نيويورك – صوت الهامش – 17 أكتوبر 2025
أصدرت هيئة محلفين في محكمة فيدرالية أمريكية حكماً تاريخياً يدين بنك “بي إن بي باريبا” الفرنسي، بتهمة مساعدة نظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في تجاوز العقوبات الأمريكية خلال تسعينيات وأوائل الألفية، مما مكّن النظام من تمويل عملياته القمعية وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دارفور.
ووفقاً لوكالة رويترز وصحيفة فايننشال تايمز، فإن المحكمة قضت بتعويض ثلاثة من ضحايا الانتهاكات في دارفور بمبلغ 20.5 مليون دولار، بعد أن ثبت أن البنك قام بتحويلات مالية ضخمة نيابةً عن الحكومة السودانية، في خرقٍ مباشر للعقوبات الأمريكية التي كانت تهدف إلى تقييد قدرة النظام على تمويل عملياته العسكرية والأمنية.
القضية، التي نظرت فيها المحكمة الفيدرالية في مانهاتن، وُصفت بأنها أول حكم من نوعه ضد مؤسسة مالية غربية بسبب دورها في تمويل نظام متهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وتشير التغطيات القانونية إلى أن الحكم قد يفتح الباب أمام دعوى جماعية جديدة تشمل آلاف الضحايا السودانيين المتضررين من النزاع في دارفور ومناطق أخرى.
وبحسب التحقيقات، فإن البنك الفرنسي ساعد الحكومة السودانية في تحويل أموال عائدات النفط عبر قنوات مالية سرية لتفادي العقوبات الأمريكية المفروضة في ذلك الوقت، وهي الأموال التي استخدمها النظام لاحقاً في تمويل حملاته العسكرية ضد المدنيين.
الخبير القانوني الأمريكي المتعاون مع فريق الادعاء أوضح أنه عمل على مدار ثلاث سنوات مع ضحايا دارفور لإثبات كيفية استخدام الأموال التي حوّلها البنك لتمويل الانتهاكات، مشيراً إلى أن آلاف الوثائق أظهرت علم مسؤولي البنك بطبيعة الجرائم التي يرتكبها النظام السوداني وتجاهلهم المتعمد لعواقبها.
ويعدّ هذا الحكم سابقة قانونية يمكن أن تمتد تداعياتها إلى الشركات والبنوك المتورطة في تمويل أطراف الحرب الحالية في السودان، حيث دعا مراقبون إلى “مراجعة شاملة لدور الشركات الأجنبية في دعم الأطراف المسلحة وتمويل النزاعات”، محذرين من عواقب قانونية مماثلة.
من جانبها، لم تصدر إدارة البنك الفرنسي تعليقاً فورياً على الحكم، فيما أكدت جهات قانونية أمريكية أن القضية ستستمر خلال الأشهر المقبلة للنظر في إمكانية تعويض المزيد من الضحايا السودانيين الذين تضرروا من سياسات النظام السابق.
ويُنظر إلى هذا القرار على أنه انتصار رمزي وإنساني لضحايا دارفور الذين سعوا لعقود من أجل العدالة والمساءلة الدولية في مواجهة الجرائم التي ارتكبت في الإقليم خلال العقدين الماضيين.
