مقالات وآراء

وكان الجبل اله لعبده النوبة ١-٢

عاطف نواي
انتابني شعور عظيم عندما
علمت خبرا من الرفيق حمزة عبد الرسول قال لي مبروك قلت له علي ماذا قال لقد وثقت فيك القيادة وتم اختيارك من ضمن اخرين من الرفاق في لجنة المنفيستو .
في تلك اللحظة دارت في عقلي كل الاحداث التي مرت بها الحركة الشعبية تاريخيا وحاليا .
وبطريقة انفعالية اخذت التلفون لكي اتاكد من الاسافير عن الخبر لاني كنت اعلم ان الرفيق عاطف سليمان رد الله غربته من بلاد الصقيع في ظل وطن ديمقراطي علماني قد يكون من الاشخاص الذين تثق فيهم قيادة الحلو وبعد البحث اسفيريا تاكدت تماما اني انا المقصود لتطابق الاسم تماما مع الاب والجد .
استشعرت اني امام تحدي كبير حتي اثبت لقيادة الحركة الشعبية بانني قدر المسؤولية والثقة ضبطه اغراضي واحتياجاتي وتوجهت الي ارض الصمود والنضال كاودا .
كنت متشوقا الي رفاق فرقتنا عنهم ظروف الحياة و النضال والحرب وفي نفس الوقت كنت متشوقا لتجديد قسم الثورة اما قبور الرفاق يوسف كوة مكي ورمضان حامد ونيرون فلب وحربي دلنج واحمد الله قد فعلت ذلك زرت قبورهم تبادلنا التحية وجددت لهم الالتزام الثوري واننا في الدرب سائرون .
لم تدور في خيالي ولو لحظة واحدة ان اكتشف روح جديدة وعمق وجداني وتماسك وتكاتف وتفائل وصبر وجلد و خلق وسائل تطوير الحياة لتتوافق مع ظروف الحرب والنضال لشعب النوبة .
وفي ظل كل هذه الافكار التي تجسدت لاكتشاف روح جديدة في شعب النوبة / جنوب كردفان سوف اتناول المشاهد التي رايتها بدايتا بصبر وجلد وقوة المراة وابداعها تفانيها وفي اطار ما رايته من علي جانبي الطريق الذي سرنا فيه .
ومشهد اخر لطفل صغير يدعي كوتي ولكن اسمه الثاني سوخوي قد سحب البساط من الاسم الحقيقي والسوال لماذا سمي با السوخوي تلك الطائرة القاتلة لها قصة مع الطفل ووالدته والجبل الذي يقع قرب منزلهم سوف نسردها لاحقا ..
ومشهد اخر ميتافيزقي (ما وراء الطبيعة )او كما يقول الانتلجنسيا …ما ورائيات وبالرغم انني ليس من انصار الميتافيزق الا انني سوف انلقها لكم طالما حدث امام عيني وسالت عنها الناس وحدثوني بها ايمانا ويقينا .
ومشهد لامراة في الستينات من العمر قالت انها قابلت الرفيق الامين العام السابق ياسر عرمان تحدثة عنه بصدمة كبيرة عندما علمت بحجم الخيانة التي مارسها في حق الشعوب المهمشة وسوف انقل لكم بكل صدق وتجرد ما قالته الحبوبة .
ولا ننسي المشهد والقيمة الانسانية والاحترافية التي قامت بها لجنة البرتكول والخدمات التي تشرفة بالاشراف معها وخاصة طلاب مدرسة الشهيد جبريل كرومبا والحوار الذي دار بيني والطالبة ليلة رئيسة الطلاب من جانب ومن جانب اخر الذي دار بين احد اعضاء البرتكول والطالبة ليلي والرفيق الحلو وشخصي الضعيف حول مفاهيم الجندر ونظرة المجتمعات في الهامش للمراة
والمشهد الاخير هو قد رايت الديمقراطية بعيني في المؤتمر العام مما رسة وفعل ادت الي نجاح المؤتمر واكد ت النجاح بشهادة الحاضرين من الضيوف منظات واحزاب سياسية وسوف اتناول اقوالهم فقط حتي لا يتهمني البعض بالتحييز .
