مقالات وآراء

فطور جهاز الأمن – منع من النشر

بسم الله الرحمن الرحيم
سهيرعبد الرحيم
بينما تجتمع الأسر حول مائدة إفطار رمضان قبيل آذان المغرب وبينما يختلف شكل تلك اللمة نفسها حول الصينية من أسرة إلى أخرى حيث هناك أسر يجتمع كل أفرادها حول صينية واحدة بينما أسر أخرى يخرج الرجال بالصواني إلى الشارع وتبقى النساء في صينية بالمنزل وربما أيضاً للأطفال صينية .
بينما يكون هذا حال جميع الأسر على امتداد هذا الوطن باختلاف الثقافات والعادات إلا أنه وفي رمضان هذا العام اختلف شكل الصينية عند الكثيرين وصار بطعم الحنظل لعدد كبير من الأسر التي يقبع أبناؤها تحت الاعتقال خلف أسوار جهاز الأمن عقب تظاهرات جامعة الخرطوم مؤخراً ….!!

لم تستطع تلك الأسر أن تتناول ( التمر) وتشرب (الحلومر ) وهي لا تعلم شيئاً عن مصير أبنائها الطلاب، وكيف تستطيع أم أن تتذوق طعماً لشراب أو طعام وهي لا تدري على أي لحاف يتكئ ابنها وأية وسادة تستلف همومه.

وكيف يهنأ أب بطعم حساء وهو لا يدري أية أوجاع تنتاب ابنه وأي رمضان يمضي من تحت سنوات عمره الغضة ، و كيف يطيب الجلوس حول صينية رمضان وشقيقات هذا الفتى أو ذاك يتلفتن حولهن قبيل الآذان لعل الطارق يكون الشقيق المعتقل، وكيف تهجع العيون وتسجع الخواطر وتغفو الأمنيات والقلق والترقب لسان حالهم.

أكثر ما يؤلم حقيقة في موضوع أسر أولئك الطلاب ان لحظة آذان المغرب هي اللحظة التي يعيش الصائم على أمل لقائها اليوم بطوله عن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قالُ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ, وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)) ؛ ولكن فرحة الإفطار لتلك الأسر عبرت فوقها إطارات السيارات علي بوابة جهاز الأمن وهم يتوسدون أرصفة الصبر على أمل خروج أبنائهم بصحبتهم إلى البيت ؛ لذلك لم يكن هناك فرح بقدر ما كانت هناك غصة….. أن يا هؤلاء أتركوا أبناءنا ليجتمعوا معنا مرة أخرى حول صينية الإفطار وليحمل (أحمد) لوالده الصينية و(علي) مع إخوته سجادة الصلاة و(يوسف ) من خلفهم يخبرهم أن حان وقت الإفطار.

السيد محمد عطا مدير جهاز الأمن هل جربت إحساس أن تقول ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر ثم تتناول تمراً وترتشف ما لذ وطاب دون أن تعلم مصير إبنك أو إبنتك .؟
إن شهر رمضان هو شهر لنبذ الحقد وفض النزاعات وإعلاء مفاهيم التسامح وجبر الضرر وإغاثة الملهوف وتطييب الخواطر وتصفية النية وبناء جسور الحب والمودة، وإزالة الضغينة وإرساء قيم المساواة والحق والعدل …….

و في خلال الأشهر الماضية قادت إدارة الجهاز عدداً من المبادرات تحت مفاهيم المسؤولية المجتمعية لتثبيت مفاهيم الانصهار مع المجتمع وتقاسم الألم والفرح مع المواطنين ……..ولكن أليس من ضمن تلك المفاهيم تثبيت فرحة الصائم؟.

خارج السور :

الإفراج عن الطلاب المعتقلين لن يفقد جهاز الأمن هيبته ولكنه سيرسخ لمفهوم مشاركة المواطنين لمة الإفطار وحضن الأسرة بعيداً عن أرصفة الانتظار.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock