محمد عثمان جبريل
قلنا سلفاً إنّ حرب الجنجويد ليست حرباً من أجل الديمقراطية، ولا من أجل إسقاط الحركة الإسلامية كما يروّج البعض، بل هي حرب تحمل في جوهرها مشروعاً عنصرياً واستيطانياً يستهدف المكونات الإفريقية في دارفور.
الهدف الحقيقي ليس بناء دولة عدل، بل تنفيذ مخطط لتغيير ديمغرافي واسع النطاق، عبر جلب عرب الشتات وتوطينهم في أراضي الإقليم، بعد تهجير سكانه الأصليين بالقوة والسلاح.
منذ بدايات الصراع، كانت المؤشرات واضحة لمن أراد أن يرى. فالمليشيا التي ترفع شعارات الثورة والحرية لا يمكن أن تمارس القتل والنهب والاغتصاب والتهجير ضد المدنيين إن كانت فعلاً تسعى لإقامة دولة العدالة والمواطنة.
لقد أثبتت الوقائع أنّهم ليسوا دعاة سلام، بل أصحاب مشروع عنصري يسعى لفرض واقع جديد بالقوة.
حين أطلقنا عليهم وصف “عرب الشتات” لم يكن ذلك من باب التعصب أو الكراهية، بل لأننا نعرف جذور هذا المشروع ومآلاته. إنهم يعملون بكل جهد لاحتلال دارفور، ويعتبرون السيطرة على الأرض مفتاحاً للنفوذ السياسي والديمغرافي في السودان.
لكنّ هذا المشروع لن ينجح أبداً، لأن دارفور كانت وستبقى أرضاً لأهلها الأصليين، الذين حملوا قيم التعايش والكرامة عبر التاريخ، ولن يسمحوا بتحويلها إلى مستوطنة غريبة على نسيجها الاجتماعي والثقافي.
قد يخدع الجنجويد بعض البسطاء بشعارات زائفة، وقد يساندهم بعض الجهلاء دون إدراك لحقيقة ما يجري، لكنّ التاريخ لا يرحم، والحقيقة لا يمكن إخفاؤها إلى الأبد.
لقد انكشف زيفهم، وظهرت نواياهم المريضة، وسيسقط مشروعهم كما سقطت كل مشاريع الظلم من قبل.