المشهد الاول :-
نحن نركب التركتور او كما يحلوا للسودانيين بالبابور متوجهيين الي عمق جبال النوبة حيث الطين الوحل من شدة الامطار التي تاكد الموسم الزراعي كما نلاحظ علي جانبي الطريف الالاف من الافدنه الزراعية من الذرة الرفيعة والشامية الغذاء الرئيسي لسكان ا لمنطقة وكذلك الفول السوداني والسمسم والخضر واشجار الفاكهة المانجو والليمون والقريب والجوافة بالقرب من الوديان والقشطة في سفوح الجبال ياكلها الانسان دون اي مقابل مادي وكذلك الطيور وخاصة الخفافيش اكلت الفاكهة كما تلاحظ شلالات المياه الهابطة من قمم الجبال تلثم وتقبل الوديان والحقول بمياه عزبة سلسبيل تروي الارض والزرع والانسان والحيوان كما تلاحظ الابقار والاغنام ترعي تقرض العشب يمتلئ ضرعها باللبن الدسم ينهل منه الكبار والصغار .
كل هذه المناظر الخلابة والغابات والخضرة تسلب الوجدان انستنا تعب السفر في الخريف وجعلت نفوسنا اكثر صفاء ولا ننسي طيبة المعشر والكرم والانس مع رفاق من اثنيات النوبة ساهم في اشعارنا بثقافة عالية في ادارة التنوع الذي يمتاز به رفاقنا من النوبة بفضل تكوينهم الوجداني والتربية السياسية للحركة الشعبية لبناء وطن يسع الجميع .
وبينما نحن نسير ويطوي بنا البابور في طريق وعر كطرق الهامش السوداني التي علق عليها دكتور جون مفجر ثورة الهامش عندما سئل عن الطرق في الجنوب الحبيب قال ( لاتوجد طرق في جنوب السودان منذا ان خلق الله الارض والخليقة )
الا ان سلاح المهندسيين بالجيش الشعبي شمال وبعض المنظمات العاملة في المنطقة ساهمة في تحسين الطرق هناك .
وما يثير الدهشة ويلفت الانتباه هو علي جانبي الطريق تجد كميه من المواطنين يسيرون جئتا وذهابا وخاصة المراة والبنات المراهقات يحملن الذرة واغراض اخري علي الرؤوس واخريات يحملن اطفال علي ظهورهن واخريات حبلوات باجنه علي وشك الخروج بالسلامة انشاء الله فمنظر النساء الحبلوات واللاتي يحملن اطفالهن ذكرني باحدي محاضرة دكتور ابكر ادم اسماعيل عندما قال ان مجتمع النوبة عبر تاريخه الطويل ظل يقاوم تجارة الرقيق بزيادة الانتاج البشري فكل ما فقد النوبة الفتيان والفتيات عبر تجارة الرقيق كل ما تكاثر المجتمع بشكل كبير ليحافظ علي العرق من الانقراض والان كل ما يفقد الناس هناك فلذات اكبادهم بعوامل الحرب والقصف ترتفع وتيرة الانجاب من اجل التعويض فاصبحت ثقافة للمحافظة علي التوازن و الوجود .
فاكثر شي ارقني وجعلني افكر كثيرا قوة وصبر وعزيمة المراة والرجل من النوبة تحس في عيونهم عدم الانكسار والخنوع ممزوج بالنصر والعزة تلاحظها بالرغم من طول الطريق وما يحملن من اغراض واطفال الا انهن لا يلتفتن للوراء وهن يسمعن صوت الالة التي تقلنا لا يستجدون احد يؤمنون بقناعة قوتهن البدنية التي اكتسبوها من تسلق الجبال والتربية العملية والانتاجية المتوارثة من جيل والي اخر مما يؤكد ان شعب النوبة واساليب التربية عندهم با الرغم من ان النوبة مجتمع تقليدي زراعي الا ان التربية عندهم تتوافق مع التربية العلمية تماما ( العقل السليم في الجسم السليم ) لذلك اتفق كل المؤرخين ان النوبة شعب قوي وعملي ومنتج وذكي .
دارت كل هذه الاحداث وانتهت باالوصول الي منطقة الدار فمنطقة الدار قدم فيها الجيش الشعبي ملحمة بطولية وصمود هزم فيها مليشيات النظام في ٢٠١٢ لا زالت اثارها واضحة .
