مقالات وآراء

الذين يرفضون حق تقرير المصير لجبال النوبة ..ما الذي بإمكانهم فعله لمنع حدوثه!!..

عبدالغني بريش فيوف
عقدت الحركة الشعبية لتحرير السودان– شمال اقليم جبال النوبة/ جنوب كردفان مؤتمرها الإقليمي في الفترة من 4 -7 أكتوبر 2017م بمدينة هيبان، وبعد مداولات ونقاش طويل أجاز المؤتمرين وثيقة القضايا المصيرية ومن أبرزهاحق تقرير المصير لشعب جبال النوبة/جنوب كردفانبإعتباره من المبادئ الأساسية في القانون الدولي وحقا مضمونا لكل الشعوب على أساس المساواة بين الناس ،وتربطه صلة قوية ومباشرة بين مفهوم حقوق الإنسان كفرد أو جماعة عرقية أو ثقافية من جهة، والديمقراطية في صيغتها القديمة والحديثة من جهة أخرى.
وما ان نشرت قرارات المؤتمر الإقليمي في الصحف والجرائد ومواقع التواصل الإجتماعي وغيرها من الوسائل حتى تعالت الأصوات من داخل السودان وخارجه ترفض هذه القرارات ، سيما القرار الخاص بحق تقرير المصير تحت مبررات كلها واهية -كأن تضرب مثلا بفشل هذه التجربة في دولة جنوب السودان التي انفصلت عن شمالها في عام 2011م ، أو قولها ان منطقة جبال النوبة منطقة مقفولة وليس لها مقومات دولة. وقول بعضها ان المجتمع الدولي والإقليمي لم يعترف بهذه الدولة. لكن اغرب تلك الأصوات هي أصوات أبناء النوبة الذين جندتهم حكومة العهر والدعارة في الخرطوم للتشويش على هذا المطلب الإنساني.
من هذه الأصوات النشاز ، أمين بشير فلين الذي قال بكل وقاحة وعدم خجل في احدى لقاءاته الصحفية ، إنه لا يوجد أحد من منطقة جبال النوبة يقبل بدعوة تقرير المصير. مضيفاً “أبناء جبال النوبة جزء أصيل من ثقافة وأهل أرض السودان، ولا يمكن لأحد أن يقصينا عن أرضنا، ونحن مع وحدة البلاد، ولا يمكن أن ندعوا لحق تقرير المصير”.
من يقرأ هذا التصريح العنتري الناري ولا يعرف أمين بشير فلين، يعتقد أنه شخصية نوباوية كبيرة لها وزنها وملايين من الأتباع والجمهور. لكن الحقيقة هي أن بشير فلين مجرد اصفار كبيرة على اليسار ، وأن أمور شخصية انتهازية نفعية دفعته للإدلاء بهذه التصريحات التي تقف أمام تطلعات شعبنا النوباوي.
من الأصوات ايضا ، صوت تابيتا بطرس التي قالت إن مطلب تقرير المصير لمنطقة جبال النوبة يحوي الكثير من التعقيدات لمسار السلام بالبلاد، وارجاع التفاوض للمربع الأول، وأن مثل هذا الطرح أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وعلينا الاعتبار بالحرب الدائرة في دولة جنوب السودان”.
هذا التصريح بالطبع يدخل ضمن التصرفات المعلومة لهذه العانسة الستينياتية التي تعيش على فضلات وكرتة المؤتمر الوطني الحاكم منذ فترة طويلة ، وكونها مدافعة عن سياسة الطاغية وتنافقه ـ وصولاً إلى نفع أو تجنباً لأذى ـ وهي بالتالي إنما نزلت بنفسها إلى منزلة العبودية ..انها تخلت عن فضيلة الحرية التي وهبها الخالق للإنسان.
وأصوات نوباوية أخرى رفضت حق تقرير المصير لشعب جبال النوبة من خلال خربشات قلمية ، لكن معظمها فعلت وهي مدفوع الثمن من نظام الخرطوم “ثمن بخس جدا”، وبعضها فعلت لأنها قابلة للإستغباء والإستحمار -أي النوبة الذين لهم قابلية ان يستعمرهم الجلابة ومقتنعين بتفوّق الجلابة عليهم ، ويرون عدم قدرتهم على إدارة شئون حياتهم بدونهم ، وأنهم غير مؤهلين لحكم أنفسهم بأنفسهم ولذلك فهم بحاجة إليهم.
فئة أخرى من الرافضين لحق تقرير المصير لشعب النوبة ، هي فئة الإسلاميين النوبة الذين (طلعو دينا) ، وخربوا عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا ولغتنا السمحة الجميلة ، لتحل محلها العادات والثقافة واللغة العربية البدوية الجاهلية. جاءوا بكلام زواج الأقارب (زواج أبناء العمومة وأبناء الخال والخالة وووالخ) ، وبهذه الطريقة وبالجري وراء “العُروبة المقيتة” دمروا التماسك الأسري والعشائري والقبلي والمجتمعي النوباوي. الآن وبعد ان احدثوا كل هذا الخراب والدمار يريدون تمسيخ فرحة الشعب النوباوي بمناسبة اعتماد المؤتمر الإقليمي لجبال النوبة/جنوب كردفان لمطلب حق تقرير المصير.
لكن السؤال الجوهري هو ..هل لهذه الأصوات النشاز أي تأثير من الناحية العملية -أي هل تستطيع ان تمنع الشعب النوباوي من ممارسة هذا الحق القانوني؟
هذه الأصوات النشاز بالطبع لا يمكنها ان توقف مسيرة الشعب النوباوي وتمنعه من ممارسة حق تقرير المصير ..إنها أصوات للمشاغبة ورفض للرفض واعتراض للاعتراض ولإثبات انها موجودة ضد كل شيء يصدر عن (الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال). هي أصوات تعتمد على المبالغات والتضخيم والفبركة وتلجأ للفت الأنظار إلى الكذب والشائعات.. مستهدفة اثارة البلبلة والقلق متوهمة انها تستطيع ان تكون بديلا للحركة الشعبية والجيش الشعبي في السودان.
للمرة المليون ، نؤكد أن ممارسة حق تقرير المصير لأي شعب من الشعوب ليست ممارسة اعتباطية ،بلثابت نصا ومضمونا في المواثيق والقوانين الدولية ، وينطويعلى تحرير الشعب وأرضه دون أي قيد أو شرط أو تزييف. ويتضح هذا من خلال الممارسة الطويلة للمجتمع الدولي دولاً ومنظمات دولية ، وأن طبيعة تقرير المصير قد تطورت فأصبحت تعني احد أهم الحقوق التي تقررها مبادئ القانون الدولي المعاصر، فهو يرتب للشعوب حقوقا ويرتب على الدول التزامات ذات طبيعة دولية، وهو حق دولي جماعي وعام في آن واحد ، فهو حق للشعوب دون الأفراد ، وهو حق دولي عام لأنه مقرر لكل الشعوب وليس لفئة دون الأخرى ، وهو يشمل كل الشعوب المستقلة وغير المستقلة وفقا للمعنى السياسي القانوني لتعبير الشعب، كما تحدد في ميثاق الأمم المتحدة.
ولطالما حق تقرير المصير ثابت في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وليس بدعة اختلقتها الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال ، فلا يسعنا سوى ان نترك هؤلاء المعترضين عليه يصرخون وينعقونويملئون الدنيا ضجيجاً وكذباً وتشويشاً ونفاقاً ، فالنتائج المثمرة لا تأتى بالنباح ولا يوجد عند الزاعقين والناعقين سوى الحناجر الصاخبة والعنتريات الفارغة. وطول اللسان لا يبني أوطاناً ، ولا يجلب الحقوق المغتصبة لأصحابها.
حق تقرير المصير الذي طالبت به الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال حقيقة وواقع يجب ممارسته بالطرق والوسائل الودية التي أهمها التصويت لكل شعوب السودانية ، أما إذا رفض نظام الأقلية الإسلامعروبية الحاكمة في الخرطوم القبول بهذا الحق ، فإن لشعب النوبة أن تمارسه بالكفاح المسلح وهو ما يسمى بحق تقرير المصير الثوري (الجيش الشعبي لتحرير السودان)، ومثل هذا الكفاح أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها والمواثيق التي أقرتها ومارستها على مر العصور والأجيال.
وفي الختام نقول ..الــكـــلاب تـــــنــــبـــح والـقــافــلـــة تــــســـــــيــــر..
فلتنبح الكلاب حتى ترضي ذاتها..
ولتنبح الكلاب فما بنبحها ستوقف القافلة سيرها..
ولتنبح الكلاب فما بنبحها تعلو على أسيادها..
ولتنبح الكلاب حتى يأتي ذات يوم يسكت نبحها..

مقالات ذات صلة