تقاريرجنوب السودان

عملية السلام في جنوب السودان .. دوران داخل الحلقة المفرغة

فرانسيس مييك[quote]بعد ان تسلمت الوساطة، ردود الأطراف حول المسودة المقترحة، فأن إمكانية التوصل إلى اتفاق في الجولة القادمة، وارد، ولا استبعد فرض الاتفاق على جميع الأطراف [/quote]

جوزيف قبريال[quote]الحلقة المفقودة في مسلسل مفاوضات الفرقاء، هو عدم توفر الإرادة السياسية لدى الأطراف المتفاوضة [/quote]

جوبا – ملوال دينق

مجدداً إنتهت جولة أخرى من مفاوضات إحياء إتفاقية السلام بين أطراف النزاع في جنوب السودان، والتي إنتظمت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا طوال الإسبوع المنصرم، دون التوصل لاتفاق يضع حداً للأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ ديسمبر 2013، ورغم التقدم الذي شهدته المحادثات في ملفات مهمة مثل تكوين حكومة شاملة ، ومواقع تجميع القوات سواء الحكومية أو المعارضة بحسب وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي مولانا مايكل مكوي لويث، إلا ان تحالف المعارضة على لسان مسؤوله الإعلامي دكتور كواجي لاسو، نفى بشدة حدوث أي تقدم في الملفات المتعلقة بالحكم والترتيبات الأمنية، مشيراً إلى ان ما تم التوصل إليه من تفاهمات ضئيلة جداً، مقارنة بحجم القضايا والملفات المطروحة، وبدت المواقف أكثر تباعدا في القضايا المتعلقة بنسب وحصص السلطة في الحكومة الإنتقالية، وهو ما أدى إلى تأجيل التوقيع على إتفاق السلام الذي ينتظره الشارع العام بفارق الصبر إلى موعد آخر، وعادت الوفود الضخمة التي مثلت المجموعات المختلفة المشاركة في المحادثات، إلى مواقعها، في ترقب لما ستسفر عنه إجتماعات وساطة الإيقاد في غضون الأيام القليلة القادمة والتي ستناقش الردود الكتابية المقدمة من قبل الأطراف على مسودة الإتفاق الذي كانت الايقاد قد طرحته عليها مسبقا.

وأعلنت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (إيقاد) إنهاء الجولة التي سمتها بالأخيرة، وذلك بعد فشل الأطراف في التوقيع على مسودة اتفاق السلام التي اعدتها الهيئة، وهددت بفرض عقوبات على الأشخاص الذين يتورطون في إنتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت هيئة الايقاد في بيان لها عقب انتهاء الجولة، ان محادثات السلام في العاصمة الاثيوبية انتهت دون توصل أطراف النزاع إلى اتفاق، مشددة على أن فشل المحادثات سيطيل أمد الصراع، الذي أدى إلى مقتل عشرات الألاف ونزوح أكثر من مليوني مواطن، لكن البيان لم يحدد القضايا التي اختلف حولها أطراف النزاع، غير أنه أكد بأن الايقاد شجع قيادات جنوب السودان على دراسة المقترحات التي قدمتها الهيئة، والتي تعكس الجهود المكثفة التي قامت بها للتوصل إلى أرضية مشتركة للمواقف التفاوضية المختلفة.

ويتوقع ان تصدر الايقاد قائمة بأسماء الأشخاص الذين يعتقد أنهم ينتهكون اتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين الاطراف نهاية العام الماضي، كما ينتظر أت تنشر القائمة عقب اجتماع طارئ لمجلس وزراء الايقاد تمت الدعوة إليه.

من جهته، حث وزير الخارجية الإثيوبي ورقني قبيهيو، رئيس مجلس الايقاد أطراف النزاع على وقف الحملات الاعلامية التحريضية بعد انتهاء المحادثات، معربا عن أمله في أن تساعد المقترحات، التي قدمتها الهيئة للاطراف المتحاربة، في التوصل إلى اتفاق السلام، موضحا أن من بين المقترحات تعيين أمراة في منصب نائب الرئيس.

وكانت الايقاد قد قدمت مسودة اتفاق سلام إلى الأطراف المتنازعة في جنوب السودان للتوقيع عليها خلال الجولة، او أمام قمة رؤوساء الايقاد التي ستعقد في منتصف الإسبوع القادم، ومنحت المسودة المطروحة الحكومة نسبة 55% على أن يكون رئيس الحكومة الانتقالية من جانب الحكومة بالاضافة إلى منصب نائب الرئيس، فيما منحت المعارضة المسلحة بقيادة ريك مشار 25% إلى جانب منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية. فيما تذهب نسبة 10% إلى تحالف المعارضة و5% للاحزاب السياسية الاخرى الموجودة في جوبا إلى جانب منصب نائب الرئيس إلى هذه المجموعات التي يجب عليها ان تتوافق على مرشح واحد، ونصت المسودة أيضا على ان تحصل الحكومة على نسبة 65% من التمثيل في الولايات و25% لحركة مشار، والنسب المتبقية لتحالف المعارضة والمعتقلين السابقين والأحزاب السياسية.

