مقالات وآراء

العقل الباطن؛ الازمة السودانية.. المتمردون دعاة الحرية والعدالة، حلفاء الظلم وأعداء الديمقراطية..

إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين

التاريخ دائما لا يعيد نفسه إلا في شكل مأساة، لتتكرر تجربة نيفاشا التي ألقت بالنوبه والانقسنا وغيرهم ممن ضللّوا بالتحرير والمساواة في سلة المهملات باسم المشورة الشعبية ولكن كيف وبمن سيضحي النوبه في هذه المرة كما قدمهم الجنوبيون قربانا لميلاد دولتهم التي أصبحت اخيرا ضيعة قبلية تسيطر عليها قبيلة الدينكا؟؟

يتخذ ابناء النوبه بما يسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان انضمامهم المبكر لها وسيلة لتبرير استرقاق السودانيين وتجنيدهم للقتال في صفوفهم بحيلة السودان الجديد الذي انتهى أخيراً، إلى مشروع قبلي وجهوي يطالب فقط بحقوق أقلية قليلة من مكونات الشعوب السودانية ضاربا بعرض الحائط أحلام الحالمين بالسودان الجديد والذين استخدموا عبيدا للقتال فاهدروا دماءهم وارواحهم سدا وبلا مقابل، ليعيدوا إنتاج الأزمة وتمكين النظام القبلي والعشائري في ثوب جديد. نحن لا ننكر للنوبة أو غيرهم من الشعوب السودانية حقها في تقرير المصير بقدر ما نحذر أي فريق أو قبيلة تسعى لذلك بألا تتلاعب بمشاعر السودانيين وتخدعهم أو تتاجر بدماءهم أو تتخذ منهم دروعا بشرية من أجل حماية والحفاظ على مصالحها الخاصة، على كل قبيلة أن تستخدم أبناءها لقتال من تريد قتاله او لتحمي مصالحها أو تحقق طموحاتها دون خداع أو احتيال.

يصاب المرء بحالة من الهيستيريا وفقدان الأمل، حينما يكتشف أنه وقع ضحية للتضليل، وان الدعوة إلى الخير إمعان في الشر، وان التشدق بالاحسان والبر، خدعة تحمل في طياتها دهاء ومكر، وتخفي في جوف المتشدقين بالتحرير والديمقراطية أحقاد وضغائن، تتدثر بالوطنية وتعمل ضد مصالح الوطن، وتتظاهر بالنزاهة لتكريس الظلم والاضطهاد.

يدعي المتمردون في السودان أنهم رفعوا السلاح في وجه الحكومة التي يتهمونها بالظلم من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة واجبارها على تلبية مطالبهم بأن تتبني الديمقراطية ومبادئ القانون والدستور والحكم الرشيد ولكن تلك مجرد شعارات فارغة لا يؤمن بها المتمردون أنفسهم، فقط مكتوبة على الورق. وتنتشر المحسوبية والفساد في دهاليز وأروقة الحركات التجارية المسلحة التي تفتقر للمؤسسية، انتشار النار في الهشيم ولا توجد أي علاقة بين الشعارات والواجهات البراقة، المرفوعة ظاهريا، من قبل المتمردين وواقع أفعالهم على الأرض إلا ما ندر. ولذلك يمكن القول أن الأمر لا يعدو أن يكون رد فعل، ومحض محاولة للتشفي وتصفية حسابات شخصية وخلق مركز هامش جديد يسود فيه القبلية والجهوية والفساد بكل اطنابه القذرة ليضرب مجددا مستقبل البلاد وحلم الحالمين بالتغيير في مقتل فيحوله إلى كابوس. إلى متى نظل ندور في هذه الحلقة المفرغة نقاتل فيما بيننا وندمر أنفسنا بانفسنا مستنزفين طاقاتنا البشرية والمادية والمعنوية في حرب بلا طائل؟؟

وكيف لحركة تنشطر على نفسها بسبب الصراع على القيادة إلى قبائل وعشائر وجهات لدرجة تجعلها تتعارك بعضها البعض أو تنضم للسلام ليس من اجل السلام بل نكاية في أختها، أن تحكم بلد بحجم السودان مترامي الأطراف ومتنوع عرقيا وثقافيا؟؟ هل تستطيع هذه الحركات تطبيق الديمقراطية والإلتزام بالدستور والقانون فيما لو سنحت لها الفرصة للحكم؟؟ لا اعتقد ذلك ممكنا على الأقل في الوقت الراهن ولا في المستقبل البعيد، لأنه ببساطة فاقد الشيء لا يعطيه.

