محمد عبدالله ابراهيم
mohammedabdalluh2000@gmail.com
منذ ان اطاحت الثورة الشعبية السودانية بالدكتاتور واسقطت نظامه المعتوه ظللنا نشهد إنقسام حاد في اواسط بعض السياسين والمثقفين السودانيين، وخاصة أؤلئك الذين يسمون أنفسهم ناشطين، ولعلنا سنكون اكثر وضوحاً ان هذه الظاهرة لم تكن وليدة اليوم، وإنما هي سمة موجودة في العديد من الاحزاب والتنظيمات السياسية السودانية ومييزت الكثيرين من الناشطين واصبحت ملازمة لسلوكهم العام، وهذه احدى الآفات المميته التى أضرة بالسياسية السودانية وعقدت الكثير من المشاهد والمواقف السياسية، والملاحظة الجديرة بالذكر هى ان هذه الظاهرة تلاشت نوعا ما بين السياسيين وخاصة الاحزاب والتنظيمات السياسية حيال قيام الثورة الشعبية السودانية، ولقد شهدنا اكبر تحالف بينها في تاريخ التحالفات السياسية في السودان، وبفضلها تمكنت الثورة الشعبية السودانية ان تسقط النظام، وبعد ان تنفس الناس الصعداء وتذوقت الاحزاب والتنظيمات نشوة الانتصار بسقوط النظام الذي كان ايضا يعمل على شق الصف الوطني وزرع الفتن داخلها وتصعيد انقساماتها، سرعان ما عادت تمارس بعض القوى السياسية العادة من جديد “وحليمة رجعت لعادتها القديمها، وكأنها لم تبارح مكانها”، وللاسف الشديد ان الاحزاب والتنظيمات السياسية السودانية لم تستفيد من دروس الماضي الآليمة على الرغم من تراكم خبراتها، والاستفادة من هذه الثورة العظيمة في ان تغيير من سلوكها، كما لم تستطيع ان تقتنص فرصة التحالف العريض “تحالف قوى الحرية والتغيير” وان تعمل على تعزيزه وتقويه والمحافظة عليه من اجل قيادة الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة، ولقد شهدنا في فترة ما بعد سقوط النظام الخلافات والتشدد في الاراء والمواقف والذي اوشك ان يعطل عجلة الثورة وارجاعها الى نقطة الصفر بل كاد ان ينسفها ويفرغها عن محتواها الحقيقي في التغيير، ولقد تركت تلك الاحداث اثراً بالغاً في المشهد السياسي ولا ذال مسار التحول في البلاد متأثراً به، وعليه ان الخلاف لم يكون بين الاجسام المكونه لقوى الحرية والتغيير فقط، بل هنالك شخصيات وناشطين واجسام اخرى عديدة كونت وهى تدعى بأنها مع الثورة وتعمل ضد قوى الحرية والتغيير، وظل التخوين هو السمة البارزة في التراشق الإعلامي بين كليهما الى يومنا هذا، وكلا يريد ان يظهر نفسه احرص من الآخرين على اهداف الثورة، ومن المؤسف جدا ان بعض أؤلئك الذين يدعون الانحياز للثورة ومطالب الجماهير، اصبحوا اكثر نشاط وعنف لفظي نقدي مكرسين فيه كل الجهود ضد الحكومة الانتقالية وبعض مكونات الثورة، غير آبهين بالقضايا الرئيسية في كشف وفضح مخططات الدولة العميقة والثورة المضادة ومآمراتهم ضد الثورة الشعبية السودانية ومكتسباتها، وغير شاكرين لهامش التغيير الذي حدث في البلاد، بل استغلوا الحريات المتاحة للعمل ضد الذين وفروا تلك الحريات، وللأسف الشديد ان الذين يقومون بهذا العمل لا يجيدون غير النقد ويمارسونه من اجل النقد وعاجزون تماما عن تقديم الحلول والبدائل المنطقية للقضايا، فهؤلاء القوم يستعجلون أمرهم ويستبقون الحوادث دائما، يمسكون رؤوس المواضيع فقط ولا يتثنى لهم الاهتمام بالتأكيد عن صحتها ودقتها حتى، وهذا بالظبط ما تفعله الثورة المضادة والدولة العميقة ضد الحكومة الانتقالية، والقرض معلوم تماما لكل سودانية وسوداني يهمه أمر البلاد، وعلى هؤلاء الناس سوى ان كانوا ناشطين او سياسين اذا كانت فعلا لديهم انحياز تمام للثورة الشعبية السودانية واخلاق تجاه قضايا الوطن، عليهم ممارسة النقد الموضوعي البناءَ وتقديم الحلول المنطقية بدلاً عن لعن الظلام، وبما ان بلادنا تمر بمرحلة حساسة ومنفصلية في تاريخه السياسي، واجب علينا جميعا سودانيات وسودانيين دعم الحكومة الانتقالية والوقوف معها من اجل تجاوز من هذه المرحلة، وهذا في حد ذاته يعتبر وسيلة لهزيمة الثورة المضادة والدولة العميقة، ويمثل انتصاراً لأهداف الثورة الشعبية السامية وقضايا الجماهير، ولنضع نصب أعيننا ان المشكلات التى يعاني منها بلادنا اليوم لا تهم الحكومة الانتقالية وحدها، بل تهمنا جميعاً سودانيات وسودانيين، بأن نمضي على الطرق الصحيحة والوسائل السليمة حتى نتمكن من ان نقفز معاً فوق جراحات الماضي ومأساة الحاضر الى بر الامان ورحاب المستقبل المشرق الذي يشرفنا ويشرف وطننا الحبيب.
المجد للشعب السوداني.
المجد للسودان.