مقالات وآراء

التحرر من الراديكالية من شروط النهضة

من نحن سؤال ظل يشكل علامة فارغة في تاريخ الصراع السوداني فالأغلبية تقول نحن عرب قادمون من شبه جزيرة العرب أحفاد رسول الله وأصحابه وتزاوجنا مع المجموعات السكانية الإفريقية الموجود بالسودان منذ قديم الزمان .

هكذا يجيب الأغلبية من أبناء السودان الذين يحالون تاكيد عروبة السودان هم انفسهم ينتقدون مبرراتهم فاعترافهم بالاختلاط مع العنصر الافريقي الذي وجدوه في السودان ابان توافدهم من شبه جزيرة العرب هذا التبرير كافي لضحض تاويلاتهم واصباغ العروبة على الوطن الاسمر وقد نسوا أو تناسوا بان الانتماء العرقي لا يشكل أي تمييز ايجابي الآن عند الشعوب الرجعية التي تعتمد على الماضي الثقافي للتباهي والتمايز والتفاخر بدء الصراع العرقي حول السلطة بين المجموعة العروبية (الإشراف) والغرابة بعد استشهاد الإمام المهدي وتولي الخليفة عبدا لله التعايشي الحكم الذي دام أكثر من خمس عشر عام باعتبار الحكم للأشراف وعلى الغرابة خدمة أسيادتهم منذ تلك اللحظة نشأ تحالف استراتيجي بين المجوعات النيلية العروبية للاستئثار بالسلطة والثروة وعلى أن يكون حكم الخليفة الأول والأخير للمجموعات الاخرى , استطاعت الأحزاب العقائدية توظيف البعد الديني بالانتساب لرسوله الله حتى يتوفر لها غطاء ايدولوجي لمشروع الهيمنة والسيطرة باعتبار البعد الديني يفرض الطاعة العمياء للأتباع .

العديد من دراسات الانثرولوجيا تؤكد بان العروبة في السودان لاتتجاوز نسبة 10% من التكوين الديموغرافي من إجمالي السكان إلا أن الأقلية تهيمن علي مقاليد الأمور منذ خروج المستعمر الأجنبي , التعالي الثقافي والاجتماعي والديني فرض على بعض المجموعات الإفريقية التماهي مع التيار العروبي بشكل أو بآخر حتى يتثني لهم التمتع بالامتيازات الاجتماعية والثقافية وتجاهل اللغات المحلية والموروثات ,الاستلاب أتاح مساحات شبه محدودة في الخدمة المدنية والتجارة وغيرها من الوظائف العادية فالمواقع المهمة وذات الصلاحيات والامتيازات محتكرة للأقلية رغم ذلك إلا أن عملية التزاوج والانصهار بين المجموعتين شبه معدومة .

ظهور تيارات حداثية أتاح فرص لحدوث تحولات جوهرية في الخارطة السياسية والثقافية إلا أن أنها سقطت في اختبار إدارة التنوع والديمقراطية والحرية مما أسهم في تعقيد الأزمة المتفاقمة , التقاطعات ساهمت بشكل أو بآخر في الحد من إسهام النضال المسلح في إحداث توازن قوي يفرض تسوية عادلة يعقبه مؤتمر جامع شامل يشارك فيه الجميع من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني يعترف بالتنوع والحريات والديمقراطية وفك الهيمنة والسيطرة واعتماد المواطنة كمدخل للخدمة المدنية بعيدا عن التمييز التفضيلي , المدخل للتحولات أعلاه يعتمد على إعادة قراءة التاريخ والاعتراف بان السودان متعدد الثقافات والاثنيات وإدراك بان المجموعات السودانية (الشرق . كردفان النيل الازرق . دارفور .الشمالية) لايمكن لها الصمت والتنازل عن الحقوق كما سبق , فان استمر الوضع كما هو عليه فان إمكانية إقامة دول حديثة سيكون أمر واقعي .

محمد علي تورشين

mohammedtorshin@gmail.com

مقالات ذات صلة