مقالات وآراء

العقوبات الأمريكية … شماعة النظام الخلطبيط

أحمد محمود كانم

يتوهم بعض مناصري رفع العقوبات الأميركية على السودان أن السودان سيتحول فور رفع العقوبات إلي جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر ، فينعم مواطنوها بكل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين !!
لكن قبل أن نحاول إثبات جدوي رفع الحصار من عدمه في ظل هذه الحكومة الحالية ، أدعوك -عزيزي القارئ- لإلقاء نظرة خاطفة إلي بعض الدول التي تحظي بأنظمة وحكومات تقل دكتاتورية عن النظام الحاكم بالسودان لكن لم يحدث أن مرت بأي حصار إقليمي كان أو دولي كما هو الحال في السودان ، فالجارة مصر التي وصل سعر كرت شحن الرصيد فيها -حتى مطلع أكتوبر الحالي- إلي 15 جنيها مقابل كرت شحن ال10جنيه ، وسعر صرف الدولار الأمريكي إلي 18جنيهاً ، إضافة إلي الإرتفاع المتواصل لأسعار السلع والخدمات ،
والجاره الزراعية إثيوبيا التيً باتت ثالث أكبر مصدر للاجئين الذين يهربون بإستمرار من طاحونة المجاعات وشظف العيش هناك زرافات ووحدانا ، لم تكونا يوماً ضمن قائمة الدول المغضوب عليها دوليا ، وبالتالي لم تشهدا حصاراً أو عقابا دوليا كما السودان ، ورغم ذلك فشلتا في كبح جماح تدهور الوضع المعيشي لمواطنيها ، بينما نجد ان كوريا الشمالية وإيران وقبلهما اليابان وكوبا قد عاشوا تحت وطئة العقوبات الأمريكية لعقود لكنها لم تتوقف عن التقدم نحو تحقيق رفاهية شعوبها ، ولم يسعوا يوماً لتعليق فشلهم علي العقوبات رغم تأثيرها البالغ .
فالمسألة لم تكن خارجية بقدرما هي داخلية تتعلق بشكل مباشر بإدارة الأنظمة والقوانين لشؤون مواردها ، وإرادة الشعوب نفسها في استمرارية تلك الأنظمة والقوانين ، وللسودان القدح المعلي من الفساد الإداري والمالي وعدم المحسوبية ، إضافة الي تقاعص المواطن في السعي لإيقاف هذا العبث .
جاء هذا الحصار في الوقت الذى ظل يبحث هذا النظام الفاسد عن غطاء يستر بها فضائحه المتقيحة ، ليجعل منه شماعة يعلق عليها كل إخفاقاته ، وبما أن حكومة البشير لم تأبه يوماً للقمة عيش مواطنها ، قامت بتوظيف هذا الحصار وتوجيهه نحو استدرار عواطف المواطن ، ب(حنك) أن هذا الحصار يعد استمراراً للتآمر التي تمر بها البلاد الأكثر تمسكا بعقيدتها ومن هذا المنطلق يستهدفنا الأمريكان ، حتي جعلت المواطن السوداني يقض الطرف عن أسباب وإفرازات هذا الحصار ، ويرقص معها علي إيقاع ( لن نذل ولن نهان ..ولن نطيع الأمريكان ) ، و(أمريكا قد دنا عذابها) وما إلي ذلك .
وبخلاف ما يعتقد البعض أن رفع الحصار الأمريكي سيقوي من قبضة نظام المؤتمر الوطني ، ويعول إسقاط النظام علي استمرارية الحصار ، أعتقد أن رفع الحصار في هذا الوقت الاستثنائي سيفضح ويعري نظام المؤتمر الوطني من قناع الزيف الذي ما انفك يضحك به علي غالبية الشعب السوداني طيلة العشرين عاما الماضية ، ويجعله عاجزاً عن مواجهة وعي المواطن السوداني وإدراكه لفحوي تلك الشعارات الجوفاء .
فلا رفع الحصار الأمريكي سيوقف الحرب والسلب والتقتيل ويعيد للشعب السوداني قيمة عملته وحريته وكرامته ولقمة أطفاله التي سطت عليها حكومة البشير ، ولا استمرار الحصار سيسقط النظام إذا ما استمر الشعب السوداني في الخنوع والإنحناء لجلاديه ، وما حك جلدك مثل ظفرك ، وقريبا ستكشف الأيام ما سكتت عنه الأقلام .

مقالات ذات صلة