قراءات و تحليلات

أخطر ما قد يلجأ إليه حميدتي إذا فشل في الوصول إلى الرئاسة

أحمد محمود كانم

كاد محمد حمدان دقلو حميدتي أن يضاهي الأسد في كثرة الألقاب والأوصاف ، فقد عرف بين أقرانه من أبناء البادية ب”حميدتي” ، و أسماه الرئيس المخلوع “حمايتي” ، وسماه أتباعه و محبوه ب”القائد” ، وأسمته القوات المسلحة ” الفريق أول” ، وأطلقت عليه الإدارات الأهلية إسم “القائد المنقذ” وناداه الإعلام المصري وبعض دول الخليج العربي ب ” حمدددتي” بفتح الحاء مع كسر الدالات الثلاث ، ووصفه الأمريكان ب”slaughterer” ، ونعته بعض النشطاء ب”حميرتي” ، ولقبه الثوار في الخرطوم في بادئ الأمر ب”الضكران ” قبل أن يستبدلوه ب”الفريق خلا ” ، ثم لاحقا رجل “الغانون” ، و ” وزير القرايه” … ولا تزال الألقاب والنعوت تتوالي عليه تتري كلما فعل أو قال ما يستوجب التسمية .. بينما لا يزال في نظر ضحاياه من أهل دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق هو نفس الشخص ” الهمباتي ” الذى قتل ونهب و حرق وإغتصب كغيره من قادة مليشيات الجنجويد الدمويين الذين قال عنهم الروائي السوداني القدير عبد العزيز بركة ساكن في روايته ذائعة الصيت {مسيح دارفور} : “أهون لجمل أن يلج من ثقب إبرة من أن يدخل جنجويد ملكوت الله” .
* رغم هذه الأسماء والصفات الحميدة منها والشنيعة التي تحصل عليها حميدتي نتيجة أفعاله وأقواله ، لم يدر بخلده أن هذا الشعب الطيب جداً يتمتع بكل هذه الصلابة والعناد ، رغم التقتيل والتنكيل والإذلال الذي ظل يمارسه ضده قبل وأثناء وبعد إسقاط النسخة القديمة من نظام البشير الذي عجن طينة حميدتي وصنعه بهدف حمايته من شر هذا الشعب الساخط.. وقد كان في خدمته و حمايته حتي اللحظات الأخيرة من السقوط .
وبما أن من صفات حميدتي الغدر والطعن من الخلف كما فعل من قبل مع الحركات المسلحة في دارفور الذي كان جزءا منها لبضعة أشهر في العام 2007 ، و مع بني عمومته ورفاقه في الهمبتة أمثال الشيخ موسى هلال في مستريحة أواخر نوفمبر 2017 ، فقد قفز عن قارب ولي نعمته بعد أن أشرف علي الغرق _ أو هكذا خيل إلينا _ ، إذ وجد نفسه عاجزا أمام بسالة الثوار السلميين فاضطر علي الانحياز إليهم تكتيكيا في صبيحة 11 نيسان /ابريل المنصرم .. وسرعان ما اتسعت دائرة شهيته لإلتهام إرادة الثوار والاستحواذ علي السلطة بعد أن جاءت إليه تمشي علي قدمين في ظل عجز القوات المسلحة التام عن الوقوف أمامه .
* لم يستطع حميدتي أن يقنع نفسه بأن هذا الشعب المعلم لم يرضى حتي بالعسكر النظاميين المتعلمين مهما كانت صفاتهم كرؤساء للدولة فضلاً عن أن يرضى به هو .. لكن بعد أن أداروا ظهورهم عنه وفشلت كل حيله لإستمالتهم مرة أخري أيقن أنه كان في حلم جميل ، فطفق يبحث له عن سند وتفويض وحلفاء جدد ، وللحصول عليهم أنفق المليارات لتأليف قلوبهم ، لكن يبدوا أن ذلك أيضاً لم يكن كافيا ليؤهله للوصول إلي مقعد رئاسة البلاد الذي يدفعه إليه عوامل عدة متداخلة .
وبين هذا وذاك ، يبرز السيناريو الأخير والخطير الذي قد يلجأ إليه حميدتي في حالة ما إذا فشل في الوصول إلى رئاسة الجمهورية..
وهو أن يعقد صفقات وتحالفات مع بعض مكونات ثوار دارفور وبدعم من المجلس العسكري بإسم الهامش ، ليس من أجل دعم قضية أهل الهامش بدارفور ، وإنما للوصول عبرهم إلي تقرير المصير وفصل دارفور نهائيا عن السودان ، ومن ثم يتاح له الإستفراد بحكم دارفور وضم دولة تشاد التي يعتبرها مستشارو حميدتي الخاص جزء من خارطة دولة ” التجمع العربي ” كأحد أهم الأهداف الاستراتيجية ، حسبما ورد في مواثيق وجغرافيا تنظيم التجمع العربي المسربة المعروفة ب(وثيقة قريش 1) و(قريش2) التي تنص وبكل وضوح علي خطة متكاملة للاستيلاء علي السلطة في السودان في مدة أقصاها العام 2020 .
