قضايا

ﺍﻟﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻭﺍﻟﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ (ﺣﻜﻮﻣﺘﺎﻥ ﻭﻃﺎﺑﻮﺭ ﺧﺎﻣﺲ ﺗﺪﻳﺮ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ) – ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻛﺒﻜﺎﺑﻴﺔ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ (2-10 ‏)

عبدالحميد نورين الطاهر

اﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍلثانية

[quote]سقوط أقنعة القيم وظهور المخدرات الموت السريري للصبية [/quote]

سعادة السيد والي شمال دارفور الراعي وسعادة السادة مواطني السودان في شمال دارفور الرعية .. تحيتي لكم هو ما يشغلكم علي الدوام.. وهي العوامل الدخيلة التي بدأت تحل محل القيم الاجتماعية وتكسب شبابنا سلوك اجرامي ، وشكلت مصدر قلقا للأسر والمجتمع ، وقبل أن نخوض فيها دعوني أبتدر هذه الحلقة بقصة تعلمناها من علمائنا الأجلاء ، إذ يحكي أن { الصينيين القدماء حينما قرروا أن يحصنوا بلدهم ويعيشوا في أمان بدأوا ببناء سور الصين العظيم ، إعتقدوا أن لا أحد يستطيع أن يتسلقه ، لكن للأسف خلال المائة السنة الأولي تعرضت الصين لثلاث غزوات ، وفي كل مرة العدو لم يحاول تسلق السور أو يقتحمه ، بل كان ببساطة يدفع الرشوة للحارس ويدخل بالباب ، لأن الصينيين إنشغلوا ببناء السور ونسوا بناء الحارس ، (بناء البشر أهم من بناء الحجر ) ، ونحن للأسف في السودان لسنا بعيدين عن الصين – طالما علم السودان ورمز وطنا صناعة صيني ، وحافظة جواز السفر السوداني صناعتها صيني ، اقتصادنا صيني أدويتنا صيني مستشفياتنا صيني ، موبايلاتنا صيني ، الجلابية السودانية هي سودانية والصناعة صيني وحتي ملابسنا الأخري… صيني ، وخمسون الف صيني بالسودان اذا نظرت لأحدهم من بعييييد قطع شك تقول صيني (خجلتونا وكسرتو عينا يا صينيين ) – بتنا لا نستطيع بناء أسرة والمحافظة عليها وصونها ، ويبقي المفارقة أن هناك أسر لم تجد بيوتا تأويها – مثل مواطني السودان في معسكرات النزوح واللجوء – وهناك بيوت لم تجد أسر ، وفي ذات الوقت هناك قصور بداخلها أسر مهدومة ، حتي القصور فيها قصور ، وأصل الحكاية ليست فلوس وماديات ومستوي تعليمي أو اجتماعي ، وهناك مقولة تقول : إذا أردت أن تهدم حضارة هناك ثلاث وسائل : [1.هدم الأسرة . 2.هدم التعليم . 3. إسقاط القدوة] .
كي تهدم أسرة عليك بتغييب دور الأم .. إجعلها تخجل بوصفها ربة منزل ، وكي تهدم التعليم عليك بالمعلم ، لا تجعل له أهمية في المجتمع قلل من مكانته ، حتي يحتقره طلابه ، وكي تسقط القدوات عليك بالعلماء والمفكرين ، إطعن فيهم ، قلل من شأنهم ، شكك فيهم حتي لا يسمعهم أو يقتدي بهم أحد !! ، فإذا إختفت الأم الواعية ، وإختفي المعلم المخلص ، وسقطت القدوة ، فمن يربي النشء علي القيم ؟؟} .. ويبقي السؤال كيف حالنا في السودان وتحديدا مدخلها الغربي إقليم دارفور ؟ ألم ينطبق علينا تماما هذا الوصف؟ للاجابة علي هذا السؤال دعوني أقدم لكم العوامل و المعطيات .

هدم الأسرة (إختفاء الأم الواعية ) : هناك عوامل كثيرة تشير الي أن الأسرة في دارفور عموما وشمالها خصوصا في طريقها للانقراض من حيث القيم الاجتماعية بعد غزوها بأشياء دخيلة وهدامة ، ولنستوضح المعني أكثر دعونا نتعرف علي:
اﻟﻘﻴﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ: وﻫﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ . ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭة ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ، ﻭ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ اﻟﻤﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺒﺮﻫﻢ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺍﻟﺠﻴﺪ ﻭﺍﻟﺴﻲﺀ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩﻫﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻻﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻹﻳﺜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .
أما ماهية ﺍﻟﻘﻴﻢ : ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻭﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻔﺮﺩ ، ﻭﺗﺮﺳﻢ ﻟﻪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺀ ﻭﺍﺟﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺝ ﺍﻟﻤﻨﻴﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻧﺐ ، ﻭﻳﺤﻮﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ إﺭﺗﻜﺎﺏ ﺃﻱ ﻋﻤﻞ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺿﻤﻴﺮﻩ ، ﺃﻭ ﻳﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﻭﺃﺧﻼﻗﻪ . ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀﻧﺎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ، ﻓﻬﻲ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺣﻜﻤﻨﺎ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﻜﺮ ﺃﻭ ﻓﺎﺿﻞ، ﺻﺢ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ، ﻭﻫﻲ الأوﻋﻴﺔ التي يجب أن نجد أنفسا فيها . ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻘﻴﻢ من ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ، ﻛﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎﻉ ﺷﻲﺀ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﻜﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ، ﻭﺗﻨﺸﺌﺔ ﺃﺟﻴﺎﻝ ﻣﺨﻠﺼﺔ ﻟﻮﻃﻨﻬﺎ .
ﺷﻮﺍﻫﺪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : (ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻨﺎﺱ ‏) ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏(ﻭﺍﻟﻤﻮﻓﻮﻥ ﺑﻌﻬﺪﻫﻢ ﺇﺫﺍ ﻋﺎﻫﺪﻭﺍ ‏) ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ( ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺄﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ ‏) ﻭﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ‏( .. ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺼﺪﻕ ﻭﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﺪﻳﻘﺎ .. ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻜﺬﺏ ﻭﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺬﺍﺑﺎ ).

