مقالات وآراء

سيد بونا ملوال: السوداني الذى يحلم بإعادة ضم جنوب السودان للسودان(3-3)

بقلم مولانا: دينق بيونق مجاك

القراء الكرام
أجد أن دافع سيد بونا الحقيقي وراء هذه الهجمات المتكررة علي ابيي وكوادر الحركة الشعبية المنحدرين من المنطقة (لاحظ هنا كوادر الحركة الشعبية وليس مثقفي ابيي بصورة عامة,هو جزء من حملته الكبيرة لكسر أعمدة الحركة الشعبية حتي تنهار الأخيرة املا في أن تجد مهمته الانتهازية فرصة للنجاح! كل الأفراد الذين تمت مصالحتهم مع السيد بونا في العام الماضي بدءا بالرفيق دينق الور، الرفيق إدوارد لينو أبيي، د.لوكا بيونق والجنرال بيينق دينق من الكوادر السياسية للحركة الشعبية وقادة عسكريين في الجيش الشعبي. بعضهم كانوا مقاتلين شرسين أثناء حرب التحرير الأخيرة بل وأبطال معروفين داخل وخارج جنوب السودان. بين حين وآخر وبمساعدة من أسياده في الخرطوم وفي حملة قصد منها خلق فرقة لتفتيت شمل الحركة الشعبية، طور سيد بونا شعارات زائفة مثل أن أبناء ابيى يهيمنون علي الحركة الشعبية والجيش الشعبي (زمن جون قرنق) وتارة أن ابيي تسيطر على مقاليد السلطة في حكومة جنوب السودان (زمن سلفا كير) !
يقيني أن هذه الشعارات مجرد دعاية سالبة يسوقها أعداء دينكا نقوك لخلق معاداة باقي مجتمعات جنوب السودان لهم وبالتالي سحب تأييد الجنوب لهم في إيجاد حل نهائي لمصير منطقتهم. وهو اتجاه سياسي اعتمدته الخرطوم واعوانها من جنوب السودان. ولكن ما أود أن أكده هنا هو أن كل فردة منا من ابيي خدم الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان حسب القدرات الذاتية الممكنة والفرص المتاحة. كما لا يجب أن يفهم أن كوادر الحركة المنحدرين من ابيي هم العمود الوحيد للحركة الشعبية. هناك بالطبع الكثيرون من المناطق الأخري لم يسلموا من سهام سيد بونا ومندسي المؤتمر الوطني بل ويستهدفهم بطرق شتي، مرة بمناداة بعضهم بأولاد قرنق وتارة عن طريق خلق ورعاية أجسام غير دستورية ولا شرعية مثل ما يسمى زورا بمجلس أعيان الدينكا والدينكا برئ منهم، لنشر سياسات التفرقة علي أسس إثنية تعمل على تفتيت المجتمع
وهي سياسات قضت عليها الحركة الشعبية تماما أثناء فترة النضال الأخير. ولكن هولاء عملوا علي جلبها مرة أخري لتفتيت مجتمعنا لإضعافه ليقع فريسة سهلة ينهشها الخرطوم ويقضي عليها في وقت وجيز. لكن اسمحوا لي أن في الرد على هولاء أن كلمة سيد بونا: هم غلطانيين وسينتظرون كثيرا. أيضا هناك إعتقاد خاطىء في ذهن سيد بونا مفاده أن بالرغم من أن الحركة الشعبية استطاعت ان تدير حرب التحرير بجدارة إلا إنها لاتملك المعطيات والخبرات الضرورية لإدارة الدولة. هذا يقال في الوقت الذي تشير كل الدلائل علي أن الجيش الشعبي و الحركة الشعبية تأتي في المرتبة الأولى في أفريقيا ولربما في العالم بأسره كأول حركة تحررية إنضمت إليها إعداد كبيرة من حاملي الشهادات التعليمية العليا. وبالرغم من هذا فإن الفكرة لدى سيد بونا هو أن يتولى هو وزملائه من كادر جبهة الجنوب القديم تسيير دولاب حكم الدولة. طرح هذه الفكرة مبكرا للشهيد د.جون قرنق أثناء الحرب ولكن الثوري والمفكر الفذ تجاهله مما جعل سيد بونا يعادي قرنق حتى ممات الأخير.
القراء الكرام
أحيانا يعتقد البعض أن كره سيد بونا لدينكا نقوك وافتراءته حول وضعية ابيي تمثل أهله في منطقة التويج. شخصيا لا اشاطرهم هذا الرأي. فعلاقاتنا مع جيراننا التويج أكبر وأعظم من افتراءات سيد بونا الشخصية. يأسف المرء أن سيد بونا لم يتخلص حتي الآن من عقدته النفسية تجاه مجتمع نقوك وعلي وجه الخصوص حسده لتفوق أبناء وبنات نقوك تعليما. رجائي أن يشرح لنا أسباب شعوره السلبي هذا لمساعدته التخلص منه لمصلحة الجيل الحالي ومستقبل الأجيال القادمة في مجتمعي نقوك وتويج المتجاورين. المتعارف عليه في مجتمع الدينكا وأعتقد في كل مجتمعات جنوب السودان أن كبار الأعيان دائما مصادر الحكمة والإرشاد وحل مشاكل مجتمعاتهم. ولكن وبكل الأسف نجد أن سيد بونا وزملائه في مجلس أعيان الدينكا استثناء سئ لهذه القاعدة العامة في مجتمع الدينكا!