نزلنا من البابور لتناول الشاي في السوق حسيت بالارهاق والتعب فتذكرة المثل السوداني التحذيري ( احذر سفر الخريف واكل التفاتيف و زواج بنت اللفيف )
واثناء شرب الشاي تخيلت كبر المساحة المحررة التي قطعناها وحتي الان لم نصل الي كاودا التي تقع في وسط الاراضي المححرة عندما يقول القائد الحلو ان الاراضي المحررة في النيل الازرق وجبال النوبة تعادل دولتي بورندي ورواندا ليس كما يقول الرفيق ياسر عرمان الذي يقارنها بدول اروبية يحاول التدليس وخداع الاوربيين وايهامهم بانه يملك جيش وشعب وارض محررة فالصحيح ان القيم الثورية النبيلة يملكها جميعا الرفيق الحلو وليس عرمان وهو يتعامل مع اعلام اكبر اجهزة استخبارتية في العالم تعرف كل صغيرة عن ما جري في الحركة الشعبية فالاوربيين ليسوا بهذا الغباء حتي يحاول الرفيق ياسر عرمان تغبيش الحقيقة.
المشهد الثاني الطفل السوخوي :_
في احدي زيارتنا الاسرية لمنطقة (كمو ) دار اهلنا التيرا كنا نتناول السلطة المكونة من التبش والشطة والطماطم البلي التي كنت اعتقد انها انقرضة بعد ان دمر الكيزان كل شئ الزرع والضرع وحتي البذور وفي تلك اللحظة ونحن نتناول السلطة كان هناك اطفال ظلوا في حالة صراع وهرج ومرج يتجاذبون شيئا بينهم يقودهم طفل شرس يتناهز عمره مابين اربع او خمس سنوات علي ما اعتقد فقامت مضيفتنا كاكا تنادي احدهم باسم سوخوي كعادة الامهات في فض النزاعات في تلك اللحظة اصابتني الدهشة وقلت في نفسي لماذا سمي هذا الطفل بطائرة السو خوي القاتله وكيف لهذا الشعب ان يمتن بالاشياء التي تقتله توصلت الي ان هناك سر عظيم وراء هذا الاسم وبدافع الفضول ناديتها فقلت للام كاكا لماذا سميتي ابنك بطائرة تقصفكم ليلا ونهارا اقتربت كاكا مني وقالت وهي تشير لي بايدها الي الجبل باتجاه احدي الصخور التي تقع خلف منزلهم او باالاحري ان المنزل مبني في قعر الجبل اصلا و اضافة انها كانت حامل بهذا الطفل في الشهر الاخير وفجئتا جاءت طائرة سوخوي ورمت براميل متفجرة هناك ومن شدة الانفجار والرعب والهلع والخوف وضعت هذا الطفل قبل سبع يوم من الوقت الذي حدده الدكتور لذلك تمت كنايته بسوخوي لكن له اسم حقيقي حسب الثقافة عندنا علي ما اعتقد (كوتي ) .
واضافة لولا الجبل لكنت انا واسرتي وجيراننا من اعداد الموتي .
فالجبل عند النوبة حماية ووجدان ثقافي منذا التاريخ حيث حماهم من غزوات الاعداء وتجار الرقيق والوحوش البرية وحديثا اليوم يحميهم من قصف الطيران والمدفعية وكل من جالستهم من النوبة شيوخ وشباب مراة واطفال يحكون لك كيف كانت الجبال تحميهم من الالة العسكرية لنظام الابادة الجماعية وهو ما دفعني ان اتخيل الجبل الذي دافع عن شعب النوبة تاريخيا والي اليوم لذلك اخترت هذا المشهد ليكون عنوانا لمقالي هذا ( لو كان الجبل اله لعبده النوبة ) لان في محنتهم الحالية لم يجدو الا القلة من الشعب السوداني والاحزاب وغض عنهم المجتمع الاقليمي والدولي الطرف . ولو لا الجيش الشعبي والحركة الشعبية شمال لتمت ابادة النوبه
وانا استغرب من البعض الذين يدعون الدفاع عن حقوق الانسان ينتقدون حق تقرير المصير لسكان جبال النوبة / جنوب كردفان والنيل الازرق .فمن يؤمن بحقوق الانسان ويدافع عنها اما ان يحملها كلها او يتركها كلها لان الحقوق لا تتجزء وكانما يريدون ابادتهم من الوجود بعد ان استرقوهم تاريخيا والان يقصفونهم بالطيران في مناطقهم المحررة ويضطهدونهم ثقافيا وعرقيا ودينيا في المدن ..
