مقالات وآراء

غليــان الرأي العـام السوداني… ودمـوع تماسيح عمر البشير.

بقلـم / الهـادي عبدالله

في السادس من يناير ومن العام الحالي خرجنا وأنا وأحد رفاقي من الجامعة كنهاية ليوم دراسي مثقل بالمتاعب والمشاق ،واتجهنا صوب موقف المواصلات، ولكن ما إن وصلنا إلي الموقف افترقنا وذهب رفيقي إلي وجهته حيث مكان موقف مواصلاته ،وبينما بقيتُ منتظراً المواصلات والتي كانت نادراً ما تأتي بصات الكبيرة ذات التذكرة فئة ثلاثة جنيهات باستثناء تلك البصات الصغيرة(الكريسات) والتي تذكرتها فئة (عشرة) جنيهات و هي تكن أن طالباً جامعياًً من أتٍ مناطق تشهد حرباً كدارفور او جنوب كردفان… أو من الأحياء الهامشية في الخرطوم فإن التذكرة ام عشرة جنيهات تعني التحد ويجب عليك عدم المغامرة في الركوب وكذا الحال لاصحاب الاعمال الهامشية ولمن يصطف معي من المنتظرين، وفي الأثناء ذاته توجد العشرات من السيارات مصطفة علي جانب الطريق اوقفها عناصر شرطة المرور، ولا ندري ما السبب ،ولكن رأيت سائقي هذه السيارات يدفعون نقوداً إلي ضابط الشرطة،و امضيتُ أكثر من الساعة واقفاً وفي معية المنتظرين في هذا المكان، ودون أن يأتي بصاً ليقلنا.

ولكن في لحظة لهفة الإنتظار ومرارته، مرت بنا سيارة سوداء مظللة تظليلاً رفيعاً اشّر أحد المنتظرين إليها فوقفت، وهرئ إليها عدد من الواقفين للركوب فيها وبينما أنا جازبني التردد بين أركب أو لا أركب، ولكن حسمت موقفي وركبت.

حـوار سـاخن

دون أي تلطيف للاجواء بيننا للتخلص من اجواء التوتر والاشمئزاز، طرح أحد الراكبين سؤالاً إلي سائق السيارة ،وهو لماذا توقفت الصرفات الآلية عن العمل ؟ رد السائق الضغط عليها شديد، وبعضها تعاني من ضعف في الشبكة!! ولا ندري ما إذا كانت الإجابة مقنعة للسائل أم لا، ثم أخذ برهة وأضاف الراكب قائلاً إن اصحاب المخابز (الافران) يقولون إن سعر الرغيفة بـ(جنيه) لا تخطي لهم، ويطالبون بزيادة سعر الخبزة إلي (جنيه ونصف) …وهذه المرة الإجابة ذهبت إلي أدراج الرياح بفعل اختلقه السائق بتظاهره استقبال أحد المتصلين به لتوه! وبينما نحن ظللنا صامتين إلي أن نزلنا صحاب السيارة قبل أن يصل كل منا إلي وجهته!! ورغم ذلك شكرنا صاحبنا الودود وانعطف بسيارته في إتجاه آخر وذهب، بينما ونحن استئنفنا الاصطفاف من جديد في انتظار المواصلات! .

غليــان…

الرأي العام السوداني يغلي غضبا؛ً بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، التي تمر بها البلاد ،والحكومة لم تقدم أية حلولاً لهذه الأزمة إلي الأن، وبحسب المراقبين والمحللين في الشأن الاقتصادي والسياسي أن الحكومة ليس لديها المقدرة لحل الأزمة ولأن الفساد المالي ينخر عظمها ويعتبر جزء من أسباب وجودها طِوال ما يناهز الثلاثون عاماً ،علاوة علي أنها وظفت الأموال في شراء الأسلحة ،ودفع مرتبات الجنجويد الجدد (الدعم السريع) فضلاً عن عناصر جهاز الأمن والدفاع الشعبي، وكذلك تدفع الرشاوي لمؤسسات وخبراء دوليين لمناصرتها في بعض معاركها في الحلبة الدولية، وفي ظل توقف الصادرات بشكل شبه كلي.