وحول نتائج الجولة والخطوات المتوقعة، قال جوزيف قبريال – كاتب ومحلل سياسي- ان فشل الأطراف في التوقيع على اتفاق السلام، ناتج من عدم ضغط الإيقاد على الأطراف المتفاوضة بغية دفعهم نحو التوقيع على المسودة المطروحة مثلما فعلت في إتفاق 2015، مشيراً إلى ان السبب في عدم التوقيع على الاتفاق يعود إلى عدم توفر الإرادة السياسية لدى الأطراف.

وأضاف :”الحلقة المفقودة في مسلسل مفاوضات الفرقاء السياسيين في جنوب السودان، هو عدم توفر الإرادة السياسية لدى الأطراف المتفاوضة، ويجب ان يتم بناء الثقة لتقريب وجهات النظر، سيما ان كلمة التفاوض تعني لغويا واصطلاحيا التنازل في بعض المواقف”.

وتابع :”عدم توفر الإرادة السياسية لدى القادة السياسيين في جنوب السودان هو الذي جعل الايقاد تتدخل مرة أخرى عبر المنبر عالي المستوى لتنشيط إتفاقية تسوية النزاع الموقعة في 2015، والتي دخلت غرفة العناية الفائقة لعدم جدية جدية الاطراف في تنفيذها، لذلك توفر الإرادة السياسية والتنازل عن المصلحة الشخصية الضيقة، لصالح المصلحة العامة للبلاد، هو أمر في غاية الأهمية”.

ومضى إلى القول :”نتوقع ان تخرج اجتماعات مجلس الايقاد بنتائج حاسمة بشأن إجبار الاطراف على التوقيع على اتفاق السلام، اخذين في الاعتبار العقوبات التي ستفرضها الايقاد على معرقلي السلام في البلاد من جانب الحكومة والمعارضة، والجدير بالذكر أن الملف سيتم تحويله إلى الاتحاد الافريقي في حال فشل الايقاد في تقريب وجهات النظر، وهذا النقطة تضع وساطة الايقاد امام امتحان حقيقي بشأن قدرتها على حل مشاكل الإقليم”.

من جانبه يرى، فرانسيس مييك – صحفي ومحلل سياسي – ان الجولة الأخيرة من المحادثات فشلت نتيجة لتباعد مواقف أطراف النزاع حول مسودة اتفاق السلام التي طرحتها الايقاد، حيث رفضتها المعارضة بحجة انها لبت مطالب الحكومة.

وقال مييك :”إن الحلقة المفقودة في هذه الجولة، تكمن في عدم الاتفاق حول مفهوم “إحياء الإتفاقية” إذ يبدو من خلال المفاوضات الأخيرة، ان كل طرف لديه مفهوم يختلف عن الاخر، في تفسير الأمر، فهناك طرف ينظر للعملية، على انها اتفاقية جديدة، فيما يرى اخرون انها ليس كذلك، بالاضافة إلى ظهور العديد من من جماعات المعارضة التي لم تكن جزءا من إتفاقية حل النزاع التي يحاول الوسطاء احيائها”.

وأضاف :”كل هذه العوامل، ساهمت في فشل الجولة الأخيرة، إلى جانب الانتقادات الموجهة إلى الايقاد كوسيط ينظر لها بانها ضعيفة، ولا تملك أدوات الضغط، وهذا الأمر يرجع إلى تكوين الإيقاد فهي منظمة تتكون حكومات الدول، وهذه الحكومات تحاول قدر الإمكان ان تراعي مصالحها، والتي قد لا تنسجم بالضرورة مع بعضها البعض”.

وحول التوقعات، أوضح مييك :”من الصعوبة التكهن بالتوقيع على الاتفاقية، وذلك نتيجة لتعدد الأدوار من قبل دول المنطقة، إلى جانب الانتقادات الموجهة إلى الايقاد بالفشل، وسيتحاول الايقاد ابراز دورها كوسيط قادر على حل النزاع، إستنادا على تجربتها في انهاء النزاع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان”.

وزاد :”في ظل تسلم الوساطة، ردود الأطراف حول المسودة المقترحة، فأن إمكانية التوصل إلى الاتفاق في الجولة القادمة، واردة، أو فرض الاتفاق على جميع الأطراف”.

مقالات ذات صلة