لاهاي _ صوت الهامش
طرحت “أمل نصار” – المدافعة عن العدالة الدولية ، وممثلة للمنظمة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان لدى المحكمة الجنائية الدولية– تساؤلًا مهماً حول المحطة التالية في خط سير الرئيس السوداني “عمر البشير” ؟ وهل ستكون هذه المحطة هي القمة العربية المقبلة في تونس ستكونالأخيرة ؟
جاء ذلك في مقال رأي مطول نشره موقع “العربي الجديد” عبرت فيه “نصار” عن رأيها ورأي بلدها “هولندا” في ما آلت إليه الأمور بعد مرور 10 أعوام على إدانة المحكمة الجنائية الدولية للمرة الأولى للبشير بسبب فظائع اتهم بارتكابها في دارفور.
وقالت “نصار” أنه على الرغم من أن الاجتماعات السابقة قد أثارت مداولات ثابتة حول المزيد من بنود جدول الأعمال التقليدية، مثل “أولويات السلام والأمن” و “الاستقرار والازدهار وتنمية الدول العربية والسكان” إلا أنه من المفترض أن يلتفت القادة العرب في هذه القمة الحادية والثلاثين في تونس في نهاية هذا الشهر، لمعالجة قضية واحدة تم تجاهلها لفترة طويلة، ألا وهي مذكرات توقيف بحق الرئيس السوداني البشير واستمرار تدهور حقوق الإنسان في إقليم دارفور.
وفي حال مشاركة البشير في القمة المقبلة – كما جرت العادة – فسيكون ذلك بعد مرور 10 سنوات على إدانته من قبل المحكمة الجنائية الدولية لأول مرة لفظائع اتهم بارتكابها في دارفور، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف دولية بحق البشير في 4 مارس 2009 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد مضى عليها الآن عقد من الزمن.
وقد كانت هذه الجرائم خطيرة لدرجة أن المجتمع الدولي قرر إحالة المسألة من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر المحكمة الوحيدة القادرة على محاسبة البشير.
وكشفت “نصار” في مقالها أنه بعد مرور عام، سيصبح البشير أول شخص تتهمه المحكمة الجنائية الدولية، بموجب أمر اعتقال دولي ثان بتهم متعددة من الإبادة الجماعية ارتكبت ضد المدنيين من غير العرب – يشار إليها أيضًا باسم القبائل الأفريقية – في دارفور.
وأسفرت تلك الفظائع التي يعتبر البشير مسؤلًا عنها مسؤولية مباشرة، عن مقتل ما لا يقل عن 100 ألف شخص ، وتشريد 2.7 مليون لاجئ، وتعريض عدد لا يحصى من النساء والفتيات لجرائم العنف الجنسي.
وأفاد المقال أن ردود الفعل السودانية على أوامر الاعتقال تضمنت طرد مجموعات الإغاثة الدولية والمنظمات الإنسانية، وحرمان السودانيين من عمليات إنقاذ الحياة ، والرعاية الطبية ، والمأوى ، والمياه، إلخ.
وتعجبت “نصار” من أنه منذ 10 سنوات، استمر البشير ويستمر إلى الآن في السفر حول العالم بما في ذلك إلى الدول الموقعة على اتفاقية روما، والتي لم تلتزم بتسليمه إلى المحكمة، وحتى الآن، لا تزال أوامر الاعتقال الخاصة بالبشير غير منفذة، حيث تنص على أن المحكمة الجنائية الدولية تعتمد على تلك الدول لاعتقال وتسليم المشتبه بهم.
وفي الوقت الذي يستعد فيه البشير لحضور قمة جامعة الدول العربية السنوية، تجدر الإشارة إلى أن تلك القمة تعقد هذا العام في “تونس” وهي واحدة من خمس دول أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية فقط من أصل 22 دولة من دول الجامعة العربية، والأربع دول الأخرى هي الأردن ، جيبوتي وجزر القمر وفلسطين.
ونوهت “نصار” إلى أن كون “تونس” دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية فهو ما يفرض عليها التزامات قانونية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن مجموعة من القضايا، لا سيما بشأن القبض على الهاربين ونقلهم مثل البشير إلى مقر المحكمة في لاهاي.
وفي شهادة للتاريخ، فقد استضافت كل من أوغندا وجيبوتي وملاوي وتشاد وكينيا وجنوب إفريقيا والأردن مؤخراً، والتي استضافت قمة جامعة الدول العربية لعام 2017، البشير، ومن الواضح أنها فشلت في نقله إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وبالرغم أن مثل هذا الموقف المقلق أصبح ممارسة شائعة، فإن كل عملية اعتقال فاشلة تضيف طبقة جديدة من خيبة الأمل لضحايا سلوك البشير الوحشي في منطقة دارفور حسبما تقول “نصار” .
ووصفت “نصار” الموقف الإقليمي لجامعة الدول العربية بأنه “للأسف ، ليس مفيدًا تمامًا” خاصةً في أعقاب إخفاق الأردن في اعتقال البشير ونقله أثناء تواجده على أرضه، ما دفع قضاة المحكمة لإحالة الأردن إلى جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية – هيئة الرقابة الإدارية والتشريعية للمحكمة – وإلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
واستأنف الأردن هذا القرار، مما أثار سلسلة من المناقشات القانونية حول ما إذا كان ملزمًا بموجب القانون الدولي بالقبض على البشير، حيث جادل الأردن بأنه ملزم بموجب القانون الدولي العرفي باحترام حصانة البشير كرئيس دولة حاضر، وكممثل للسودان في قمة جامعة الدول العربية لعام 2017 وهو ما يتعلق بالتزاماته السابقة بموجب ميثاق جامعة الدول العربية لعام 1945 واتفاقية 1953 بشأن الامتيازات والحصانات.
وقد وافقت جامعة الدول العربية على حجة الأردن، التي قدمتها في جلسات الاستماع في المحكمة في سبتمبر الماضي، ولا يزال يتعين على القضاة البت في المسائل القانونية التي أثارها الأردن والرابطة.