الخرطوم _صوت الهامش
كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير استقصائي جديد، عن وجود عمليات تهريب ممنهجة للذهب من السودان إلى كل من الإمارات وروسيا، ما يوفر شرياناً مالياً رئيسياً لطرفي النزاع في البلاد، ويساهم في تأجيج الصراع الدموي المستمر منذ أبريل 2023.
وأكدت الصحيفة أن ارتفاع أسعار الذهب العالمية أدى إلى طفرة في التعدين الأهلي داخل السودان، حيث بلغ إنتاج الذهب نحو 80 طناً خلال عام 2023، بقيمة تتجاوز 6 مليارات دولار. ومع ذلك، فإن أكثر من نصف هذا الإنتاج يُهرّب خارج البلاد عبر شبكات متداخلة تتجاوز الحدود، وتقف خلفها كيانات وشركات في دول إقليمية ودولية.
وأوضح التقرير أن هذه الموارد تُستخدم لتمويل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 12 مليون مواطن أوضاعاً إنسانية كارثية، فيما تجاوز عدد القتلى منذ اندلاع الحرب 150 ألفاً.
وكشف التقرير أن شركة “الجنيد”، المرتبطة بعائلة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، تُسيطر على مناجم الذهب في منطقة سونقو بدارفور، وتُعد من أبرز المصادر التمويلية للقوات، رغم إدراجها على قائمة العقوبات الأمريكية منذ عام 2023.
وأكدت الصحيفة أن ستة مناجم كبيرة على الأقل لا تزال تعمل تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية، وأنها تعتمد على استيراد مواد كيماوية مثل سيانيد الصوديوم من دول مثل الصين والإمارات وألمانيا، رغم القيود المفروضة.
وقال الباحث أحمد سليمان، من معهد تشاتام هاوس، إن “الذهب بات المحرك الخفي لهذه الحرب”، مضيفاً أن الموارد التي يفترض أن تُسهم في إعمار البلاد “تُستخدم اليوم لاستيراد الأسلحة وتغذية شبكات القتال التي تفتك بالسودانيين”.
وأشارت مؤسسة أمريكية إلى أن استهداف سلاسل التوريد الخاصة بصناعة التعدين قد يمثل فرصة حقيقية للضغط على الأطراف المتحاربة، داعية إلى فرض عقوبات ذكية ومنسقة تطال الشركات والوسطاء المتورطين في تجارة “الذهب الدموي”.
وختمت فايننشال تايمز تقريرها بالتأكيد على أن السودان لا يُنهب فقط من فوق الأرض، بل يُستنزف تحت الأرض، عبر شبكات تهريب منظّمة تُعيد تصدير الذهب عبر موانئ الإمارات وتضخ عائداته في خزائن الحرب.
