حملت الانباء إنقسام الجبهة الثورية السودانية من جديد وأعلنت قيادة الجبهة الثورية في بيان ان الذي حدث هو (إنسحاب) لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مناوي من الجبهة، فان كان هو انقسام او انسحاب يعني ضعف ووهن جديد أصاب الجسد والعقل السياسي لقوي الكفاح الثوري.
القائد مني اركو مناوي اول مرة سنحت لي مقابلته كانت في بدايات تاسيس الحركة الأم، ومرة أخري في العام 2017 بكمبالا وفي طوال الفترة ما بين اللقاءان ظل مناوي يحمل ذات الأفكار التي تناقشناها وبتلك الروح الثورية الشجاعة مع بعض التغيير في رؤي التحالفات والمستقبل السياسي.
لكنني أكاد اجزم بأن جائحة متلازمة أزمة النخب السودانية بالوسط والشمال النيلي أيضا أصابت نخب الهامش الثوري بالجبهة الثورية وقوي الكفاح المسلح، ففي الوقت الذي يعتقد العديدين أنه لضرورات المرحلة القادمة لما بعد سقوط البشير هناك حتمية تفرض نفسها في الواقع السياسي، وهي فرضية أن تتوحد قوي الكفاح الثوري بدارفور والنيل الازرق وجبال النوبة والشرق في تحالف عريض لاعادة تشكيل الخارطة السياسية السودانية والتأسيس للدولة السودانية المستقبلية، ويكون لها الحلف القدرة علي كبح جماح القوي السياسية التقليدية بالشمال والوسط النيلي لتشكيل الدولة السودانية لصالح المجموع الاسلاموي العروبي من جديد بشكل مختلف، وهذا يعني ان تتصدي قوي الكفاح المسلح لذلك المخطط القديم الجديد لمصلحة نيل الحقوق والواجبات من الدولة والعيش بكرامة لصالح أقاليم الحرب في أطار الكفاح الثوري باليات مدنية.
لكن واقعيا نري ان الجبهة الثورية كحاضنة سياسية لعدد من تلك القوي الثورية لهذة الاقاليم مرة اخري تتعرض للتشظئ والانقسام والانسحابابات ، حتي كادت ان تكون سمة مميزة لها تتكرر بين الفينة والأخري، تباين الاراء واختلاف وجهات النظر بين هذة القوة الثورية المختلفة وارد لعدة اعتبارات لكن لا يمكن ان يكون اختلاف وجهات النظر والتباينات الفكرية مدعاة الي ان تصبح صبغة وراثية لتدمير ذاتي داخلي يكاد يفنيها من الوجد السياسي في المستقبل القريب.
عندما سطت الجبهة الاسلامية القومية علي السلطة في 1989 وأستولت الحركة الأسلامية والمؤتمر الوطني علي السلطة عمدت علي إفقار الهامش وإستهدفته سياسيا واجتماعيا وديمغرافيا لتنفيذ مشروعها العروبي الاسلاموي كما هو معروف، ويحمد لهذة القوي الثورية مجتمعها انه كان لتحالفتها والتنسيق فيما بينها دور كبير في مواجهة مخططاتها العنصرية التي كلفت الوطن ثمن باهظ.
نجحت قوي الكفاح المسلح عبر تحالفتها ان تجبر حتي قوي الظلام الفكري بالاحزاب السياسية التقليدية المعارضة الي التحالف معها من اجل اسقاط النظام ذاك، وشاركت معها تحالفات مدنية كان من ضمنها قوي سياسية واحزاب تقليدية تسعي الي تطبيق نفس البرنامج الاسلاموي العروبي العنصري.
تفنن المحللين والمتابعين في تفسير وتحليل وتعداد اسباب الخلاف الاخير بين القوي المكونة للجبهة الثورية والتي ادت الي انسحاب مكون ثوري مسلح منها، وهو مايعني انقسام جديد بعد خلاف علي مستوي القيادة العليا للجبهة الثورية المكونة من القيادة العليا في القوي الثورية، ما قبل سقوط النظام وما بعد سقوط النظام كانت هناك سمة بارزة لتحالفات قوي الكفاح المسلح انه كثيرا جدا ما تفشل القيادة الثورية (السياسية والعسكرية) لقوي الكفاح المسلحة من إحتواء صراعاتها الداخلية التنظيمية، وتفشل في الحفاظ علي ما اتفقت علية لتأسيس أرضية مشتركة لتعمل وفقا عليها لتحقيق اهداف مشتركة، فالتشاكس وعدم أتفاق قادة هذة الحركات الثورية داخل التنظيم الواحدة وبين الحلفاء فيما بينهم يوضح بجلاء ضعفها التنظيمي الداخلي وفقر الكثيرين من قيادتها وإفتقارها لكيفية أنتاج والحفاظ وأدارة رؤية مشتركة تساعد علي ولو جزء يسير من تطلعات سياسية لهولاء الذين يناضلون من اجلهم لسكان اقاليم دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق والشرق.
مع تحياتي.
الفاضل سنهوري
20 مايو 2020
