الأخبار

تقرير: فساد غير مسبوق يكتنف عملية إعادة التوطين في السودان

جنيف – صوت الهامش

كشف تقرير لشبكة أنباء الإنسانية (ايرين) عن تورّط أفراد عاملين مع مكتب الأمم المتحدة الخاص بإعادة التوطين بالسودان في ممارسات فاسدة، وعن أن قرارات مصيرية يتم اتخاذها بالرشاوى بدلا من الأهلية.

وأفاد التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) بأن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تقول إنها الآن بصدد إجراء تحقيقات في دعاوى بهذا الخصوص.

وقال بضعة عشر شخصًا، تعاملوا مع أفراد على علاقة بمكتب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في السودان، إن هؤلاء يتقاضون رشاوى لتسهيل عملية إعادة توطين لاجئين.

وقال إثيوبي في الخرطوم، لم يفصح عن هويته خوفًا من الاعتقال التعسفي والترحيل، “إننا نسميهم (مافيا) – من المفترض أن يتولوا رعاية اللاجئين، لكنهم هنا لا يفكرون إلا في أنفسهم.”

وأكد المتحدث الرسمي باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، بابار بالوش، أن مكتب المفتش العام المستقل للمفوضية والذي مقره في جنيف، يضطلع الآن بإجراء تحقيق في هذه الدعاوى،قائلا “إن المفوضية تفعل كل شيء لضمان تكامل برنامج إعادة التوطين نظرًا لأهميته القصوى في الحفاظ على ثقة اللاجئين والدول المعنية. ويقود تحقيقات المفوضية محققون محترفون.”

ويبدو أن مكتب المفتش العام قد فتح التحقيق في شهر مارس الماضي، على الرغم من عدم تأكيد المفوضية للتوقيت، أو ما إذا كان التحقيق قد بدأ بسبب تقارير أثارتها شبكة أنباء (ايرين) في ذات الصدد.

وتحدّث الكثيرون من اللاجئين في الخرطوم، أو ممن غادروها إلى أوروبا، تحدثوا عن نظام راسخ للرشوة والاستغلال متعلق ببرنامج إعادة التوطين في الخرطوم.

وقال أحد العاملين سابقا بالمفوضية، رفض الإفصاح عن هويته خوفا من العقاب، “إن حجم الفساد في مكتب المفوضية بالخرطوم غير مسبوق، وإنه قائم منذ زمن طويل لكنه استفحل على مدى السنوات الأربع الماضية في غياب أية خطوات للتصدي له.”

ونوه التقرير عن أن الهجرة في منطقة القرن الأفريقي هي عملية معقدة ودائبة التطور. وبحكم موقعه في مفترق طرق، فإن السودان هو مُضيف لفترات قصيرة وأخرى طويلة لأعداد كبيرة من اللاجئين وطالبي اللجوء القادمين في معظم الأحيان من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا وأيضا من سوريا واليمن وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويعبر الكثير من المهاجرين السودان في طريقهم إلى أوروبا مرورا بليبيا.

ويستضيف السودان نحو 1.2 مليون لاجئ من مجموع 22.5 مليون لاجئي حول العالم. ويطمع هؤلاء اللاجئون في الحصول على فرصة إعادة التوطين وبدء حياة جديدة في بلد غربي. ولكن في ظل حصول نسبة لا تصل إلى واحد بالمئة من اللاجئين المسجلين على فرصة إعادة التوطين كل عام، فإن العملية عادة ما تكون مدخلاً للانتهاكات والاستغلال.

ويقول بالوش إنه ومنذ عام 2015، على مستوى العالم، جرى التحقيق في نحو 59 دعوى تتعلق بالنصب في عمليات إعادة توطين وتحديد أوضاع لاجئين.

وقد تلقى مكتب المفتش العام للمفوضية عام 2017 نحو 400 شكوى من سوء الممارسات من جانب العاملين بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين حول العالم، معظم هذه الشكاوى متعلق بالنصب والاستغلال الجنسي وغيرها من الانتهاكات.

ونبه التقرير إلى أن المهاجرين القادمين للسودان طلبًا للجوء يتعين عليهم أولا التوجه إلى مخيم (شغراب) شرقي السودان من أجل التسجيل كلاجئين. غير أن الكثيرين يقفزون تلك الخطوة ويتجهون مباشرة إلى العاصمة الخرطوم نظرا لسوء سمعة المخيم من عمليات الاختطاف طلبا للفدية.

وتبلغ تكلفة تسريع عملية تسجيل اللجوء وإعادة التوطين لطالبي اللجوء غير المسجلين في الخرطوم حوالي 15 ألف دولار. فيما تصل تكلفة إعادة توطين عائلة بالكامل إلى 35-40 ألف دولار.

وعادة ما تأتي تلك الأموال من أقارب لهؤلاء اللاجئين يعيشون في أوروبا أو في أماكن أخرى.
ويقول اللاجئون إن الرشاوى يتم دفعها لشبكة تتضمن وسطاء وعناصر حماية تابعة لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين.

وعلقت الأمم المتحدة برنامج إعادة توطين اللاجئين في السودان لوجود شبهة فساد، وذلك في ضوء تحقيقين جاريين تم إطلاقهما في شهري فبراير ومارس من جانب مكتب المفتش العام في المفوضية.

ونوهت المفوضية إلى أنها تشجع جميع الأشخاص الذين لديهم معلومات بشأن أي عمليات تزوير أو مخالفات أخرى محتملة على الاتصال بمكتب المفتش العام دون تأخير، مؤكدة أنها لا تفرض أي رسوم لمساعدة اللاجئين أو الأشخاص الآخرين الذين تعنى بهم.

وتُشكل إعادة التوطين أحد الحلول الثلاثة الأساسية للاجئين ويجري تطبيقها على أشخاص من الفئات الأشد ضعفاً والذين من غير الممكن أن يعودوا طوعاً إلى بلادهم أو أن يندمجوا محلياً، وهي بمثابة شريان حياة لهم.

مقالات ذات صلة