مقالات وآراء

مالك عرمان وبلقنة الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال!..

عبدالغني بريش فيوف
يعتزم كل من مالك عقار اير وياسر سعيد عرمان ، تأسيس حركة جديدة بإسمهما بالرغم من احتفاظهما بعضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال الأم. ويأتي هذا الإعتزام والإصرار على خلفية اقالتهما من رئاسة وأمانة الحركة الشعبية بواسطة مجلس تحرير جبال النوبة/جنوب كردوفان والنيل الأزرق ، والقرارات الأخيرة التي اصدرها رئيس الحركة الفريق عبدالعزيز آدم الحلو سيما المتعلقة بهيكلة الجيش الشعبي وتعيين لجان كتابة المنيفستو والدستور والإعداد للمؤتمر القومي الإستثنائي.
وقال بيان لمالك عقار وعرمان نشر قبل أيام في سودانايل وحريات والراكوبة العرمانية، إنهم يعكفون الآن على اعلان حركة شعبية جديدة في اجتماع موسع سيضم ممثلين من كافة أنحاء السودان لكنهم لم يحددوا مكان انعقاد هذا الإجتماع المزعوم ..هل في جنوب أفريقيا ، باريس ،برلين ، في العاصمة السودانية الخرطوم!!.
والسؤال البديهي هو ..ما الفائدة من بلقنة الحركة الشعبية وتشتيتها وتفكيكها طالما ليس لعرمان وعقار جيش شعبي ومناطق للإنظلاق؟
عزيزي القارئ..
إن ظاهرة الإنشقاقات السياسية الحزبية والحركاتية في السودان ليست جديدة، إذ يتخذ أصحاب مبادرة الانشقاق عن الآخر خطابات تتمحور حول دمقرطة المشهد السياسي وممارسة الشفافية، والانضباط لمقتضيات القانون المنظم للعمل السياسي وربط المسؤولية بالمحاسبة وخدمة الصالح العام وغيرها، لكن هذه الخطابات في واقع الأمر مجرد تخدير وضحك على الذقون، لأن أغلب الانشقاقات التي عاشها السودان حدثت بسبب البحث عن منبر آخر بنفس الإسم لممارسة الزعامة والديكتاتورية وهي أحيانا (فرد واحد أو مجموعة أفراد) ، ولنا في مالك عقار وعرمان خير مثالين لهذه الظاهرة المرضية.
الظروف والعلاقات الغامضة التي مرت بها الحركة الشعبية بعد فك الإرتباط بالإضافة لطيبة النوبة كأكثرية ساحقة في الجيش الشعبي، هي التي خدمت مالك عقار ليصبح رئيسا للحركة الشعبية شمال دون ان يكون مؤهلا لها. لكن الرجل صدق نفسه وتجاوز كل الخطوط الحمراء ليتحدث عن انشاء حركة جديدة بنفس اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان الأم.
من يشجع ويساهم في بلقنة الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال بدعاوى كاذبة ،إنما في واقع الأمر يقوم بأعمال خطيرة على هذا التنظيم العملاق ، فهو ينطلق من اختيارات ضيقة ذاتية نفعية تسيء للدمقراطية التي يتحدثون عنها، إذ لا بد من التذكير بأن الحركة الشعبية لتحرير السودان اليوم موحدة واقوى مما كانت عليه بالأمس، لنا أن نعتز بهذه الوحدة وبالقرارات التي اصدرها مجلس تحرير المنطقتين، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته في تأطير الحركة بغية تطويرها حتى نتمكن من بناء سودان جديد يسع الجميع وينعم فيه كل سوداني بالحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية،لذلك فإن تشجيع البلقنة هو تشتيت للحركة الشعبية كأكبر تنظيم مسلح في أفريقيا وتفكيك لها.
إننا نذكر عرمان ومالك ونقول لهما، إن البحث عن منافع ذاتية عن طريــق البلقنة شئ خطير جدا ويعد جرما ضد الحركة الشعبية الأم التي لها تأريخ طويل وعريق في تجاوز العثرات والمنعرجات التي مرت بها، وحينما نحارب البلقنة، فإننا نقوي مؤسسات الحركة وهياكلها التنظيمية، وحين تتقوى المؤسسات يتقوى التنظيم ،وحين يتقوى التنظيم نستطيع هزيمة نظام الأقلية الحاكم.
ماذا استفاد اقليم دارفور من بلقنة حركاته المسلحة التي وصل عددها المائة ونيف ..هل اتت بسلام ..هل حققت الأمن والإستقرار ..هل اوقفت الحرب في هذا الإقليم المضطرب منذ 2003م ..هل اعادت النازحين إلى ديارهم وقراهم؟..
لا لا لا لا ..بلقنة الحركات الدارفوية المسلحة لم يستفيد منها الشعب الدارفوري ،بل استفاد منها قادة الحركات المبلقنة حيث أصبح التيجاني السيسي رئيسا للسلطة الإقليمية ، أبو قردة وزيرا للصحة الاتحادية، أبو القاسم اسحق وزيرا ، أبكر ادم وزيرا ، والعشرات العشرات منهم تم تعيينهم وتوظيفهم في الحكومة المركزية والإقليمية وذلك لتمييع قضية دارفور ومن ثم تصفيتها نهائيا، وهذا ما استطاع نظام الإبادة تحقيقه هناك دون تعب.
عرمان وعقار يحذوان حذو حركات دارفور المبلقنة، لكن يجب أن يعلما أنه ليس هناك حركة شعبية لتحرير السودان دون الجيش الشعبي. بمعنى ان الحركة الشعبية تتكون من جناحين، سياسي ومسلح (الحركة الشعبية والجيش الشعبي) وعليه لا يستقيم وجود واحد منهما دون الآخر، إلآ إذا ارادا الإنتحار السياسي على طريقة دانيال كودي وتابيتا بطرس وعبدالباقي قرفة وخميس جلاب صاحب الأغلبية الصامتة رغم ان الأغلبية لا تصمت كما قال أحد الرفاق في مقال سابق له.
وفي الختام ..نقول لمالك عقار وعرمان ، عليكما ان تقتنعا بالواقع الجديد للحركة الشعبية لتحرير بعد قرارات مجلس تحرير”المنطقتين” والقرارات التي أصدرتها القيادة الجديدة سيما المتعلقة بهيكلة الجيش الشعبي، وهناك مؤتمر قومي استثنائي في أكتوبر القادم والفرصة متاحة للجميع بما فيهم عرمان وعقار وأحمد العمدة للمشاركة والترشح لأي موقع يريدونه، لكن كما قال القيادي في الحركة الشعبية د.محمد يوسف أحمد المصطفى ،فإن أي جسم يريد إنشاءه الرئيس السابق للحركة الشعبية مالك عقار وأمينها السابق ياسر عرمان سيولد ميتاً، وأي جسم يكون خارج إطار مؤسسات الحركة الشعبية سيكون ضعيفاً مثل حزب دانيال كودي). وأي حزب أو تنظيم ينشأ بعيداً عن الجيش الشعبي وبدون برنامج السودان الجديد وتقرير المصير لا معنى له.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد