مقالات وآراء

يسألونك عن لماذا صارت ليبيا من دولة مؤسسة للأتحاد الأفريقي الي مقبرة للأفارقة

وقد استعرضنا في مقال سابق عن كيف كانت ليبيا في عهد العقيد معمر القذافي من بسط الأمن والرخاء الأقتصادي وهيبة الدولة وسمعة ليبيا ومكانتها أقليميا وأفريقيا وعالميا وداعمة ومساندة في كل قضايا الأنسان . وكانت ليبيا بمثابة عالمية لمحاربة الأمبريالية والفاشية والرجعية , وكانت ليبيا قبلة للطلاب الحرية والأنعتاق النهائي من العسف والأستبداد والجور, وكانت ليبيا صراحة واحة للأمن والأمان ووخيرها واصل الجميع وخصوصا جوارها الأقليمي . وكانت ليبيا علي لسان كل حر وشريف . ولكن مع الأسف التطرف والتعصب الديني والجهوية الضيقة وممارسة القلبلية السياسية وأنسداد الأفق ( والبدن ) للذين يعرفون معني البدن ) هذه الأمراض قادتهم في غفلة من الزمان الي تآمر وتخابر مع قوي الأستعمار والأعداء لأنهاء دور ليبيا الطليعي وكل ما هو جميل وفترة تاريخية مضيئة في تاريخ ليبيا الحديث . ولو علم الليبيون لماذا قتل القذافي سوف يضعون رؤوسهم في التراب مدي الحياة .
برغم انني لست من رعايا هذه الدولة ولكنني عشت فيها احلي ايام عمري حيث درست في جامعاتها وعايشت كل التحولات التي تمت علي ارضها ,ولدي ذكريات جميلة لاتتمحي من الذاكرة مهما طال بنا الزمان , وأصدقاء كثر حيث تجولنا معا في كل المدن الليبية بدءا من امساعد في حدودها مع مصر, الي طبرق ودرنة والبيضاء ومرج والعقورية وبنغازي وأجدابيا والكفرة وأوجلة وجالو وسرير والبريقة ورأس نانوف والزويتنة وبني جواد وسرت والجفرة وهون وسكنة وسبها ووادي الحياة وبرجوج وأوباري وغدامس ومصراتة والخمس وزليطن وقرة بوللي وتاجورء وطرابلس وقصر بني غشير وجنزور والزاوية وصرمان وصبراتة وزوارة وسواني بني ادم والغريان وككلة والعجيلات ووكل مدن الجبل الغربي . ولكنني بكل صراحة لا أستطيع ان أتخيل كيف صارت ليبيا سنوات التي تلت مقتل العقيد القذافي كانت صدمة ونكبة علينا وعلي الليبين , أحترابا وصراعات سياسية عمياء وأنهيار للأمن وغيابا للدولة والقانون , تمضي عام وراء وتترك وراءها خيبات والآلام وأوجاع بحجم ليبيا الجريح باتت تئن من وطاءة الضياع والعبث واللامعقول والأنسداد السياسي وأنهيار مؤسسات الدولة وتحولت البلاد الي دويلات متحاربة ووكرا للجريمة المنظمة ومركزا لتجارة البشر والأرق والعبودية والخطف للمقايضة بالمال ومن ابي او عجزكانت مصيره القتل كما رايناها في وسائل التواصل الأجتماعي , وقد صارت ليبيا مقبرة للأفارقة المساكين الذين يسعون لحياة افضل وأذا بهم يقعون في ايدي جماعات الأرهاب والجهل الديني وفاقدوا التربية الذين يتعتبرون انفسهم ان الله لم يهدي سواهم . ليبيا هي التي اسست الأتحاد الأفريقي في سرت بقاعة ( أوقادوقو ) عام 1999 م وتحولت اليوم الي مصيدة ومقبرة للأفارقة يا للعجب !!!
سنوات طوت وعام آخر يحل لتبدأ ساعته بالدوران وبين عام وعام يسير أحداث ليبيا وفق نسق لا يأبة كثيرا بالأيام والأشهر , فالمشهد السياسي الليبي ظل محكوما بالتجاذبات والملف الأمني تتضخم بأخبار التقاتل والدماء والصراع الذي يزاداد يوما بعد يوم حيث فقدان كل شيئ لا كهرباء ولا ماء ولا دواء وعلاج ولا اموال ولا مرتبات وبدأ الفقر يدب دبا في جسد الليبي , وبدأ الجوع والمرض رغم ما وهبه الله لهم من النفط والغازوالماء والشمس والموقع الجغرافي الفريد ورغم الأمكانيات السياحية الهائلة . وقد ظل اراقة دماء الليبين والليبيات علي ايدي ليبية لم تعرف سوي الحقد والكراهية ولا نري بريق أمل في نهاية النفق . ليس هناك حل في تقديري غير الأتفاق جميع الأطراف وتقديم تنازلات حقيقية , وتمسك حول جملة المبادئ الوطنية والثوابت ومنها تحقيق المصالحة ونزع السلاح وحل الميلشيات والقضاء نهائيا بتجفيف مصادرها, وتركيز علي المؤسسات السيادية وفي مقدمتها الجيش والشرطة وتفعيل دور القضاء وأنتعاش الأقتصادي وأعادة النسيج الأجتماعي والعمل علي وضع دستور بعقد أجتماعي جديد يكون منطلقا لحياة سياسية صحيحة وسليمة . ويحتاج هذا الأمر الي فترة أنتقالية من ثلاثة الي خمسة سنوات لبناء مؤسسات ديمقراطية وبناء كيانات المجتمع المدني . وهذه الفترة يكلف الجنرال خليفة حفتر بأعتباره قائد الجيش الليبي لأعادة ترتيب الأوضاع الأمنية أولا لأن بدون الأمن لا يمكن ان تقام الدولة . والعمل بأستعاب جميع المسلحين اللائقين صحيا في الجيش الوطني والعمل علي تغيير عقيدتهم القتالية وترسيخ الولاء للوطن قبل اي كيان أخر . وبعد هذه الفترة الأنتقالية سوف يجري أنتخابات حرة ونزيهة يكون فيها الكلمة للشعب من خلال صندوق الأقتراع وتحديد معالم دولة ليبيا الديمقراطية وأعادة ليبيا دورها الطليعي في العالم العربي والأفريقي .
آدم كردي شمس

مقالات ذات صلة