بقلم : احمد محمود كانم
عندما انطلقت نداءات الاستغاثة المتمثلة في اعتصام مواطني نيرتتي في أواخر يونيو المنصرم وتبعتهم في ذلك مناطق كتم و فتابرنووكبكابية ، لم تكن من بين قائمة مذكراتها المطلبية تخفيض أسعار الرغيفة التي بلغت عشرة جنيهات هناك ، أو تخفيض أسعار برميل مياهالشرب الذي يتراوح حالياً بين 80 إلي 100 جنيه سوداني ، وهنا يكمن الفرق بين أهم العوامل التي دفعت مواطني العاصمة والولاياتالهادئة أمنيا وبين مواطني الأقاليم الملتهبة ، لا سيما دارفور التي ما فتئت تستشعر أنها غير معنية بما حدث ويحدث من تغيير .
يتجلى ذلك من خلال تمحور جميع مطالبها حول (الأمن) الذي لم يطرأ عليه أي تغيير رغم تغيير النظام السابق ، فقد ظل انعدام الأمنكابوساً يقض مضجع سكان إقليم دارفور مذ عقود وإلي هذه اللحظة .
* إن أية محاولة لتجزأة الحلول بشأن مشكلة السودان الأمنية في دارفور ، حتما ستجر الحكومة الانتقالية إلي ارتكاب ذات الحماقاتالتي فتحت زنازين المحكمة الجنائية الدولية واسعة أمام رؤوس نظام البشير الذين ما انفكوا يتشبثون بالسلطة هربا من عقوبة وعواقب مافعلوه بشعوب تلك المناطق .
ولا يخفى علي أحد أن الحلول التخديرية الجزئية التي ووجهت بها اعتصام نيرتتي الاسبوع الماضي هي ما دفعت كبكابية وفتابرنو إليالساحات ، كونها تعاني من ذات المشكلة .
وهي في اعتقادي نفس الطرق التمويهية الغبية التي كانت الحكومة السابقة تسلكها لمواجهة مطالب الثورة السودانية في منابر التفاوضمع الحركات المطلبية التي أسفرت عن 42 اتفاقيه ، لم تنفذ منها شيء (أبشي 1 و2 و3 ، و وأبوجا 1 و2 ، وسيرت ، وطرابلس ، وشرمالشيخ ، وأسمرا ، والدوحة 1 و 2 نموذجا )
* إن الدماء التي تسيل الآن في ميادين اعتصام مدينة كتم علي أيدي مليشيات الدعم السريع ، والتي لا استبعد أن تكون مجرد مناظر أوليةلحمامات دماء أخري مثلما جرت في تجربة كولومبيا التي مهدت لمجزرة القيادة العامة في مطلع يونيو 2019 ، سوف تضع أسماء جديدة فيقائمة المطلوبين للعدالة مهما طال الزمن ، وستقع المسؤولية الكاملة علي الحكومة الانتقالية الحالية كونها اعتمدت ذات الحلول الجزئية التيسبق وأن تذوق السودان مر نتائجها .
لذا ، يجب علي المجلس السيادي ومجلس الوزراء التحرك الفوري لوضع حد لظاهرة الفلتان الأمني عبر حلول شاملة تجتث جذور الأزمة دونوعود وتسويف توسع ثقب الأزمة من جديد .
amomkanem@gmail.com
12 يوليو 2020
انجلترا_ بولتون