تاريخيا، قسم كواج من دينكا تويج الذي ينتمي إليه سيد بونا كان جزءا من من ابيي حتي الربع الأول من القرن الماضي. إذ تم نقله وتبعيته لسلطنة اكوار تويج تحت السلطان جووك شوم رينق صهر السلطان كوال اروب (1905-1945) ,تحديدا في 1926 وتم وضعهم تحت إدارة قوقريال بمساعدة الإدارة البريطانية آنذاك. ولكن بالرغم من ذلك النقل الإداري، ظل مجتمع تويج كواج يميل ثقافيا واجتماعيا نقوك بل واحتفظوا بعلاقات اقتصادية متينة مع نقوك حتي الآن. ولولا أن سيد بونا ذهب إلى المدرسة قبول بلوغه سن الشلوخ التقليدية لكان يحمل في جبهته الآن شلوخ دينكا نقوك والتى تختلف كثيرا عن شلوخ دينكا تويج.واسند قولي هذا بحقيقة أن إخوانه الصغار أمثال السلطان ونديت مادوت رينق يحملون شلوخ نقوك حتي الآن. عندما كنا في بلفام في معسكرات الجيش الشعبي، سنحت لي فرصة مقابلة شقيق بونا الأصغر وبطل انيانيا 2 والجيش الشعبي الشهيد رينق مادوت رينق (رأيت شلوخ دينكا نقوك علي جبهته).كنا من ابيى وأبناء تويج كواج وروينق (الور من ابيمنم) نعسكر في مكان واحد باعتبارنا أبناء منطقة واحدة وهي ابيي. ولم تقف الأمور علي هذه الظواهر المذكورة فقط، بل أن الناظر دينق مجوك والذي كان يهتم بسيد بونا منذ صغره اوصي ولديه د.فرانسيس مدينق ود.زكريا بول وهو علي فراش الموت أن يهتموا ويشدوا ساعد اخيهم بونا ملوال. ولكن بالرغم من ذلك لا يخال سيد بونا شعور رد الجميل لمجتمع نقوك الكريم.
في العام الماضي عندما بادر الأخ د.فرانسيس مدينق دينق معاصر سيد بونا وصديق عمره بتنظيم جلسة صلح بين الأخير و أربعة من أبناء وقيادى ابيي وهم دينق الور، إدوارد لينو أبيي، جنرال بيينق دينق ود.لوكا بيونق، عبرت عن تحفظات شخصية حيال مصداقية تلك المصالحة. ولكن تحت إلحاح بعض إخوتي المقربين لسيد بونا والذين اعتقدوا أن تلك الخطوة قد تعطي دفعة جديدة لقضية ابيي لتمتع سيد بونا باذان صاغية في كلا من الخرطوم و جوبا، وحرصا مني علي تفادي أي لوم علي تفويت أي فرصة لإيجاد حل لقضية ابيي، قبلت بالحضور. وأعتقد ان جزء غير يسير من حضور تلك الجلسة يتذكرون كلماتي حين قلت لسيد بونا أننا نحترمه ككبيرنا بحكم سنه ولكن نختلف معه تماما في آرائه المغلوطة حول وضعية ابيي. كنت اتمني ان اكون مخطئا ولكن تصرفات سيد بونا منذ ذلك الصلح الزائف برهن بكل آسف علي صحة اعتقادي. اخيرا، دعوني أكرر ما قلته سابقا عن أن هدف سيد بونا لا يختصر فقط علي ابيي. وإنما تخريب قضية ابيي واحدة من الأدوات التي يستخدمها لتحقيق هدفه الرئيسي إلا وهو تخريب الحركة الشعبية الحزب الحاكم في جنوب السودان وتسليم هذه الدولة الوليدة في نهاية المطاف للسودان. والذي أعرفه هو أن الحركة الشعبية ولاغراض الوحدة والوئام داخل هذا الوطن، أعطت مساحة للاعبين سياسيين آخرين بما فيهم الذين حاربونا ايام النضال من أجل التحرر الوطني. ولكن الذي يجب ان يعرفه سيد بونا وآخرون من عناصر المؤتمر الوطني المندسين في وسطنا هو أن لا يفسروا العفو والاحتضان الذي وفره حزب شعبي عملاق مثل الحركة الشعبية لخصومه السابقين علي إنه ضعف تنظيمي أو لعدم وجود رؤياء أو برنامج سياسي واضح.
أما بالنسبة لابيى، اسمح لي سيد بونا أن أذكرك، أن كنت لاتعلم، أن الحل النهائي لمشكلة ابيي وبفضل مثابرة الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان في التفاوض، محكوم بإطار قانوني متين ابتداء ببروتوكول ابيي 2005 مرورا بحكم محكمة التسوية الدولية في لاهاي في 22/7/2009، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1990 (2011)،مقترح الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعروف بمقترح امبيكى في 21/9/2012، والذى تم قبوله بواسطة مجلس الأمن والسلم الأفريقي في أكتوبر 24/2012، وتوقيع الأمم المتحدة اتفاقيتي ال SOFA لتنظيم عمل قوات اليونسفا مع السودان في 1/10/2012، ومع حكومة جنوب السودان في 12/11/2012، واللتان اكدتا قانونا أن الدولتين جنوب السودان والسودان لهما سيادة مشتركة علي منطقة ابيي. هذا الإطار القانوني ينسخ ويعدل بعض بنود برتوكول ابيي 2005، والذي كما يبدو انك تتمسك به دونما اعتبار للمستجدات قصدا أو غفلة!

جوبا- جنوب السودان في 5/1/2018

dkoklek@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock