عثمان نواي
ان التسجيل المصور لمديرة لا لقهر النساء المتقدمة باستقالتها بعد الجدل الواسع حول تعليقها المخزى العنصرى قبل ايام يتطلب التنبيه لاهميته من ناحيتين. الناحية الأولى تعود لأهمية دور الضغوط والنقاش المفتوح فى تغيير السلوك الجمعى تجاه هذه القضايا المهمة المرتبطة بالعنصرية والتمييز. وقد أسعدنى الحراك الواسع عبر السوشيال ميديا لصناعة رأى عام يضغط باتجاه ادانة هذا السلوك مما فرض على إحسان الاعتذار. وان حوى بعض المبررات لكن كان هناك اعتراف واضح بخطأ ما إرتكبت.
الجانب الاخر هو فضيلة الاعتذار العلنى نفسها من جيل لطالما غرق فى حالة الإنكار لكثير من السلوكيات التى اثرت على مسيرة السودان السياسية والاجتماعية وبالتالى هناك درجة من التقدم فى هذا الشان يجب ان يتم تشجيعها بلا شك. لكن يظل التمييز والعنصرية الممارسة بشكل غير مرصود والمبنية هيكليا فى المجتمع السودانى وكل هياكل الدولة هى الاكثر خطورة من السلوكيات الفردية. حيث ان السلوك الفردى العنصرى هو حلقة فى دائرة مغلقة تتبادل التاثير، حيث ان العنصرية فى سلوك الأفراد وقناعاتهم خاصة عندما يكونون فى السلطة تتسبب فى صناعة سياسات ومؤسسات ذات روح وممارسة عنصرية وان لم تكن تلك معلنة عبر قوانين معينة مثلا ولكنها تعتبر سلوك مسموح به من قبل السلطة لدرجة انه يتحول الى تقاليد عمل لا يتم خرقها وبل يحدث عمى جماعى تجاه مدى خطاها وظلمها للناس ولمجتمعات كاملة جرى استغلالها او تدمير فرصتها فى التقدم على يد الدولة .
والجزء الاخر من الحلقة هو ان السلوك الفردى يكون احيانا ناتج طبعي لتلك الروح العنصرية التى تسود المؤسسات والتسامح مع الممارسات العنصرية داخل الدولة ومؤسساتها ولذلك تتعلق الحلقة فى عملية إعادة انتاج مستمرة للازمة ما بين السلوك والقناعات الفردية وبين السلطة والدولة وبل وسلوك المجتمع ككل.
وفى انتظار كسر هذه الحلقة، فإن اعتذار احسان فقيرى امر يجب ان يكون بادرة لمراجعة كامل دائرة العنصرية فى السلطة والنخبة السودانية من كل الجوانب. هذا ناهيك عن ضرورة ان تبدأ الدولة نفسها فى ممارسة فضيلة الاعتذار نيابة عز مؤسساتها والقيام بإصلاحات هيكلية تغير من بنية التمييز وصناعة العنصرية والتسامح مع مع العنصرية فى الدولة السودانية.
nawayosman@gmail.com
