
يُرى العُلماء والخُبراء الأمريكيين أنّ أسُوأ حالة للإنتهاك حقوق المُواطن البسيط في عصرنا الحديث حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية من قِبل حكومتهم عندما طلب عُمدة ولاية كاليفورنيا:”جيري براون” من 38 مليون مُواطن من سكان كاليفورنيا بضرورة خفض إستهلاك المياه بنسبة 45% أجبارياً، وإتخاذ إجراءات صارمة للحفاظ على المياه في بعض المناطق الزراعية بسبب موجة الجفاف التي تجتاح الولاية والتي وصفت بأنها موجة جفاف منذ 100 عام .
يا للعجب !! إذا كانت هذه الحالة العادية والبسيطة وُصفت بأنها أسُوأ حالة تفرض للمُواطن من قِبل الحكومة “The worst case for a citizen” لماذا لا نصف حالة الشعب السُّودانِى بـ.”القيامة المُبكَّرة”!! .
متى تكون حياة الإنسان بثمن في السودان؟ أو يصبح الموت بمقابل غير مجان؟
متى تتوقف هذه الوقاحة والتباهى بالقتل الوضيع والذليل والخسيس؟
متى نِستشعر بالحرية والديمقراطية والوحدة والإشتراكية؟
أمم وشعوب الأرض من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها إستخدمت كافة أنواع الإسلحة من أجل “الحرية المُطلقة” حتى الكِيمَاوي ! متى نحن كـ.”سودانيون”؟!
إلى أين ومتى الفساد والفقر والجهل والذل والإهانة والهوان والتنكيل؟!
الأسئلة الأعلاه ليست للإجابة فقط للتزكير !!
كثيرون من شُرفاء وأحرار بلادي كتبوا مُنذّ بعيد زمان – ولا زالوا يكتبون عن الوضع الحالى للشعب السُّودانِى المُزري والمُخجل والمُخيف وعن مواجعه وفواجعه – وعن تلك الكوابيس الجاثمة على قلبه وروحه .. وأنا واحد من أوْلئك البشر وقد كنت آمل أنّ أمور وأحوال هذا الشعب سوف تتبدل وتتغير مع مرور الأيام، لأنه من البدهي أن الخطر إذا أحدق بالشعب أي “شعب فهو نذيرٌ يدعوه الى أن يستيقظ من غفلته ويصحو من سباته وتهب لحماية نفسه” .. أنَّ الأيام تُمر والسودانيين ينتقلون وينقلِبُّون من دمار الى دمار وخراب إلى خراب وينحدرون مِنْ السيئ إلى الذي هو أسوأ، حتى ليخيل إليك أنه لم يعد هناك أسوأ من هذا الأسوأ .
فـ هَل يا تُرى سيشهد العالم”نفخ الصُّور” اي “بداية القيامة” من هنا؟! .. وأن شعوب العالم سوف يحزمون حقائبهم رويداً رويداً إلى وجه الله تعالى الله ومُتَزكرين بأن السودان كانت نهايتها؟! .
هذا حال الرديء والسىء والخبيث والكريه هو حالنا الآن في السودان وهذا الحال هو ما لا أرجوه ويرجوه كل وطنيٍ مخلصٍ غيور .. هل السودانيين سيظلون يتخبطون في ضلالتهم وإنخداهم وزلتهم وإثمهم فينحدرون إلى مزيدٍ من التبعثر والتشتت والضياع والفشل ؟! .
لستُ أدري ولكن أنَّ السودانيين يعيشون أسُّوأ حالات التخبط والفوضى والضياع والغلاء والإفلاس والإنحلال٠٠٠الخ فهم لا يدرون ماذا يفعلون ولا يعرفون أين يذهبون حالهم بالضبط كما جأت في الآية الكريمة:”وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ” الحج:[1 -2] . ونحن في السودان أصبحنا نقول:”وترى السودانيين سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب المُؤتمر الوطنى شديد” صدق الشعب السودانى العظيم .
ولم يعودوا يصدقون أو يكذبون شيئاً من الحاصل وإنما هم مذعنون يدفعهم تيار المؤتمر الوطنى من الأهوج إلى ما هو أشد هوجاً، فيندفعون معه وقد أنتقض عليهم حبل إرادتهم وأصبح أمرهم عليهم غمة .. فهم يصبحون على رأي ويمسون على رأي ويستيقظون على لا شيء..! إلا ما تفرضه عليهم أوامر ونواهي واقعهم المُؤلم المُر النكد وكأنهم قد أسلموا زمام حياتهم إلى سلسلة كوابيس مستحيلة النهاية .
فتراهم يُجزرون ويبيدون في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة وكجبار ومحس والسكوت تسيل دماؤهم وتمزق أوصالهم وتُسلب من أملاكهم وتغتصب نساءهم و تحرق قُرائِهم ويتحكم في أقدارهم ويقتل أطفالهم ويتجرعون ما يتجرعون من الإهانة والأذى فيجرجرون في سراديب السياسة وأوهام الإعلام وصوالين التدليس الفكري وهم في صبر العاجزين وذلة المستصغرين .
ولو سألت ما الذي سيفعلونه لمواجهة كل هذا الحيف والجور الواقع عليهم، لما أجابوك عن شيء فكلّ مشغول بنفسه يتوجس خيفة مما يخبئه له غده – خوفاً من قدر ديناصورات الكيزان يكتسح أمامه كل حلم وطمأنينة .
هذا بكل وضوح وإنكشاف وبلا مكابرة أو مواربة هو واقع السودانيين .. أما لماذا فتلك حكاية أخرى سيظل الجدل حولها قائماً إلى يوم يبعثون .. فهم رغماً عن ذلك كله لم يتمكنوا من تحديد مرضهم بالرغم المرض معروف! ولم يتعرفوا بعد على أسباب مشكلاتهم بالرغم المشكلة واحِدة لا غير ! .
نحن أمام حقائق ماثلة ودلائل صارخة لا تحتاج إلى فطنة وعظيم حكمة لتحديد القاتل أو المغتصب وسفاك الدماء فأنّات الجرحى وصرخات الثكالى وجلبة الدبابات والطائرات تدك مناطقنا وتذبح أهلنا وتحرقنا ! .
قبل أن نضع النقطة النهاية للمقال أريد أن أقول شيئآ:”أخرجوا إلى الشارع فـالشوارع لا تخون!!(إنتهى) .
