مقالات وآراء

كلبـاش الحـرية

بقلم / جعفر فرنساوي

الكلباش هو الطوق الذى يقيد به الأيادي
،تعالت أصوات البعض من المثقفاتية فى الحديث عن الحرية، والعدالة القانونية، والاجتماعية ،والاقتصادية ،والثقافية؛
ولكن من المستحيل الخروج من تلك الورطة دون معرفة الثقب الذى ولجت منه إلى هذا الثقب دون أن تتحرر من القيود التى أنت وضعتها بنفسك و الخطوط الحمراء الوهمية التى تشكل لك متراس للتخطى نحوا تل الشعاع.

الـدين المسيس :

ومن هنا، بدأ كل شيء سيئ،و
من هنا دخل العتر إلي المياه العكرة
ومن هنا فقدت الهوية الفكرية،و
من هنا فقدت بوصلة التوجه،و
من هنا سلبت منك الحضارة،و
من هنا بدأ إستعبادك الحالى.

ألم يحين الوقت لتفكير بالجدية للخروج من ذلك المأزق المشؤوم ألم يحين الوقت لإنتاج فكر ذاتى ألم يحين الوقت لإزالة الخطوط الحمراء الوهمية التى وضعها لك هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم زعماء الدين أو رجال الدين الذين نجحوا فى إستعبادك عن طريق الآيدلوجية التى ترفض مشاركتك في النقاش فيها ،وفقط عليك السمع والطاعة دون تدخلك فيها حتى لاتفكر فى نقدها من أساسها، و أنت الآن مكبل فى زاوية المستنقع بعيداً عن بوابة الخروج نحو الحرية، لأنها تؤدي إلى فك الارتباط بها ولأنك قد أصبحت مدمن الإهانة وأصبحت تتلذذ بها وترى الأشياء بمنظورهم هم و تتذوق الملذات بألسنتهم.

أيــها المثقف:

بمجرد إنك مسلم فى منظور رجال الدين ،هذا يعني قد درعت الطوق على عنقك ثم بعد ذلك تسير حسب توجههم، وانت مكره بإسناد من آيات موجودة فقط في أدمغتهم،و لم تكن موجودة فى كتاب الله الذى أنت تؤمن به.

فالدخول فى تلك المعمعة يتطلب منك التنازل من ثقافتك والتنازل عن إنتاج فكر ذاتك،و التنازل عن هويتك ،والتنازل عن حضارتك ،وبذلك أنت لا تسوى شيء أو بالأحرى أنت لا شيء ستصنع لك هوية جديدة لا تعرف شيء عن ذاتك، وتصبح أنت الشخص المناسب للدفاع عن أيدلوجيآ لا شأن لك بها.

التنـازل عن الثقافة:

هذا هوا أول بند يطبق عليك،
عن طريق محرمات لم تكن موجودة كنصوص فى كتاب الله فقط بل موجودة في عقل ذاك الذى نصب نفسه شريك الله فى شؤون حياتك ،و وضع لك المحرمات، وأنت قبلت بها ،دون التمعن فيها ،و إرتكابها خط أحمر، وهي فى صميم ثقافتك ولها عقوبات مهينة لكرامة الإنسان.
كل هذا فقط يهدف إلى إزالة ثقافتك من الوجود التى تشكل لك مرتكزات حضارية، و التى تنطلق منها نحو التقدم والإحساس بأنك إنسان موجود و قائم بذاتك.

مثلاً الشعوب الأفريقية الأصيلة فى السودان لها ثقافاتها وحضارتها،وكانت تمارس أشيائها بكل أريحية، وفخر وإعتزاز فقد قبلوا بالطوق على أعناقهم بمجرد إنهم مسلمين.

ففي دولة من الدول الآسيوية، ليس من حق اي شخص جلدك بحجة عدم الصلاة ،وعلماً بأن الصلاة هي بينك و بين الله، فماذا التدخل بالتعذيب المهين لكرامة الإنسان ،وانت على صلة بينك وبين الله وهناك الكثير والكثير من الاشياء لا نجد لها تفسير منطقى، ولا يوجد عقل سوي يستوعبها.

