الخرطوم ــ صوت الهامش
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي محمد حمدان حميدتي، ساهم في تصدير ذهب جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد إلى روسيا عبر المطارات السودانية.
وجاء في تقرير للصحيفة، إطلعت عليه صوت الهامش، أن روسيا إتخذت لنفسها جبهة ثانية في القارة الأفريقية -ممتدة من مالي إلى السودان- في مواجهة النفوذ الغربي.
وضرب التقرير مثلاً على مدى التغلغل الروسي في أجزاء من أفريقيا، بجمهورية أفريقيا الوسطى – ذلك البلد الذي يُعدّ الأفقر والأضعف حول العالم، وكيف باتت روسيا تسيطر فيه على الكثير من مناحي الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية.
ونبّه التقرير إلى أن موسكو تستعين على ذلك باستراتيجية تمزج بين بروباغندا الدعاية وصفقات السلاح وأنشطة التعدين والمقاتلين المرتزقة.
ويتمثل الوجود الروسي بجمهورية أفريقيا الوسطى في نحو ألف وخمسمئة مرتزق من مجموعة فاغنر شبه العسكرية، فضلا عن أنشطة روسية في مجال التعدين بحثاً عن الذهب والماس.
وقد كلّفت الحرب في أوكرانيا الروس ثمنا فادحا، وكشفت عن ضعف الجيش الروسي الذي شهد سقوط آلاف القتلى من جنوده في أوكرانيا، فضلاً عن عقوبات دولية أثقلت كاهل الاقتصاد الروسي.
وأضاف التقرير، أن روسيا رأت أن تعوّض خسائرها في أوروبا بالبحث عن مكاسب في أفريقيا، وقد قطعت موسكو شوطا كبيرا في هذا الصدد.
وقد ساعد موسكو على تحقيق هذا النجاح في أفريقيا عدد من العوامل منها اضطراب الأوضاع الأمنية بفضل الحركات المسلحة والجهادية والانقلابات العسكرية، إلى جانب حالة نفور من النفوذ الغربي في القارة السمراء (ولا سيما الفرنسي في الدول الفرانكفونية) – فاستطاعت موسكو بذلك أن تنافس الغرب على جبهة جديدة هي أفريقيا.
ويرى محللون أن موسكو تصبّ تركيزها على شريط من الدول يمتد من مالي إلى السودان، على اعتقاد أن بإمكانها بناء ”حزام انقلاب“ يعطيها نفوذا على حساب الغرب.
وكانت منطقة غرب ووسط أفريقيا تُعرف يوما باسم حزاب الانقلاب في القارة السمراء، كناية عما شهدته دُولها من انقلابات عسكرية على أنظمتها الشرعية.
وأوّل ما كشف الرئيس الروسي بوتين عن طموحه في القارة الأفريقية، كان في أكتوبر 2019 عندما استضاف في مدينة سوتشي الروسية 43 زعيما أفريقيا في قمة روسيا-أفريقيا.
ومنذ ذلك الحين، أخذت دول أفريقية عديدة تنجذب إلى القطب الروسي – من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى مالي، ومن بوركينا فاسو إلى السودان.
وفي السودان المضطرب، أقامت موسكو علاقات وطيدة مع الجنرال محمد حمدان دقلو الشهير بـحميدتي، وهو الرجل الثاني بين عدد من الجنرالات ظهروا بعد انقلاب 2019 الذي أطاح بنظام عمر البشير.
وتتربح شركات روسية عاملة في السودان من صادرات الذهب غير الشرعية، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية.
وقد زادت شحنات تلك الصادرات من السودان إلى وروسيا منذ اجتياح الأخيرة لأوكرانيا.
وقد وقّعت موسكو اتفاقا مبدئيا يقضي لها بوجود عسكري في ميناء بورتسودان الاستراتيجي على البحر الأحمر.
وينكر يفغيني بريغوجين، مالك مجموعة فاغنر للمترزقة الروس، أي علاقة بالمناجم في السودان وكذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وفي عام 2021 قالت لجنة من الخبراء تابعة للأمم المتحدة إن نسبة 95 في المئة من ذهب مناجم جمهورية أفريقيا الوسطى تم تصديره بشكل غير شرعي.
بعضُ هذا الذهب تم نقله عبر مطارات في السودان المجاور حيث الجنرال حميدتي -ذو العلاقات الوطيدة مع روسيا- منخرط بشكل كبير في قطاع التعدين والمناجم، بحسب محللين ودبلوماسيين غربيين ومسؤولين أمنيين.
ويقول شهود إن مرتزقة روسيين كانوا بين مهاجمين لمناجم ذهب تقع في مناطق تابعة للمعارضة المسلحة على الحدود بين تشاد والسودان، وذلك من أجل الاستئثار بالمعدن النفيس وطرد أي منافسين للروس.