مقالات وآراء

رائحة الفساد وتسلط الكيزان (2)

المال العام هو كل ما تعود ملكيته للشعب سواء كان نقدا أو عقارا أو وسائل نقل أو أدوات ليس من حق الأشخاص الذاتيين أو المعنويين التصرف فيه بيعا أو استغلالا لأغراض شخصية فهو أمانة في عنق أولى الأمر من المسؤولين الذين يتولون تدبيره نيابة عن الشعب . الفساد المالي هو الاعتداء على المال العام نهبا أو اختلاسا باستغلال النفوذ وباستعمال وسائل وطرق خارج القانون فالمال مارد جبار تخضع له الرقاب وتنجذب إليه النفوس ويبعث على الخيانة والكذب والسرقة والتزلف والنفاق وأثره واضح في السياسات فهو عنوان الضعف والقوة وسلاح الصمود والتقهقر في نفس الآن . الفساد المالي صفة تنتمي إلى منظومة واسعة وشاسعة تستقطب جيشا من المفسدين الذين استعملوا سلطاتهم ومراكزهم ووظائفهم وقرابتهم للاغتناء اللامشروع والكسب الحرام بالرشوة والسرقة والابتزاز والاستغلال وبالحصول على القروض السخية والصفقات الوهمية . وقدكشف تقارير المراجع العام الحقائق في كثير من المؤسسات مثل المرور والجوازات والضرائب والقضائية والزكاة والأراضي وغيرها من مؤسسات الدولة السودانية ولكن للأسف سرعان ما تختفي هذه الملفات . الفسادالمالي أصبح اليوم جرثومة تنخر جسد السودان حسب تقارير المؤسسات المختصة في عالم الجريمة . الفسادالمالي كما يشكل أحد أهم العوامل المؤسسة للتخلف يعتبر اساءة مطلقة للوظيفة العمومية واستعمالها للكسب الخاص أو لمراكمة المكاسب ضدا في مصالح الدولة أو لتضخيم الثروة الشخصية أو الاستفادة إلى أقصى حد من تأثير النفوذ المالي للبقاء في السلطة . والفساد المالي ظاهرة خطيرة ومؤثرة ابتلى بها السودان في عهد الكيزان الفاسد وهو ما صنع في النهاية لوبي إقطاعي اتخذ بتراكم السنين حجم الغول الذي أصاب الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة بخسائر فادحة لا تقدر بثمن . والفساد المالي لم يوجد على الأرض السودانية بالصدفة إنه نتيجة طبيعية وعادية لفساد متعدد الأسماء والصفات والانتماءات والأشكال وجد مناخه المناسب في إدارة مريضة بالرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ فتغلغل وتعمق في دواليبها إلى أن جعل منها إدارة لمنظومته .

الطيب محمد جاده

مقالات ذات صلة