شخصيات أفريقية

ليوبولد سنغور رائد أدب الزنوجة الشاعر الرئيس

[quote]الفائــــــــــز بجائــــــــــزة نوبـــــــــــل  للسلام[/quote]

حاز لقب الرئيس بصفة مؤقتة وكان من أوائل رؤساء أفريقيا الذين يتخلون عن كرسي الرئاسة طوعاً لا كرهاً .. أما اللقب الذي لازمه والتصق به فهو لقب الأديب الشاعر المفكر ..
أنه ليوبولد سيدار سنغور عاشق أفريقيا وفيلسوف أدب الزنوجة فهو من قال «أن الأبيض لا يستطيع البتة أن يكون أسود لأن السواد هو الحكمة والجمال»، وهو من عمل علي إعادة التباهي بأفريقيا عن طريق شرح العادات والتقاليد والافكار ومعاني المؤسسة القبلية في أفريقيا وتمجيد الأبطال الأفارقة وفطن سنجور باكراً إلي قيمة المعطي الثقافي الأفريقي في الصراع بين الحضارات فسعي إلي تقريب الهوة بين حضارة الشمال والجنوب وخلق حوار بين الحضارات.


وعاش سنجور لإثبات قدرة القارة السمراء علي صنع إنسان من نوع خاص واتخذ من بشرته السمراء وملامحه الأفريقية الخالصة سلاحاً في رحلته العظيمة ضد التعصب والتفرقة  العنصرية وتشكلت ملامح شخصية
الشاعر والفليسوف الأفريقي سنجور من خلال عدة محاور أثرت في تشكيل فكره وشخصيته فقد ولد سنجور في عائلة أرستقراطية عام 1906 وبدأ دراسته في أحدي المدارس الداخلية في السنغال وعشق الفرنسية وأجاد اللاتينية واليونانية وظهر تميزه في الشعر منذ كان طالباً..وأكمل سنجور دراسته الجامعية في باريس وكون صداقات عديدة لعل أبرزها مع جورج بومبيدو والذي أصبح رئيساً لفرنسا لاحقاً والشاعر الكبير إيميه سيزير الذي كان له الدور الأبرز في تشكيل شخصية سنجور حيث تعلم علي يده ضرورة التحرر من القهر والعبودية والظلم التاريخي
وأسس معه مجلة ثورية احتجاجية باسم «الطالب الأسود» عام 1934 وعلي صفحات هذه المجلة راح يبلور مع صديقه مصطلح الزنوجة أو الخصوصية السوداء لأول مرة،ومن خلال فلسفة الزنوجة أسهم سنجور في تحرير الشخصية الزنجية عن طريق شرح العادات والتقاليد والسمات الأفريقية المميزة وتزكيتها وتمجيد الأبطال الأفارقة والترويج لحضارتها بالاعتماد علي المخزون الثقافي لشعوبها.. وبني سنجور نظريته الفلسفية علي إيمانه بخصوصية أفريقيا وتميزها ، وبعد أن عاد إلي السنغال حاول أن يجمع بين ما تعلمه في فرنسا وموروثاته الأفريقية الأصيلة وأهتم بالتعليم ، فكان يري أن الأمل يكمن في تنشئة جيل سنغالي جديد يجمع بين الأصالة والمعاصرة ،والتراث والتجديد، العقلية الأفريقية والعقلية الأوروبية وأكتسب سنجور شهرته العالمية من كتابته للشعر باللغة الفرنسية حيث سخر قلمه لفضح كل الممارسات العنصرية.سنجور شاعر في الأصل ولكنه سياسي من أجل وطنه:
بدأ سنجور من الثقافة ومر بالسياسة ولكنه لم يتوقف أبداً عن عشقه للأدب والشعر فواقع وطنه كان دائماً يملي عليه المساهمة في قضايا بلاده لا الانعزال في الأبراج العاجية فعلي الرغم من انغماسه في السياسة وتطلعاته لقيادة شعبه فأنه لم يتخلي عن أحلامه الثقافية والأدبية، ففي أوج انشغاله بالحياة السياسية أسس عام 1974 مجلة ثقافية اسمها «الأميرة الأفريقية» وهي مجلته التي أرضت ميوله الأدبية وفرغ فيما إمكاناته الإبداعية الشعرية.
كما انه لم يتوقف عن كتابة الشعر، فالدواوين الثمانية التي نشرها انقسمت بين 44 قبل توليه الرئاسة في السنغال و4 بعدها وهي: أغاني الظل 1945 ، القرابين السوداء 1948 أغنيات إلي نابيت 1949، حبشيات 1956، الدياجير 1962، مرثيات الرياح الخفيفة 1969 رسالة من فصل شتوي 1973 ، مرثيات جليلة 1979.. وحصل سنجور علي الدكتوراه الفخرية من 30 جامعة أشهرها السوريون ، هارفارد، القاهرة ،أبيدجان، بيروت وباريس كما حصل سنجور علي جائزة نوبل للسلام عام 1968 … كما حصل علي عدد ضخم من الجوائز والألقاب ، ومن الجوائز التي نالها: الجائزة الدولية الكبرى للشعر 1963 والميدالية الذهبية الفرنسية عن مجمل مؤلفاته 1963 وجائزة أولينير 1974 وجائزة موناكو الأدبية 1977 وجائزة أمير الشعراء 1978 وجائزة الفريدد وفيتين 1980 .
ورغم بعض الانتقادات التي وجهت لسنجور فإن أحداً لم يخلص أحد للزنجية مثلما فعل سنجور حتى أصبح فيلسوفها الأول ومنظر هذا الفكر ، ويعتبر سنجور أحد أهم الشخصيات التي دعمت الإحساس بالاعتزاز لدي الزنوج بلونهم وشخصيتهم المميزة واكتشاف نقاط القوة في أنفسهم ، ولم يكن الرجل المتعصب لزنجيته ، ولكنه كان عاشقاً مخلصاً لها في أطار حبه للإنسان يوجه عام ، فهو يحكم علي الزنجية بأنصاف ويذكر مالها وما عليها فيرى أن على الزنجية أن تتأهب للانفتاح علي العالم والأخذ من شتي القيم الثقافية والإنسانية..
ومن أقواله في هذا الخصوص )يجب علينا كزنوج أن نستوعب ونؤثر أكثر مما يستوعبنا الغير أو يؤثر فينا(.
تكريم مصر لسنجور :
أنشأت مصر الجامعة الدولية الفرنسية للتنمية الأفريقية « جامعة سنجور» ومقرها مدينة الإسكندرية وهي تلعب دوراً كبيراً في هذا الإطار ، من البلاد الناطقة باللغة الفرنسية والمهتمين بقضايا القارة الافريقية . كما أن محافظة الإسكندرية بصدد توسيع وتدعيم الجامعة لخدمة متطلبات الدراسية والأساتذة الذين تستقبلهم الجامعة

