مقالات وآراء

جمع السلاح بين الوهم والخوف

محمد حسن أوباما
إن أصعب شئٍ في هذه الحياة أن تتغلب عليك حِيلةٌ أنت من صنعها من العدم، والأصعب والمؤلم هو أنها حِيلةً تصنعها بنفسك ولكن لغرض آخر مثل خلق الفوضي وزرع الفتن بين الناس لدرجة أن يتقاتلوا فيما بينهم بدون سببٍ أو وجه حق. البشير والمجرمون الذين ينتمون للنظام الفاسد، هم من صنعوا الحِيلةً ولكن غلبتهم، زرعوا أقبح وأوسخ الفتن بين مكونات هذا الشعب النبيل الذي يعرفه الجميع بنقاء وصفاء ضميره الحي الذي كان قبل الأنظمة الفاشلة وبالتحديد هذا النظام المنتهي أخلاقياً، كان الشعب لا يعرف التمييز والتفرقة سواء قبيلة كانت أو جهوية أو علي أساس لون أوغيره، كان هذا الشعب الطيب يعرف شيئاً واحداً اسمه “السودان”، بعد زراعة العنصرية، قام النظام بصناعة مليشيات صُممت قبلياً وجهوياً، تقوم بكل الممارسات التي لا تشبه سلوك أبناء هذا البلد الجريح، السؤال الذي يطرح نفسه هنا من أين اتي هذا السلوك؟ الإجابة هنا تحتاج لسلسة مقالات وربما تأخذ شهراً أو أكثر إذا كتبناها بشكل يومي ومستمر، لأ علينا بذلك حالياً ولكن سياتي الوقت المناسب ونتحدث عن ذلك، نعود الي الحِيلة التي تغلبت علي من صنعها بنفسه، الحِيلة هي السلاح الذي تم توزيعه منذ سطو النظام لهذا البلد في منتصف ذلك الليل الذي كرهنا تاريخه وذكراه، الآن يصدر زعيم العصابة قراراً بجمع السلاح بالقوة ولكن الأسئلة التي يجب الإجابة عليها هل يستطيع أن يأتي النظام بأجوبة منطقية توقف هذا العبث الفوضوي الذي يروح ضحيةً له ذلك المواطن البرئ؟ وهل يستطيع أن يجمع ذلك الكم الهائل من السلاح المنتشر في يد المليشيات التي هو من قام بتسليحها؟ ولماذا أصلاً تم تسليحها من البداية؟ ثم بعد إيجاد إجابات لهذه الأسئلة، كيف سيتم جمع السلاح من تلك القوى الثورية التي حملت السلاح بسبب هذه التسليح القبلي المليشوي؟ وهل يستطيع النظام تحقيق هذا الهدف الذي يحلم به يومياً، كل هذه الأسئلة الآن هي التي تقلق النظام وتقلقل دواخله بعد أن باتت تُشكل خطراً علي ضمان وجوده علي كرسي السلطة، فقرار جمع السلاح الآن أصبح مستحيل تنفيذه بين ليلة وضحاها، ثم ماذا عن القوى الثورية التي تناضل من أجل إسترداد الدولة التي نهب النظام كل ثرواتها وقتل من قتل بغير وجه حق، وكما قال الرفيق مني مناوي إن عملية جمع السلاح بالقوة والتهديد لن تتحقق، وربما تأخذ أعوام ولا يستطيع النظام جمع 1‎%‎ منه لأن السلاح أصبح اكثر عدداً من الذين يحملونه، ولكنها تستطيع جمعه بالنوايا الحسنة التي وقد لا تستغرق ذلك أسبوعين بالتشاور والعمل من أجل مصلحة الوطن والمواطن فقط لا غير. السلاح سوف ينتشر لأن دواعي نشره تتوفر بكثرة، ليس من باب الفوضي أو زعزعة الإستقرار، ولكن الضعفاء يجب أن يدافعوا عن أنفسهم من تهجم وتغول تلك المليشيات الحكومية والتي تقوم بتنفيذ تلك التعليمات التي تصدر من الخرطوم، الآن الأمر بات لا يُطاق ولا يُحتمل وكما يقول المثل الشعبي (الفأس وقع في الرأس)، كل هذا غير العداوة الخارجية ومع دول الجوار دون النظر إلي مصلحة المواطن الذي هو المتضرر الأول من كل هذه الفتن التي زرعها النظام ، والمسؤولين وأبنائهم مستقبلهم مضمون، لذلك لا يهمهم إن رُفع الحظر أم لا بل تهمهم تلك الأموال التي تذهب إلي أرصدتهم الخاصة من تلك الدول التي تستفيد من ما يقوله حاكمنا الظالم وهذه العبارات التي تُقال من قبل طبقة الأرزقية هي أحياناً تكون حسب المكيفات التي يتعاطونها في تلك المزارع والفلل الرئاسية، والمؤسف أن بَعضُنَا هم مثل ( العِيرُ في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولاً) ولذلك قد ماتت في دواخلنا تلك النخوة التي نتميز بها نحن كسودانيين دون الشعوب الأخري، لذلك كل شي أصبح يلامس أسماعنا لكنه لا يلامس نخوتنا التي تُماثل نخوة المعتصم، إذا تصافت قلوبنا ونوايانا كل شَيْء سيكون أفضل، لماذا نكره بَعضُنَا البعض دون سببٍ موضوعي وكلنا من صُلب هذا الوطن ومن كل ذَرَّةٍ فيه، طالما كلنا من هذا التراب السوداني الأصيل المتفرد علينا أن نكون أكثر تكاتفاً وتعاوناً لكي نعيد هذا الوطن إلي ذلك العهد الجميل، عهد الوفاء الذي مات فينا قهراً لصمتنا الدائم عن الأفعال الكارثية التي تحدث وتتكرر يومياً أمام ناظرينا دون أن تحرك شيئاً في دواخلنا، لماذا تعتصرنا كل هذه الآلالم والمعاناة ونحن ننتظر أن ينزل الله ملكاً او رسولاً لينتشلنا من الهوة التي نتردى فيها، أو نملك معجزةً مثل عصا موسي أو مصباح علاء الدين السحري، إنتظار هذه المستحيلات لا تزيدنا إلا بؤساً وشقاءً، لذا لزاماً علينا جميعاً كأبناء لهذا الوطن، دون فرزٍ لوني أو جهوي أو سياسي، أن نتحد ونتجرد من (الأنا) وفِي الوحدة تكمن المعجزات وتتسخر لنا المخارج من حيث لا ندري لتحقيق تطلعات وطموحات أولئك الذين حتي الشياطين تحن علي حالهم بسبب فعل حاكمٍ ظالمٍ جائر طغي على رعيته وقال لهم مقولةً شبيه بمقولة فرعون لم يتفوه بها لسانه ولكن أكدها بإفعاله وجرائمه وظلمه وقسوته، فبسبب هذا الصمت الذي لازمنا كأمة ديست كرامتنا، علينا أن نُفجِر هذا الهدوء ليكون بمثابة ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة، ونجعله بركان يغلي ويثور، ويصبحَ قُنبُلةٌ ناسفة تنسف هذا النظام حتي يصبح ذِكْرِي قذرة معروفة في كُتب التاريخ الجديد.
14/8/2017م
obamatongez@gmail.com

مقالات ذات صلة