* وفي حالة العجز ، تقتصر الخطة علي دارفور ، علي أن تضم إليها لاحقا دولة تشاد وأخريات من دول الجوار . وحينها من السهل التخلص من جميع السكان الأصليين من غير العرب _حسب الوثيقة _ بمن فيهم حلفاء حميدتي المحتملين الذين ينحدرون من الإثنيات المغضوب عليها .
وقد مهد لذلك فعليا بحملات جمع السلاح من قبائل معينة قبيل إسقاط البشير تجنبا لحدوث أي نوع من انواع المقاومة ، كما قام بجلب المزيد من القبائل البدوية من دولة النيجر والكاميرون وتشاد وأفريقيا الوسطى ، وانتظموا أجمعون في مليشيات الجنجويد التي سميت مؤخراً بالدعم السريع .
إضافة إلي عمليات توسيع دوائر إحتلال الحواكير والاستيطان في غرب ووسط دارفور وأقصي شمال دارفور ، تحديدا مناطق دار الزغاوة _وادي هور_ التي استحوذت مليشيات حميدتي علي ثلثيها أو يزيد ، وغيروا حتي أسماء المناطق ، وقسموا الحواكير للقبائل الوافدة.. في ظل صمت وتغاضي رهيب من قبل السلطات.. وما مليشيات “أم باخة” في التسعينات و ” كتيبة إبن عمر” في أواخر الثمانينات من القرن الماضي إلا بداية لتدشين هذا المشروع طويل المدي !
* إن أية تحالفات مع مليشيات حميدتي تحت أي مسمى كان ، يصب في خدمة السيناريو آنف الذكر .. لذلك يتحتم علي من يفكر في التحالف مع حميدتي أن يدرك أن وضعه لم يكن أفضل ممن انشقوا سابقا عن الثوار وإنخرطوا في صفوف مليشيات حميدتي أمثال محمدين أوقاجور رئيس هيئة الأركان الأسبق لحركة تحرير السودان مناوي وعبدالله شغب أحد قادة الاسكادرو بالحركة وآدم صالح أبكر الناطق الأسبق بإسم جيش الحركة والترابي من حركة العدل والمساواة وغيرهم ممن وجههم حميدتي لإبادة شعوبهم بعد أن كانوا حماتها !
وبالتالي أي تحالف مع مليشيات حميدتي يساهم بشكل مباشر في قيام دولة التجمع العربي التي لا تحتمل سوي أصحاب هذا المشروع ، علما بأن حميدتي نفسه ما هو إلا آلة في يد اللجنة المفوضة من قبل تنظيم التجمع العربي التي باركها رئيس الوزراء السوداني الأسبق السيد / الصادق المهدي في اكتوبر 1987 بعد تكوينها و تسلمه جزء من الوثيقة ، كما دعمتها حكومة الإنقاذ بكل سخاء .
وأعضاء اللجنة هم :
عبد الله مسار ، و شارف علي جقر ، وأبراهيم يعقوب ، وحسين حسن الباشا ، و الناظر حامد بيتو ، و تاج الدين أحمد الحلو ، و أيوب البلولة ، و محمد خوّف الشتالى ، و زكريا أبراهيم أبو لحيو ، و محمد زكريا دلدوم ، و الناظر الهادي عيسى دبكة ، و الطيب أبو شمة ، وسندكة داؤد ، و هارون على السنوسي ، و الدكتور عمر عبد الجبار ، و عبد الله يحي ، و سليمان جابر أبكر ، و الناظر محمد يعقوب العمدة ، و حامد محمد خير الله ، و محمد الدومة عمر ، و عبد الرحمن علي عبد النبي ، و أحمد شحاتة أحمد ، ابوبكر أبوه الأمين ، و جابر أحمد الريح .. إضافة إلي الوجوه الجديدة حسب الهيكلة الإدارية الجديدة للتنظيم حسبما تقتضيه الظروف من عجز ووفاة وما إلي ذلك .
وإذا ما أخذنا في الاعتبار ذلك الدعم اللامحدود الذي يتدفق مدرارا من دولتي السعوديه والامارات مؤخراً من جهة ، وإصرار قوي الحرية والتغيير علي مطالبتها بالسلطة المدنية من جهة أخرى ، يصبح هذا الخيار واقعا ملموسا لا سبيل إلي الخلاص منه إلا بالنأي عن المشاكشات الإنصرافية بين مكونات الثورة السودانية المسلحة منها والمدنية ، و توحيد الجهود لقيام دولة مدنية تعيد المياه إلي مجاريها .
وغدا ستكشف الأيام ما سكتت عنه الأقلام .

المملكة المتحدة
5 يوليو 2019

أدناه رابط مصدر الوثيقة
http://www.darfurna.com/Darfur_1/Alliance/Arabs_Alliance1.htm

مقالات ذات صلة