واشنطن: صوت الهامش
قال جون برندرغاست، رئيس منظمة كفاية الأمريكية، إن العقوبات المفروضة على حكومة السودان يجب أن تظل قائمة؛ كما أن الاضطهاد المستمر للمسيحيين وينبغي أن يكون بمثابة إشارة خطيرة لإدارة ترامب.
وأشار برندرغاست –في تقرير نشره موقع (يو إس نيوز دوت كوم)- إلى سقوط خمسة متظاهرين سلميين على الأقل في مخيم كلمة للنازحين بدارفور الأسبوع الماضي إبان محاولة استفزازية من جانب الرئيس عمر البشير المتهم بارتكاب جرائم حرب لزيارة المخيم ورسْم صورة للحياة في دولته هي على النقيض من الواقع الذي يعيشه ملايين في المخيمات والكهوف ممن يعتمدون بشكل بائس على المساعدات الإنسانية التي عادة ما يتم اعتراضها عبر حكومة البشير وممن يتعرضون بشكل متواصل لجرائم فظيعة ترعاها تلك الحكومة.
وأضاف التقرير ،الذي اطلعت عليه (صوت الهامش)، أنه على الرغم من تاريخ السودان الطويل والجيد التوثيق في اضطهاد المسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية، إلا أن توقيت حادث مخيم كلمة هذا يثير الدهشة على نحو خاص؛ حيث نظام البشير منخرط بكامل هيئته في عملية ضغط لرفع العقوبات الأمريكية التي طال أمدها، ومن ذلك توكيل شركة “سكوير باتون بوغز” للضغط في واشنطن من أجل الترويج لمطلب الحكومة السودانية لدى إدارة ترامب.
ويمكننا أن نتخيل ماذا سيفعل نظام الخرطوم غداة أن ترفع واشنطن العقوبات وتفقد أكثر أدوات نفوذها؛ فحتى في ظل تسليط الضوء على النظام السوداني فإنه يهدم 25 كنيسة وملحقاتها في السودان بدعوى مخالفات بناء.
وقال إن ما أحرزته حكومة الخرطوم من تقدم على صعيد المسارات الخمسة -التي وضعتها إدارة الرئيس السابق أوباما في يناير الماضي كمعايير يتعين الوفاء بها من أجل الرفع النهائي للعقوبات على السودان والمتوقع أن يحسمه الرئيس ترامب في وقت لاحق من الشهر الجاري- هذا التقدم المحرز هو تقدم محدود ولاسيما على صعيد وصول المساعدات الإنسانية، حيث يواصل النظام إعاقة وصول تلك المساعدات إلى الملايين من المدنيين السودانيين المحاصرين في مناطق صراع مشتعلة.
وأضاف “علي الرغم من أن الحرية الدينية لم تكن بين المسارات الخمسة، إلا أن مسئولين كبارًا في إدارة ترامب والعديد من أعضاء مجلسَي الشيوخ والنواب حريصون على تضمينها في المسارات بالإضافة إلى قضايا حقوقية أخرى في السودان – إن هدم الكنائس وملاحقة مرتاديها ورجالها في وقت يُفترض فيه أن النظام بصدد إظهار إحراز تقدّم على صعيد الحرية الدينية – هذا كفيل بأن يمثل إشارة خطيرة لإدارة ترامب”.
لقد قام المدير الجديد للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مارك غرين، مؤخرا بزيارة للسودان. وإذا كانت هذه هي الطريقة التي يتصرف بها نظام البشير لدى زيارة مسئول أمريكي رفيع لبلاده والعقوبات على المحك، فكيف إذن سيتعامل هذا النظام مع الأقليات الدينية حال ذهاب النفوذ الأمريكي الذي تمثله العقوبات؟
ولفت إن لنظام البشير تاريخا جيدّ التوثيق من التمييز ضد الأقليات الدينية، لاسيما تلك التي تعيش في مناطق نائية مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ومنذ انفصال الجنوب عام 2011 وحكومة الخرطوم تستهدف تقليص عدد الكنائس وأنشطتها في السودان.
وفي مايو الماضي، قال مايك بنس، نائب الرئيس ترامب إن إدارة الأخير ملتزمة بـ”الدفاع عن المسيحيين وغيرهم من كافة الأديان ممن تتعرض حريتهم الدينية للتهديد”. كما شارك وزير الخارجية ريكس تلرسون في بيان تقرير الوزارة حول الحرية الدينية، قائلا إن حكومة السودان تعتقل وتحتجز وتخوّف رجال دين وأعضاء كنائس، كما تحظر إصدار تراخيص بناء كنائس جديدة بينما تغلق وتهدم الكنائس القائمة”.
هذا وأكد التقرير إن كلا من بنس وتلرسون وغرين – إضافة إلى سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، والتي كانت حقوقية مفوهة في نيويورك- هؤلاء جميعا ينبغي أن يلقوا نظرة جادة على مدى وجاهة اتخاذ خطوة رفع العقوبات عن حكومة تفعل تلك الأفعال مع شعبها حتى حال تسليط الضوء على سلوكها.
لأنه عند انسحاب هذا الضوء المُسّلط، فإن شعب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرهم في الجنوب يعلمون جيدا أيّ مصير صعب ينتظر أولئك الذين انتقدوا حكومة الخرطوم ذات يوم ثم باتوا في قبضتها وحدها.