وحتى لا يتهمنا المتمردون دعاة الحرية والديموقراطية الذين نصبوا أنفسهم مالكين للثورة، يوزعون صكوك الولاء والإخلاص المطلق لها، بالخيانة والارتزاق والكوزنة، يجب أن يدركوا جيدا إننا لا نلقي التهم عليهم جزافا أو نكتب من أجل الكتابة، ولا تدفعنا مطامع أو طموحات وأهداف شخصية لكنز المال أو الحصول على وظيفة في زمن أصبح فيه التمرد مطية ووسيلة لتحقيق مكاسب شخصية واقصر الطرق لأن يصبح الشخص غنيا، وحتى لا يسقط ضحايا جدد في أيدي تجار الدماء وامراء الحرب، نود هنا وفي هذا الصدد أن نستوضح الحقائق المجردة من اجل الحقيقة والتاريخ، للشعوب السودانية والحالمين بالتغيير الذي طال انتظاره ولكن للأسف الشديد هذا التغيير لم ولن يتحقق قريبا، كما يعتقد الذين يعقدون آمال وتطلعات عريضة في الثورة المزعومة.

ونحن إذ نحدثكم يامعشر السودانيين عن خفايا واسرار الثورة المزعومة فإننا نسردها عن واقع تجربة حقيقية عشناها وعايشناها لفترة قصيرة ولكنها كانت كفيلة بأن نرى الحقائق بالعين المجردة ونعيشها واقعا ملموسا في عمق الأدغال بعيدا عن مزايدات الإعلام المضلل الذي يصور المتمردين كالانبياء ممنوعون من الخطأ وأنهم خلقوا من أجل أن ينشروا الخير والحب والسلام في الأرض ولقد شاهدتم أنتم التجربة العملية من قبلنا؛ العقلية التي كانت تدار بها السلطة الانتقالية في أعقاب التوقيع على اتفاق أبوجا في ٥ مايو ٢٠٠٦م، كانت الوظائف حكرا على فئة معينة محصورا في دائرة ضيقة من عشيرة رئيس السلطة، المحسوبية والقبلية وينسحب ذلك على كل الحركات المسلحة بمختلف مسمياتها والتي ترفع شعار التغيير والديمقراطية ككلمة حق يراد بها باطل.

وقبل الخوض والتعمق أكثر يجب أن نسأل أنفسنا لماذا ترك المجتمع الدولي المتمردون هائمين على رؤوسهم في الأدغال والفيافي بعد أن كانت تقدم لهم الدعم والمساندة في المحافل الدولية ولماذا تخلت الأمم المتحدة ومنظماتها عن صراخها في أروقة مجلس الأمن الدولي الذي كان يصدر قرارته ليل نهار متوعدا أطراف النزاع في السودان ولاسيما الحزب الحاكم بالويل والثبور مالم توقف انتهاكاتها ضد المدنيين واستهداف منظمات وعمال الإغاثة؟؟ الإجابة على الأسئلة المطروحة يقودنا إلى حقائق صادمة يشيب من هولها الولدان ونحن هنا لا نريد أن نستخدم لغة التعميم ولكن الصمت على الانتهاكات وتستر بعض قادة الحركات المسلحة، على الضباط والجنود الذين يستهدفون المدنيين وعمال الإغاثة وينفذون أعمال تخريبية مثل نهب المال والأصول الخاصة بالمواطنين والمنظمات الإنسانية، جلبت اصلا لخدمة المنكوبين، ليتم تحويلها من قبل بعض القادة إلى ممتلكات شخصية يخدش في مصداقية المتمردين واهدافهم غير الواضحة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. I think that you an emotional writer, when one looks at the quality language of the repeated types of playing with words and phrases. Be the child as you liked it in your understanding manner about what is politics? But your will be always zero point if you try to mock on the history of people, especially the Nuba Mountains Region Profile. The mind that persuades you to write such awkward story is the same mind that leads you to make quite sad history of division in Darfur struggle line. Tell me are you the student of the International Relation or the International Law? to make you appear as able person to understand the politics of deciding on the rights of the nations? Man we respect you to learn how to write on geopolitics as free lance not as free minded person, but you continually be nothing when you try to discourage the decisions taken by the most known fighters and the people of the two region historically. Being enslaved is the reality, but not the weaknesses since they are the most known societies in Sudan to respect the authority. Now the experiences they have had gave them trust that whatever they do is not hasit action as what you are emotionally doing, but something else which the all the International Conventions and Law are siding it, based on the concrete justifications they have had about this long standing struggle. If you need just to jump on them like what your masters are doing to your people now in Darfur, although the free liberals and fighters of them are still resisting that, then be sure that things of the kind are over. New balance of power has to be there or the reality will control the scene one day, whether others like that or not.