخ السياسي و الإنساني هذا الموقف الحكيم لمعاوية، و مازال خطابه خالداً يعبر عن حكمته و سياسته العبقرية و قيادته الرشيدة .

و من ثم يتبين لنا أن هذا الخطاب السياسي العبقري الذي أثلج قلب عبدالله بن الزبير كانت ثماره السياسية، إعتراف عبد الله بن الزبير بشرعية معاوية بن أبي سفيان كأميراً للمؤمنين، و هو يثني على حكمته و يأكد على أن إختيار قريش له كان صائباً .

و من خلال هذه المواقف السياسية العقلانية الحكيمة لمعاوية بن أبي سفيان، يتضح لنا أن مجتمعنا السوداني في حاجه ماسة إلى مثل هذا النوع من القيادة الرشيدة الحكيمة في التجمعات و الكيانات و الشخصيات التي تدعي أنها تسعي لإحداث تغيير جذري، فالخطاب السياسي الإقصائي لبعض الشخصيات و التجمعات و الكيانات السياسية و المهنية يولد الأحقاد، و الفتن، و يعمق الجروح ، و يخلق النزاعات الإيدوليجية و القبلية، و يزيد الشق بين أبناء الوطن الواحد، و يفرق و لا يجمع.
و المرونة و الحكمة في التعامل مع المؤيدين و المعارضين لأي قيادة سياسية مهم جداً،
فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، و مهارة إدارة الأمور بوسطية، و موضوعية، وحكمة عند تنافر الآراء والأفكار و احتدام المواقف هي مهارة على القيادة السياسية الحكيمة أن تتقنها حتى تتمكن من خلق التوازن المطلوب، لأن عمل القيادة السياسية الشعبية الوطنية القومية يدور حول هذا المحور( شؤون الوطن و المواطنين) بمختلف آرائهم و أفكارهم و توجهاتهم، و نقد الذات هو أول خطوة نحو النجاح، و محاسبة الكيانات و التجمعات قبل محاسبة المواطن الضعيف مهم جداً حتى لا ينطبق عليهم الحديث النبوي الشريف :”
إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» ، إذن المحاسبة مهمة جداً و لكن يجب أن تسري على الجميع إحقاقاً للعدالة و المساواة التي ينادون بها، و حرية الرأي والتعبير هي أبسط الحقوق و محاولات كبتها بالطرق المباشرة و غير المباشرة أمر مرفوض، كما أن محاولات إغتيال كل من له رأي أو فكر آخر يعتبر نوع من الإرهاب و الاضطهاد الفكري و الإستعباد، فالعبودية ليست هي عملية الرق فقط بل هي مجمع واسع، العبودية أشكال و أنواع.

و مقولة السياسية فن الممكن لا تعني ممارسة القذارة و الخباثة في طرق و أساليب إغتيال الطرف الآخر، فالسياسية ليست خباثه، و لكن محور إنساني لتغيير حياة الفرد إلى الأفضل، و إرساء تعاليم التسامح والتعايش السلمي، و تعزيز ثقافة الحوار و السلام العالمي.

و أختم مقالي هذا بأن الحكمة في القيادة السياسية مهمة جداً،الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من اهل النفاق،و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.

عبير المجمر (سويكت)
29/03/2019

مقالات ذات صلة