مقالات وآراء

هل ما زال الأرزاق بيد الله والشريعة خط أحمر عند أهل الإنقاذ؟

عبدالغني بريش فيوف
كشفت مصادر مطلعة عن بدء مؤسسات دينية تابعة للحكومة السودانية في دراسة مقترحات دفعت بها الادارة الامريكية بشأن الحريات الدينية وسط توقعات بقبولها والعمل بها. وتتعلق المقترحات بإلغاء مواد في القانون الجنائي تتضمن “الردة” و”النظام العام”.
وقالت مصادر من داخل مجمع الفقه الاسلامي الذي يتبع لرئاسة الجمهورية انه تم تكوين لجنة برئاسة رئيس المجمع عصام احمد البشير لدراسة المقترحات الامريكية من اجل الرد عليها خلال أسبوع.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد طالبت الحكومة السودانية بإلغاء المواد (١٢٥) و (١٢٦) من القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ المتعلقة بحد الردة والمادة (١٥٢) المتعلقة بالزي الفاضح وفق قانون النظام العام.
وظلت القوى الديموقراطية السودانية تطالب بإلغاء المواد المذكورة منذ سنوات باعتبارها انتهاكاً لحقوق الانسان وحرية الاعتقاد، كما نظم الناشطون السودانيون حملات مقاومة ضد قانون النظام العام.
وأضافت مصادر – طلبت حجب اسمها – ” تم تكوين لجنة من علماء مجمع الفقه برئاسة عصام احمد البشير لدراسة المقترحات الامريكية المتعلقة بالحريات الدينية” مؤكدة “أن اللجنة ستدرس هذه المقترحات بتأني شديد ومراجعة كاملة خلال أسبوع وبعدها ستحدد موقفها منها”.
ومضي يقول ” سنناقش المقترحات بعقل مفتوح وبدون تشنج ولن نرفضها من الوهلة الاولى كما فعلت بعض الجهات .. سنأخذ ما يتناسب مع ديننا الحنيف وسنرفص كل ما يخالف الشرع بطبيعة الحال”.
وكان نائب وزير الخارجية الامريكي جون سوليفان الذي زار الخرطوم الاسبوع الماضي قد خاطب مجموعة من رجال الدين الإسلامي والمسيحي بمسجد النيلين وقاعة تابعة لجامعة القرآن الكريم ودفع بمقترحات تطالب بإجراء تعديلات على القوانين السودانية تتضمن حرية التدين والعقيدة وإلغاء مواد في قانون النظام العام.
كما شدد المسؤول الامريكي خلال لقائه مع رئيس الوزراء بكري حسن صالح ووزير الخارجية ابراهيم غندور علي ضرورة تحسين اوضاع الحريات الدينية في حال أرادات الخرطوم شطبها من لائحة الدول الراعية للإرهاب.
وأصدرت هيئة علماء السودان السبت بيانا قالت فيه ” ان الشريعة الاسلامية “خط احمر” فيما لم تحدد موقفا قاطعا من المقترحات الأمريكية.
عزيزي القارئ..
تتذكرون جميعا الشعارات الدينية اللامعة التي رفعها الإسلاميين عندما جاءوا إلى السلطة بعد انقلابهم المشؤوم على حكومة مدنية منتخبة في عام 1989م. وتتذكرون أيضا تلك الفتاوى الشاذة التي أصدرها مجمع الفقه الإسلامي الذي يتبع للنظام الإنقلابي الإسلاميعروبي.
من تلك الشعارات :
*** تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان على المسلمين وغير المسلمين..
*** الإستنفار الجهادي لقتل غير المسلمين في جنوب السودان وجبال النوبة..
*** نأكل مما نزرع وبالطريقة الإسلامية..
*** هي لله ..لا للسلطة ولا للجاه..
*** الأرزاق بيد الله لا بيد أمريكا والغرب..
*** أمريكا روسيا قد دنا عذابها..
*** الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا..
تلك هي بعضاً من الشعارات الدينية الإسلامية التي رفعها نظام الإنقاذ لأكثر من ربع قرن من الزمان وهو يتبنى مشروعه الحضاري. لكن بعد انفصال جنوب السودان عن شماله وذهاب كل بترول السودان معه ، ومع انهيار الإقتصاد السودان الشمالي بسبب فقدانه للصادرات البترولية التي كانت تدعمه، وبسبب الحصار الإقتصدي الأمريكي المفروض عليه منذ عام 1997م، ولأن الديكتاتور والسفاح السوداني لا يريد ترك السلطة لغيره بسبب ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له لإرتكابه جرائم تدخل ضمن اختصاصها في دارفور -جرائم (الإبادة الجماعية + ضد الإنسانية + التطهير العرقي). رأى النظام ان بقاءه في السلطة مرهون بالتقرب من “الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا” وتنفيذ أوامراها حرفيا دون نقصان ونسيان الشعارات الإسلامية التي رفعت لأكثر من ربع قرن من الزمان.
ولأن النظام السوداني قد نفذ كل صغيرة وكبيرة طلبتها “أمريكا قد دنا عذابها” –أمريكا النصرانية المسيحية. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شهر أكتوبر المنصرم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ 20 عاما. وبهذا يكون النظام قد تخلى عمليا عن الشعارات التي رفعها لقرابة الثلاثين عاما ليخرج من المحور الإسلامي ويدخل دون خجل وحياء المحور (اليهودي النصاري).
وحسب الإملاءات الأمريكية إذن. وافق النظام في الخرطوم على:
1/إلغاء المواد (١٢٥) و (١٢٦) من القانون الجنائي لسنة ١٩٩١ المتعلقة بحد الردة.
2/إلغاء المادة (١٥٢) المتعلقة بالزي الفاضح وفق قانون النظام العام.
3/الإلتزام بعدم مضايقة النشاط التبشيري في البلاد.
4/شروط أخرى لم تتسرب للإعلام لكن غالبا ما تتعلق بكل “الشريعة الإسلامية”.
وطبقا لبعض المصادر الأخبارية فإن زيارة السفاح السوداني المطلوب للجنائية الدولية منذ مارس 2009م نفسها لروسيا ، تأتي ضمن الشروط الأمريكية أو إذلال أمريكا قد دنا عذابها ..والسؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هو: هل يستطيع نظام البشير من الآن وصاعدا ان يقول لعباد الله المساكين في السودان ان الأرزاق بيد الله وأن الشريعة الإسلامية خط أحمر؟. وهل تشهد الفترة المقبلة فتح البارات والملاهي الليلية في الخرطوم والمدن السودانية الأخرى ..وهل يضغط الأمريكان على ذليلهم السوداني للسماح بزواج المثليين في السودان على غرار الزواج التقليدي؟.

مقالات ذات صلة