واذا رجعنا لمنطقة كمو التي قصفها الطيران ومناطق اخري كثيرة تم قصفها كا اهداف مدنية جوامع ومستشفيات وكنائس ومدارس ومظاهر القصف والتدمير الان واضحة وضوح الشمس مما يؤكد النواية السيئة لنظام البشير الذي استخدم سلاح التجويع والتكفير دينيا لتشريع قتلهم والازلال والتحقير ( عبيد وحشرات …..الخ) وتاريخيا سرقوا عرقهم وجهدهم حتي صاروا فقراء عبر ضريبة الدقنية .
كل هذه الاحداث التاريخية والحالية
تيقنت وزادة قناعتي ان نظام البشير يضرب المواطنيين العزل بالطيران لان هذه المناطق التي شاهدتها لا توجد فيها اي مظاهر او قيادات عسكرية .
المشهد الثالث ميتافيزقي :-
بالرغم من ان علم الميتافيزقيا من العلوم القديمة ولها مراكز بحوث متخصصة الا انه ظل علم غير معترف به قانونيا ويتعارض مع العلوم المطلقه الدينية التي تصفه بانه يتعارض مع الدين ويشارك الذات الالهية في كثير من صفاتها ويصفه البعض بالدجل والشعوذة يطلق عليه في اللغة العربية ( ماوراء الطبيعة )او كما يقول ويصفه الانتلجنسيا با الماورائيات …ظل هذا العلم متجذر في افريقيا حتي اليوم وخاصة في جبال النوبة مرتبطا بعودة الاسلاف عبر وسيط يؤمنون به يسمي الطوطم .
بالرغم من عدم ايماني بهذا العلم الا انني اريد ان انقل حقيقة عشتها في جبال النوبة وخاصة في اليوم الاول من المؤتمر وبعد الجلسة الافتتاحية تجمع لفيف من المواطنيين في الميدان محتفلين بالمؤتمر العام من جميع الفئات منظمات مجتمع مدني و مدارس وطرق صوفيةوفرق رياضية و فرق شعبية من النيل الازرق كمبلا كرنق ونانقوا ومردوم وكان الجمع منتظر ين قدوم القائد الحلو لتقديم خطاب للجماهير المتعطشة للاصلاح والتغير وعندما حضر الحلو الي ساحة الميدان مع سلاح الموسيقي من الجيش الشعبي يركب عربة لاند كروزر مفتوحة تسير حول الميدان لتحية الجمهور وسط عاصفة من التصفيق والصياح ودق الطبول من الفرق الشعبية وسط اهازيج الفرح وزغاريد كاكا وبينما هو يخطب في الجماهير ومن الجهة المقابلة لجبل ارضا هبت نسمة عظيمة ارتفع علي اثر تيارها اصوات الجماهير لم اشهد له مثيل فكان بالقرب مني شيخ في السبعينات من عمره قلت له لماذا هلل الناس بقدوم العاصفة قال لي في ما معناه هذه علامة واشارات خير وبركة من الاسلاف لتبارك للحلو وتازره مؤيدة ومباركة له قيادة الشعب ولقد حدث هذا مع دكتور جون ويوسف كوة مكي واضاف قائلا منذ قدوم الحلو للجبال الخير زاد والمطر اصبح وفيير والان نشعر بالسعادة وتباركنا السماء والاسلاف وارواح الشهداء .
هذا ما يؤمن به بعض الناس في جبال النوبة ومن حقهم لان شعب النوبة وفي حياتهم يؤمنون بالكجور والطواطم وهذا الموقف الميتافيزقي او الماورائى ينطبق علي كثير من الشعوب التقليدية الافريقية . فالامر يحتاج الي دراسة وتعمق علمي لدراسة مجتمعاتنا .
ونواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock