بقلم عثمان نواى
بينما تنتقل البلاد حثيثا نحو حلحلة قضايا الوطن الجذرية والوصول الى سلام عادل، فإن احد اهم اوبئة السودان التاريخية هو مرض العنصرية القاتل الذى بسببه ابيدت آلاف الأرواح وانقسم السودان مرة، ويوشك على التقسيم مرات أخرى اذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للحفاظ على ما تبقى من الوطن. وعلى راس هذه الإجراءات الواجبة الاتخاذ بشكل عاجل هو اصدار قانون يجرم كافة أشكال الممارسات العنصرية والتمييز على اساس الاثنية او اللون او العرق او الدين او اللغة.
ويجب ان تكون هناك أحكام مفصلة تشمل الخطاب العنصرى بكل أشكاله على الإنترنت او فى الحياة العامة إضافة الى تجريم كل فعل يؤدى الى حرمان اى مواطن من التمتع بحقوقه الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية او الثقافية او الدينية على اساس عنصرى سواء من افراد او مؤسسات.
هذا القانون هو اطار الحماية الأول في اعتقادنا لعملية تطبيق اى اتفاقيات سلام على الأرض بما يضمن عودة الحقوق والعمل بإجراءات التمييز الايجابية التى تضمن تحقيق السلام المستدام.
ان حراسة الفضاء الاجتماعى العام وحماية المجتمع السودانى من الانزلاق الى العنف يستند بشكل حاسم الى قانون يمنع ويحمى المواطنين من اى ردود فعل عنصرية يمكن ان نشهدها مقبل الايام مع إعادة تقسيم الثروة والسلطة ومحاولات النظام القديم لاستمرار الحرب باى ثمن فى مناطق النزاعات . كما ان وجود قانون رادع كهذا يمكن ان يقلل من العنف القبلى ويمكن ان يشمل أعمال العنف والتعدى على الأفراد والمجموعات لأسباب متجذرة فى الثقافة العنصرية لدى بعض المجموعات. حيث ان تفعيل القانون وإقامة أحكام رادعة سوف يكون له دور كبير فى ضبط السلوك العام تجاه السودانيين بعضهم البعض والحد من الخطاب العنصرى. حيث ان البلاد تمر بلحظات تاريخية حرجة يمكن ان يتم فيها تقرير مصير بعض المناطق هذا اذا لم يتم تطبيق العدالة الوطنية والمساواة بين جميع السودانيين.
واول من يجب ان يكون القا نون رادعا تجاههم هم كبار المسؤولين وأيضا مراجعة وتنقيح كافة اللوائح والقوانين الداخلية للمؤسسات الحكومية فى المستوى القومى والمحلى بما يضمن تنقيتها من كل ما يتعارض مع قوانين منع العنصرية والتمييز. ومن هنا نطلق الدعوة للسيد نصر الدين عبد البارى وزير العدل الموقر للقيام بمبادرة عاجلة لإصدار قانون تجريم العنصرية والتمييز فى السودان بما يتماشى مع اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التى وقع عليها السودان منذ عقود بما فى ذلك اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، و غيرها من اتفاقيات صادق عليها السودان، إضافة الى وضع روح الوثيقة الدستورية فى قانون يؤكد على قيم المساواة بين المواطنين. كما ندعو الأخوة فى طاولة التفاوض من الطرفين الى دعم هذا المشروع بمقترحاتهم البناءة وتقديم المعونة لوزير العدل لإصدار هذا القانون كجزء من وضع الاطر التى تؤكد حسن نوايا الحكومة وحرصها على احداث القطيعة مع الماضى وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس صحيحة وقفل أبواب الخطاب الهدام من فلول النظام القديم الذى طالما استخدم الخطاب العنصرى لحرق السودان وأهله وهو يستمر في تهديد أمن البلاد القومى عبر هذا الخطاب. ولذلك يجب اتخاذ خطوات حاسمة وجادة لحماية الوطن ومستقبل بناء السلام فى السودان.
nawayosman@gmail.com