بقلم: عثمان نواي
من أهم الأحداث التى هزت الخرطوم نتيجة لممارسة العنف من الشرطة والمبنى على تمييز عنصرى كانت حادثة مقتل عضوية عجبنا فى ٦مارس ٢٠١٢، حيث قتلت برصاص الملازم شرطة حامد فرحان والذى حصل على أطول فترة محاكمة جنائية نسبة لرفض الشرطة رفع الحصانة عنه لفترة طويلة إضافة الى السند من الشرطة كمؤسسة ومن الضباط الكبار والكيزان من أقرباء الشرطى. فى ذات الوقت كان مقتل عوضية فى قلب منطقة الديم فى الخرطوم سببا في احد أقوى المظاهرات فى ظل النظام البائد. حيث استمرت حالة الكر والفر لثلاثة ايام وامتدت احتجاجات عمت مناطق مجاورة للديم. وقد كانت تلك ربما اول مظاهرات فى السودان تحتج بشكل واسع على عنف الشرطة والأهم على الممارسات العنصرية ضد مواطنين سودانيين من قبل الدولة.
وكانت ولاتزال تلك المظاهرات تشكل علامة فارقة فى وعى السودانين بقضايا التركيب الاجتماعى المعقد فى السودان وارتباط العنصرية بالعنف والقمع والتراتبيات الطبقية والاثنية والوضعية المرتبطة بتاريخ السودان المسكوت عنه. ورغم ان ما جرى لعوضية كان يجرى ولازال بشكل مستمر فى أحياء الخرطوم الطرفية وفى مناطق معسكرات النازحين سابقا ،حيث الشرطة لها حق استخدام السلاح النارى وكأنها فى حالة حرب،وحيث تستخدم الشرطة اقصى درجات العنف لقمع السكان هناك وهم اغلبهم من النازحين من مناطق النزاعات. وقد كانت حادثة ام دوم المعروفة التى طاردت فيها قوات الشرطة عدد من النساء المتهمات ببيع الخمور حتى النيل حيث غرق ٤ نساء وطفلة مأساة أخرى مت عنصرية وعنف الشرطة السودانية ، هذا إضافة الى عمليات التعذيب والضرب الوحشي والسجن لفترات طويلة دون محاكمات والمحاكمات غير العادلة والايجازية التى يعانى منها كثير من سكان أطراف الخرطوم من النازحين وخاصة النساء المتهمات ببيع الخمور.
والحقيقة ان مقتل عوضية وقتها والى الان يحمل فى ثناياه كافة أشكال الممارسات العنصرية والتمييز على اساس الاثنية الذى تمارسه مؤسسات الدولة السودانية ممثلة فى شرطتها المسماة ” قومية”. فقد تم سن قوانين تحمى افراد الشرطة بشكل عام من الملاحقة القضائية وتصعب رفع الحصانة عنهم عقب حادثة مقتل عوضية عجبنا وتم تعزيز تلك الحماية بقوانين جديدة أثناء الثورة. ومن واجب حكومة الثورة الان مراجعة كاملة لقوانين الشرطة وإعادة هيكلتها وبناء أسس جديدة لعمل الشرطة السودانية وهذا ربما من أهم خطوات إعادة هيكلة الدولة السودانية وتمكين الحريات والمساواة.
nawayosman@gmail.com