الجنيه السوداني يتهاوى

الجنيه السوداني تهاوى وفقد القدرة علي الصمود أمام الدولار، ولهذا دخل الرأي العام في حالة مرضية في تبادل الأخبار المخيفة عن الجنيه المريض، وفي خضم ذلك قد رفعت الحكومة سعر الجنيه الجمركي من (ست) جنيهاً إلي (ثمانية عشر) جنيهاً في السنة المالية الحالية ،وثم فجئة صعّدت سعره من جديد إلي (ثلاثون) جنيهاً، والمواطنون يريدون تفسيراً مقنعاً من الحكومة عن أسباب هذه الأزمة وسبل كيفية حلها ،ولكن الإنقاذ كالعادها لم ترد علي اسئلة يطرحها المواطن السوداني .

الـرد بالشائـعات

وفي وطئة الجحيم الاقتصادي الذي يعيشه السودانيين، وفي ظل عجز الحكومة وعدم تقديمها حلولاً لها، يستمر غليان الرأي العام غضباً ورفضاً، لهذه الحكومة الفاسدة الفاشلة،والحكومة بدلاً من تبحث عن حلول جدية لأزمات المزمنة العديدة التي طفِقت تعيشها البلاد منذ سنوات خلت، تذهب في اتجاه نشر الاشائعات لصرف نظر الرأي العام عن معاناتهم وعن فشلها المستمر وتخبطها في إدارة السودان، وفي الإطارة نفسه تداول الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي ودخلت معهم وسائل إعلام محسوبة إلي الحكومة ،في سباق نشر شائعة بصورة واسعة تفيد بوفات المغني الشاب شول منوت الا ان المغني نفي خبر وفاته الإثنين ومن سنار.

وفي سياق عدم استعداد عمر البشير في حل هذه الازمات المتصاعدة ،وقبل حوالي أقل من عشرة أيام تداول النشطاء خبراً يفيد ،بأن عمر البشير اجتمع مع قادة الجيش ،وكان هو الوحيد المتحدث في هذا الإجتماع متناولا مآلات البلاد، وخلاله دخلت الرجل في نوبة بكائية شديدة ،ومحملاً القادة المدنيين الذين يشاركونه ادارة الدولة هذه الأزمات التي تمر بها البلاد وهذه أيضاً دموع تماسيح!!

وفي سياق تلكع عمر الكضاب، وغشه المستمر علينا، اوردت الصحف في الخرطوم خبراً يفيد بأن عمر البشير يذهد الترشح في انتخابات “عشرين عشرين” ؛ولكن في الحقيقة انه سيرشح نفسها وسيفوز بنسبة 99%، ودون ذلك كيف المفر ولو مؤقتاً من ملاحقة كابوس المحكمة الجنائية الدولية الذي ظل يطاره منذ 2009م وإلي الآن؟!

خلاصة القول ان الأزمة الاقتصادية والسياسية وغيرهما التي نعيشها اليوم في السودان ،ستسمر بسبب فشل الحكومة في ادارة البلاد وانسداد افق الحوار بينها والقوى السياسية ،والرأي العام السوداني يستمر في الغليان غضباً ورفضاً للحكومة وسياساتها الفاشلة،

خلاصة القول ان الأزمة الاقتصادية والسياسية وغيرهما التي نعيشها اليوم في السودان ،ستسمر بسبب فشل الحكومة في ادارة البلاد وانسداد افق الحوار بينها والقوى السياسية ،والرأي العام السوداني يستمر في الغليان غضباً ورفضاً للحكومة وسياساتها الفاشلة،وفي الوقت ذاته فقد المؤتمر الوطني كل هوامش المناور امام الشعب مكتفيا بالاسعتراض بقوات الدعم السريع فقط وعلي الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي الانتباه إلي الإشاعات التي تبثها الحكومة أو حلفائها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock