منعم سليمان عطرون
* إستقلال المجتمعات وإكتسابها لوعي مستنير عن ذاتها حقوقها؛ وقدرتها في ادارة مصيرها هو التحول التاريخي.
*اطروحة الجلابي؛ تابعه الفلقناي ويده الجمجويتاي هي الاخطار المهددة لعملية التحول التاريخي.
* الثوري غير الناضج؛ الإنتهازي المخادع بإسم الثورة؛ يعملان في خط داعم لخط الجلابي واتباعه في تهديد عملية التحول التاريخي.
تابع مادتين سابقتين حول النموذج الفكري paradigm لدولة المستعمر؛ والاصلاحات perspective التي تطرحها المجموعات الخرطومية والهادفة لتحسين صورة واداء الدولة الاستعمارية.
منذ 1954 حتى 1973؛ أغفلت جميع النظم الدستورية ؛ والأوامر الدستورية (1958) والمؤلفات الدستورية المؤقتة اي ذكر للاقاليم والبلديات ؛ وطريقة ادارتها وشكل اختيار حكام للاقاليم والبلديات؛ والسياسية الداخلية الخاصة بطريقة الادارة المحلية في السودان ظل يكتسبه التخبط والتشويش واللامسؤولية وانعدام الوضوح . واهتمت النخبة الجلابية الحاكمة خلال هذه الفترة بالسُلطة المركزية في الخرطوم؛ ولم يذهب عقولهم ابعد من الاماكن التي ولدوا وتربوا فيها داخل مدن الخرطوم الثلاث حتى الإقليم الشمالي الذي ينحدر قادة السلطة النافذة منها ظلت غائبة عن اذهان نخبة الجلابي؛ يتمتع اغلب الريفيون الشماليون اكثر بالحق المعنوي أكثر من المادي من دولة الجلابي نفسه.
ونمط التفكير الغريب هذا امر طبيعي؛ اذا ما فهمنا ان حكام السودان خلال ال64 سنة كانوا منفصمون عي السودان كله وجدانيا وعقليا؛ من الناحية الثقافية والاجتماعية؛ الماضي والحاضر؛ ويعتبرون ان عاصمة بلادهم (الخرطوم) هو السودان؛ وكان صلة نخبة مدرسة المستعمر هذا لندن والقاهرة وبيروت اقرب من صلته بالفاشر وملكال وسواكن ودنقلة وانسان تلك المنطقة.
وهكذا فقد سرى عمليا نمط ادارة الحكم في الاقاليم وفق ما ما كان الحال عليه قوانين الادارة الاستعمارية الاخير (1898-1956). فقد قسمت الادارة الاستعمارية السودان الى مديريات ومراكز حيث حدثت سلسلة انتقالات خلال هذه الفترة حول عدد وجغرافية المديريات والمراكز؛ من ست مديريات ثم 15 ثم الى 9 مديريات مرة اخرى. وكانت تدار كمستعمرات Internal colonies مرتبطة بمركزية السلطة في الخرطوم. ويقوم الحاكم العام بقصر غردون بتعين أ.ضباط عسكريين بريطانيين على رئاسة المديريات لحفظ الامن السلطة الفعلية والظاهرة؛ (خلفهم ضباط البازنقر في القيادات العسكرية الفرعية).
ب. يعاونهم مساعدون مصريون ؛ مدراء ادرايين مدنيين؛ (مصريين وشوام في الاغلب) مهمتهم تنيظم جمع الضرائب من المواطنيين (لا يزال السلطة التنفيذية والادارية بيد نخبة من طبقة الضباط الادارييين والمدراء التنفيذيين الجلابة).
ج. يستعين المديرون والاداريون برجال الادارة الاهلية؛ (فلاقنة فوق العادة) لاقناع مجتمعاتهم بسياسية الاستعمار؛ جمع الضرائب وتهديدهم بمغبة العصيان.
د. يعمل بشكل غير مباشر تجار جوالة من الحلب؛ الارنؤوط والجلابة الشماليين؛ في نقل المعلومات عن السكان المحليين واراءهم في السلطة؛ (جواسيس؛ ( استمر حتى اليوم التجار الجلابة في امتلاك تجارة الصادر والوارد من السلعة والتوسطق الى الخدمات بالدولة في تلك الاقليم حتى الان).
ه. أفندية متدربون على الادارة من نخبة الجلابي ( اليوم فلاقنة تاكل عيش وبُلم من ابناء المنطقة دخلوا بوساطة).
و. عساكر من مرتزقة المستعمر؛ الشرطة؛ والبوليس السري (الأمن) تحت سلطة حاكم المديرايات والمراكز؛ وهم اليد الباطشة في الاقاليم؛( استمر القيادات العسكرية والوحدات العسكرية ومراكز الشرطة والامن (امن القبائل وامن المدن) الان من ابناء الاقاليم بينما قياداتهم من جنرالات البازنقر. واضاف الانقاذ مليشيات محلية تتدخل في شؤون ادارة المستعمرات.
وهذا النمط الاستعماري Colonial style لا يزال يسري الى الان.
في دستور 1973ف؛ لاول مرة يحدث تدخل مركزي دستوري في شئون الولايات ؛ اذ نص الباب السابع؛ الفصل الاول؛ من ( دستور نميري الاول) الى تقسيم البلاد الى خمس اقاليم (الأوسط؛ الجنوبي؛ دارفور؛ الشرقي؛ الشمالي؛ و كردفان)؛ وحدد الفصل طريقة تنصب حكام الاقاليم؛ اي ان يتم عبر (التعين) من قبل رئيس الجمعورية(دستور السودان الدائم لعام 1973؛ المادة 182؛ أ؛ ج).
بهذا التغيير لم يتغيير طريقة الحكم والادارة فقط استبدال اسم المديريات الى اقاليم؛ وفي سبتمبر 1994ف تم الانتقال الى نظام الولايات ( محافظات؛ محليات ثم معنمديات (189 معتمدية) ؛ وتم الغاء نظام الاقاليم؛ لكن استمرت ادار بنفس الطريقة كمستعمرات تتبع للحاكم العام
قنن نظام الانقاذ الاول والثاني والثالث والرابع منذ ( 1989- الى الان( حالة ادارة المستعمرات من نهب منظم لثرواتها المادية؛ واستغلال ثرواتها البشرية ؛ وفساد؛ باضافة ان تحويلها الى ميدان حرب تطهير وساحات لانتهاكات حقوق الانسان بشكل مفتوح.
يشكل ( فلقناي والي؛ فلقناي معتمد؛ فلقناي وزير) من ابناء الاقاليم ومن داخل المجتمعات؛ (وهو معين من سيده بالطبع غير المنتخب من الشعب) ؛ حاكم مزيف للارادة ؛ يظل مجرد ديكور نظري يخدع المواطنيين بصورته فيما تستمر عملية نهب الموارد الاقتصادية؛ المهانة؛ وسكوتهم على مصادرة حقهم في اختيار حاكم بارادتهم وتقرير مصير شئونهم والسيطرة على مواردهم. في طريقة الادارة ( انظر طاقم براكس شكل ادارة المستعمرة) ؛ ويعتبر الموظفون الجلابة في هذه الاقاليم مستعمرون جدد مهمتهم نهب الموارد؛ ومهانة الاهالي وقهرهم بكونهم اعدء الدولة.