وبذلك فقد كرمت مصر الشاعر والفيلسوف الأفريقي سنجور بإطلاق أسمه علي الجامعة الدولية الفرنسية للتنمية األفريقية » جامعة سنجور« مبدينة الإسكندرية عام 1990 والتي احتفلت بعيد ميلادها العشرين في 28 نوفمبر 2010 بحضور السيد عبده ضيوف الرئيس السنغالي السابق وسكرتير عام المنظمة الفرانكفونية الدولية .
وتستقبل جامعة سنجور الدارسين والأساتذة من البلاد الناطقة باللغة الفرنسية وهي مؤسسة خاصة للتعليم العالي باللغة الفرنسية في خدمة التطور في أفريقيا وتعتبر من أهم المداخل إلي القارة الأفريقية وذراع من أهم أذرع العمل المصري والمساهم من أجل التنمية والتواصل مع أفريقيا الناطقة بالفرنسية .

من أشعار ليوبولد سنجور

1- ليلة من ليالي السين (نشرت في الهلال)
أيتها المرأة

مسي بيديكِ الشافيتين الناصعتين جبيني

ثمة نخلات تتناغى في النسمات العالية الليلية

عن بعدٍ… مرضعة تترنم لوليد

لا يشغلنا الصوت المبهم في الريح

وليحملنا الصمت المتناغم، ولنسمع دمنا الداكن

ولنصغِ إلى أفريقيا

نبضات الأرض المحجوبة بضباب قراها المختفية

ثمة قمر يتحدر نحو سرير البحر الساكن

ونعاس يلوي أعناق الضحكات

ورواة يغلبهم طيف النوم كطفل تحمله أمه

تتثاقل قدما الراقص ولسان المنشِد

هذا وقت النجم الساهر

والليل الحالم يتراءى مكتئبا فوق روابي الغيم

ومرتديا جلباب حليب

تلمع أسطح أكواخ القرية،

ماذا تبغي الأكواخ البوح به للنجمات؟

في الداخل… ينطفئ الموقد وقد ائتلفت

رائحة عاطرة بروائح حريفة

فأضيئي بالزيت الصافي مصباحا كان الأسلاف

يحيطون به في ألفتهم والأطفال نيام

ولنسمع أصوات أهالي إلسا المنفيين

لم يكن الموت هوايتهم لكن الرمل

ابتلع الحب المبذور

في هذا الكوخ الداخن يجدر بي الإصغاء

للأرواح الطاهرة ورأسي في صدرك

ولأستنشق عبق روائح موتانا

ألتقط وأتلو وأردد صوتهم الحي

ولأتعلم أن أحيا قبل نزولي كالغواص

إلى أعماق النوم العليا

2- المرأة السوداء

يا امرأة ً عارية ً

يا امرأة ً سوداء

تـتغطين بثوبك وهو حياة

وبتكوينك وهو جمالْ

وأنا حيث درجت بظلكِ، ونعومة كفيكِ تغطي عينيّ

إذا بي أكتشفكِ يا أرضَ الوعد، بقلب الصيف ، ورائحة الظهر

ومن قمة جبلٍ متكلسةٍ أرقبكِ

جمالكِ يصعقني، برقا يصعق نسراً

يا امرأة عاريةً

يا امرأة غامضةً

يا فاكهة ناضجة، متماسكة التكوين، فتية

يا نشوة خمر قاتمة سوداء

ثغرك يغري بالشدو فمي

يا أرضا مترامية تحت الآفاق الصافيةِ وترتعد لهدهدة الريح الشرقية

يا طبلة غزو نحتت نحتاً

شدت كي تهدر تحت أصابع منتصر ٍ

صوتكِ حاد ومرنٌّ فهو غناء روحي من محبوبة

يا امرأة عارية

يا امرأة سوداء

يا زيتا لا تجرح صفحته الأنفاس

زيتا من خاصرة مصارع

أو أحضان أمير من مالي

وغزالا والقيدُ سماويٌّ

ولآلئ بسمتك نجوم تتناثر فوق ليالي بشرتكِ

وعذوباتُ مراح الروح

لمعات الذهب الأحمر، يتضوأ جلدكِ ، أما شعركِ

فعذابي يتألق في ظل الخصلات شموسا دانية في عينيكِ

أيا امرأة عارية

يا امرأة سوداء

إني لأغني حسنك وهو العابر لأثَـبته في الأبدية

كي لا يختصرك هذا القدر الغيران إلى ذرات رماد

أو يجعل منها طعما لجذور حياة.

المصدر: صوت الهامش مجلة أفريقيا قارتنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock