دانيال كالو ترلي
لقد تطرقنا في مقالنا السابق عن مجموعة البعثات الأممية التي مرت على السودان والتحديات والفرص الممكنة للإستفادة منها، ومن الإخفاقات السابقة حتى يتجنب البلاد خطر الرجوع الى مربع الحرب والتجارب المريرة التي حدثت في دارفور وجبال النوبة والأنقسنا، وكيفية الوصول الى سلام شامل وعادل ومستدام يرضي تطلعات الشعب السوداني الذي ثار على الدكتاتورية والشمولية الذين جثمة على صدر الشعب السوداني لمدة 30 عاما. في هذا المقال اريد ان اتطرق الى جانب مهم جدآ وهي الجزئية الخاصة بالتدخل الاممي لحفظ السلام وحماية المدنيين وحقوق الانسان وهي الجانب الخاص بالبندين السادس والسابع وإمكانية استخدامهما في حالة عدم التوصل الى اتفاق شامل بين الأطراف المعنية، يرضي تطلعات وشعارات الثورة والثوار من حرية سلام وعدالة ومساوة.
الجميع يعلم الظلم التاريخي الواقع على شعب الهامش من إضطهاد، عنصرية، حروب، تشرد، والتهميش بانواعه المختلفة..الخ. و هو ما أدئ الى قسمة البلاد الى دولتين دون إرادة جميع الشعب السوداني، ولكنه كان بمثابة الحل الوحيد لوقف نزيف الحرب بين حكومة الخرطوم وشعب الهامش والتي دامت لأكثر من نصف قرن من الزمان وبشهادة المجتمع الدولي.
وفي هذا الجانب اريد أولا ان نذكر أنفسنا بان لدى المنظمة الدولية كل الامكانيات التي يمكن ان تضغط على الحكومات التي لديها صراعات داخلية وخاصة المتمثل في الانتهاكات لحقوق المدنيين وغياب حكم القانون. ونذكر أنفسنا أيضا ان المنظمة الدولية تملك كل التقارير عن النزاعات في السودان وجميع الاحصائيات الخاصة بالانتهاكات وعدد النازحين ومعاناتهم سواء نزوح داخلي مثلا في دارفور والنزوح الخارجي مثل اللاجئين في شاد وافريقيا الوسطى وجنوب السودان يوغندا وكينيا ومصر ودول اخرئ، هذا التشرد الكبير من الشعب السوداني الى كل انهاء العالم. وإذا لم تجد الحكومة الانتقالية في السودان حلآ لها وأخص هنا التوصل الي اتفاق سلام شامل و مرضيآ لتطلعات الثورة ومطالب شعب الهامش فان ذاكرة المنظمة الدولية ستعيدها الى تجاربها المريرة في رواندا والكنغو وفشلها في تلك الدول وبرغم التصريحات والتقارير التي كانت تشير الى اندلع كارثة. ولاسيما انها لا تريد ان يتكرر هذه التجارب فان هنالك خيارين فقط هما.
أولا: البند السادس: هذا البند يختص بمعالجة كل القضايا التي تعيق السلم والامن الدوليين بالطرق السلمية من طرفي النزاع كالتفاوض، وتقصي الحقائق، والوساطة، والمصالحة، والتحكيم أي اللجوء للمحكمة الدولية. فبالتالي يحق لكل دولة اللجوء الى مجلس الامن الدولي او الجمعية العامة، للنظر في الامر موضع النزاع وذلك استنادآ للمادة (35) من ميثاق الأمم المتحدة. فبالتالي هذا البند يعطي مجلس الامن الدولي السلطة لإصدار تقيمها وتوصياتها عن النزاع ولكنها لا تخول كامل الصلاحيات لإستخدام القوة والأمثلة على هذا البند قرار مجلس الامن رقم (47) وقرار رقم (242). وهذا يرجعنا الى ما قام به الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة بتفاوض لتدارك مشكلة حكومة السودان والحركة الشعبية (ش) عبر الالية الافريقية الرفيعة لحل ازمة جبال النوبة والنيل الأزرق في مفاوضات اديس ابابا مع الحكومة البائدة والتي وصلت لأكثر من (22) جولة رسمية وغير رسمية بلا جدوى. وأيضا المفاوضات الجارية حاليا عبر وساطة دولة جنوب السودان التي تعتبر محاولات سلمية لحل الازمة الإنسانية والسياسية في السودان وإذا لم يتوصل الاطراف الى سلام فللمجتمع الدولي إمكانيات فرض العقوبات واللجوء الى التدخل عبر البند السابع لاسيما انها مستخدمة سلفا في دارفور وابيي.
ثانيا البند السابع: والتي فيها يخول لمجلس الامن الدولي السلطة لاتخاذ التدابير اللازمة لتدخل قوات الأمم المتحدة تحت المواد (24)و (25) من سلطات مجلس الامن للتدخل في أي صراع يحدد الامن والسلم الدولي وأيضا لها الصلاحية بتكوين لجنة عسكرية لوضع الاستراتيجيات الخاص بتدخل القوات لحماية المدنيين وحقوق الأنسان و ذلك استنادا للمادة (42) و(51) من ميثاق الأمم المتحدة.
كما ذكرت سابقا فان لدى الأمم المتحدة المعلومات الخاصة بملف السودان والتي يمكن ان تستخدمها لضغط على الحكومة السودانية لإنجاز ملف السلام العالق والتي مازالت تتبع نفس أسلوب مفاوضات نظام الحكومة البائدة في كثرة المراوغة والهروب من الحقائق. وكما أشرنا في المقال السابق ان لدى الحكومة الانتقالية فرصة جيدة للاستفادة القصوى من التواجد الحالي للأمم المتحدة في دارفور وابيي والتعاطف الدولي مع الحكومة في الفترة الحالية. وخاصة البعثة الجديدة القادمة وما عليها بوضع استراتيجية واولويات وخاصة اتفاقية وضع القوات الأممية (S.O.F.A) بعناية فائقة، لتجنب تجربة الكنغو مع القوات الأممية. فالشعب السوداني يستحق سلامآ عادلآ يرضي قيمة ثورته وليس تماطلآ واهدار الوقت، والذي يمكن ان يدخل البلاد في دوامة البعثات تلي الأخرئ وإنقسامات داخلية وخاصة الأحداث في هذه الأيام تنزر بكارثة.
ودمتم ودام السودان قويآ وموحدآ.