فبالامس القريب، تم جلد النساء والفتيات فى إحدى المدن السودانية بحجة الأزياء الغير لائقة بالمظهر العام .

والآن نحن قد أدمنا الإذلال وقد أصبح الإذلال روتين وعادى جداً وننظر لهذا الفعل بعدة زوايا والبعض منا يدافع عن الجلاد ،والموضوع أكبر من ذلك بكثير، والبعض منا يستنكر الإهانة؛ ولكن نادراً ما ننظر إليه بزاوية حقوق الإنسان و حقوق الشعوب الأصيلة التى نص عليها إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

ومن حقوق الإنسان ممارسة ثقافته وحرية معتقداته الدينية والفكرية وووو…

فالنفترض أن الأمر ننظر له بزاوية الدين
فمن المسؤول أمام الله من شكل ملابس إنسان آخر
ومن المكلف بمعاقبة المخالفة إذ لم يوجد نص فى كتاب الله يلزم شخص بجلد العريان ولا يوجد نص بتكليف من يعاقب
هذا يعنى إستعباد واضح بكل بساطة.

وكذلك جلد السكران فمن كلف الجالد بجلد السكران إذا نظرنا الي السكر بزاوية الدين فلا يوجد نص صريح العبارة فى كتاب الله يحريم الخمرة ولا يوجد ينص علي جلد السكران، إذن من أين آتيتم بتعذيب السكران، فكل تلك الآيات لم توجد فى الواقع ولكن موجودة فى أدمغة هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم زعماء الدين أو رجال الدين علماً بأن الملابس والخمرة تندرج من ضمن الثقافة لكثير من الشعوب الأصيلة فى السودان، وتتميز بها عن الآخرين، ومنعها والعقاب عليها يعنى إزالة ثقافتك التى تميزك عن الآخر،و يعنى أنت غير الوجود كبشر على أرض الواقع فالموضوع أكبر من وجع الجلد فى الحقيقة، والموضوع يمكن أن يندرج تحت تصنيف التطهير العرقي بالبطيئ طالما إنك ممنوع من ممارسة ثقافتك.

ولم تقف بنود الهيمنة علي العقول الفكرية على البندين الأزياء والخمرة ،إنما قد تكون فى كل شيء وحتى فى تفاصيل حياتك اليومية.

وطبيعة الإنسان السوي العاقل غير المشوش فكرياً وغير المستلب ثقافيا أن إنتمائه لذاته وكيانه أقوى من إنتمائه للدين أيا كان هذا الدين، بإستثناء
الإنسان الفاقد الهوية المشوش لإنتمائه لكيان معين.

فكيف يشعر الإنسان الأصيل، وله كيان ينتمى إليه، وفي الوقت نفسه هو مجرد من كل ما يميزه عن غيره، وفى الوقت نفسه معاقب على ممارسة ثقافته،
والغريب في الأمر هذا نوع من الاستعباد يشمل الكثيرين ممن يظنون بأنهم خارج نطاق التغطية الهيمنة على العقول الفكرية، وهم فى موقع الدفاع عن تلك الآيدلوجية ويدافعون عنها بشراسة دون مقابل وإن يؤدي ذلك إلى الموت.

يجب الهدوء والتمعن فى الفكر الذاتى وعدم الغرق فى مستنقعات التوهان، وضياع الذات، ويجب من الأن إجتناب دين العرب وأيدلوجياتهم التى تهدف على ابقائنا تحت الصفر الكبير ،والتغيير الديمغرافي المستمر ،والثورة أنواع، والدفاع عن النفس متاح ،حتى ولو بالفكر .

(ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن أعبد الله وإجتنبوا الطاغوت)

أليس الطاغوت هو من نصب نفسه شريك الله ،ويشرع للناس فى الدين، اوليس عبد الطاغوت هو من يتبع مايشرعه الطاغوت.

مقالات ذات صلة