المرحلة السياسية التي يمر بها السودان جاءت بعد مخاض عسير و تضحيات عظيمة تصب في مصلحة التغيير الشامل و تحويل الدولةالسودانية من خانة الدولة المستبدة المدمنة للعنف ضد شعبها الي دولة عادلة و ديمقراطية و من دولة أرهقت كاهلها الحروبات الي دولةمستقرة تنعم بالامن و السلام و التعايش المشترك.
هذه المرحلة من عمر السياسة الوطنية تعتبر مرحلة تأسيس و بناء دولة جديدة بفكر سياسي وطني يعكس تطلعات هذا الشعب و هو ما يعنيبالضرورة مشاركة كل أعضاء المجتمع في عملية البناء بإتاحة الفرصة لمبدأ العدالة السياسية الذي ظل غائبا منذ تشكيل سودان ما بعدالاستعمار كما هو في السياق العام لبقية المشكلات التي تتمظهر فيها الخلل البنيوي المركزي وما يشوبه من تصورات احادية التوجه و القرارالسياسي و مصادرة حق الاختبار و المشاركة الفعالة بعدم توفير بيئة سياسية و اجتماعية و أمنية تمكن الكل من فعل هذا الأمر نتج عن ذلكالموقف الخطأ دمار كامل للبلاد و تحويل الدولة الي وضعية متخندقة تحارب شعبها بإستمرار هذه الظروف صنعت أوضاع سياسية جعلتالمبعدين تاريخيا غير قادرين على التحمل و الإقرار بشروط لا تقوم على المساواة و تنتزع منهم صفة المواطنة و تخضعهم للاستغلال و لظروفسياسية تجعلهم اقل شئناً.
ان الحراك الذي انتظم اقاليم السودان و بشكل خاص في نطاق المناطق المهمشة يحسب كعمل ثوري ممتد و استكمالي لثورة ديسمبر كماهو اختراق لدوائر القرار و استعدال المعادلة المختلة يلعب مجتمع الحراك دور اساسي بعد القفزة التي نفذها الان ليتحول من مجتمع محلي/أهلي الي مجتمع سياسي بإمتياز بواقع عملية الدفع الجماعي التي تتم نحو التأثير و المشاركة في صناعة القرار و ادارة شؤون أنفسهمبقدرما يقتضيه الحال.
هذه العملية ستعيد بناء القيم السياسية من جديد و تفتح فضاءات واسعة للمشاركة العادلة و تكافؤ الفرص سوف ينعكس ذلك في بناءمؤسسات سياسية و اجتماعية ملائمة و أكثر تنظيماً و تطوراً بالمسار الجماعي و المسلك الذي يتخذه عدد كبير من المواطنين و لاشك انهاالكفة الراجحة لصالح الخطاب و الفكر السياسي المتزن و المتحد اجتماعيا.
اعتقد تماما ان مجتمعات مابعد الكارثة او ما بعد الصراع هي الحلقة المهمة في عملية التحول و نقطة الانطلاق و هذا يعتمد على وجودمنظور سياسي وطني توافقي يدمج رؤى و تصورات هذه المجتمعات من أجل صياغة شروط التحول و الانتقال بهم من مربع التهميش و الموتالي الاستقرار و تحقيق الذات و إسترجاع الدولة لتكون تحت السيطرة السياسية للشعب بقدرما انها ليست مؤسسة مستقلة ذاتياً حتىتخضع لطموحات النخب و البيروقراطية.
يجب أن يستمر هذا الحراك الجماهيري السلمي تأسيساً لثقافة سياسية مسؤولة و متحضرة و غرس نواة لحركة مدنية و سياسية عريضة ومن الجانب الاخر الممارسة المستمرة لحرية التعبير و الرأي كحق أصيل.
عبد الباسط الحاج
12 يوليو 2020