سعادة الوالي الراعي وسعادة المواطنين الرعية : لا شك أننا ندرك تماما أن رعاية المجتمع مسؤولية مشتركة يوفرها الراعي ويحميه ويصونه ، أما الرعية يحافظوا عليه ويعينوا الراعي والهدف هو بناء مجتمع سليم ومعافي ، أن ما يجر في الولاية من مخاطر المخدرات التي تفكك المجتمع كأحد العوامل الدخيلة ، يجب الانتباه له والعمل علي وضع حلول ناجعة لاستئصالها ، ولتسليط الضوء علي هذه المخاطر أفيدكم ببعض ماهو ظاهر كالآتي :
عوامل تعاطي المخدرات : الشيء الملاحظ وبات واقعا مريرا ، هو عدم استقرار المجتمع ويتمثل في غياب الأمن ، النهب والابتزاز ، الجهل والجهل المتعمد ، الغرور والشعور بالتعالي القبلي والطبقية ، تجارة السلاح ، والأخطر من ذلك تغييب دور الأم في المجتمع وتحميلها عبء الرعاية ويتجلي ذلك في غياب دور الأب في التربية وإنحصاره في لعب دور توفير لقمة العيش أوغيابه بفعل الطلاق والظروف الاقتصادية والاجتماعية الاخري أو بسبب الوفاة ، والأم السمحة وجدت البيئة الخصبة – من بعدك البيت أصبح خلاء – لتنطلق وتكمل النقص التي وصمت بها واظهار فتوتها ودورها الأبوي والأمومي وإعلاء صوتها ليس الرقيق المتعارف عليها (إنه صوتي أنا ) حيث الرقة والحب والحنان ، بل تنطلق كالبرق بأنها الكل في الكل وتحسس أبنائها بذلك وتغييب الدور الأبوي المتعمد ونلاحظ هنا النتيجة نوعين من الأبناء ، أبناء تربوا في بيئة متوازنة ومشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع وأبناء نشأوا في بيئة آحادية التوجه فشل تربوي ، سلوك اجرامي ، غياب أدني معاني القيم الاجتماعية ، تنامي هذه الظاهرة نتج عنها بيئة خصبة ومفتوحة الاحتمالات ، أعطيكم منها بعض الأمثلة : – الموقف الأول – معلم أراد أن يعاقب تلميذه وشاء أن يحاول الهروب وجرحه السوط علي جبهته ونزف قليلا وعندما ذهب للمنزل عادت الأم (ست الكل ) وطفلها للمدرسة وتلفظت بألفاظ مسيئة وجارحة للمعلم وذهبت وفتحت بلاغ لدي الشرطة باعتبار المعلم شخص عادي اعتدي علي طفلها وعندما جيء به أمام الشرطة وجد أنه معلم وكان يريد أن يعاقب تلميذه لاسيما وأن الجرح طفيفا وغير مقصود ، فأقنعت الأم ببطلان البلاغ وشطبه ، فيما قررت إدارة المدرسة فصل إبنها وتوجهت به الي مدرسة خاصة حيث المادة (القروووش )محازية للقيم وربما تفوقها باعتقادها .

– الموقف الثاني : مطابق للأول ولكن هذه المرة بلا جرح ، عاد الطفل للمنزل وأصرت الأم علي أن الطفل تم إيذاءه وذهبا الي المستشفي وقرار الطبيب لا يوجد أذي ، ذهبت الي مشفي آخر أيضا القرار الطبي بذات النتيجة اذداد غضبها وإرتفع درجة غليانها وذهبت للمعلم في المدرسة وتلفظت بعبارات يعف عنها الآذات سماعها قبل القلم لكتابتها ، لكن المدير طلب حضور ولي الأمر الأب أو رجل ليمتثل أمامه ، وكان الامور قد ذهب في اتجاه لا أحد كان يتوقعه إذ أن المعلم كان معلم الأب نفسه ، لكن الأب أثبت انه تلميذ المعلم واتخذ قرارا واحدا جعل المياه تعود حتي لمجاري الجيران والحي الكائن ! وعادت حليمة لقديمها .

– موقف ثالث : مدير مدرسة أساسية بكبكابية يأمر طلاب الصفين السابع والثامن بالدخول للفصول ويرفض التلاميذ معللين بأنهم عساكر ولديهم نمر عسكرية وذاهبون لصرف المرتبات ويتكرر هذه الظاهرة كل يوم 30 نهاية الشهر ، والغريبة أن بعد صرفهم المرتبات المدير يطلب منهم المساهمة (10) جنيهات لترميم فصل دراسي او شراء طباشير أو الوسائل المعينة للتعليم حيث لا استجابة ! اذا سقط مفهون التكافل لدي أبنائنا .

– موقف رابع : في امتحان الشهادة السودانية معلم أخذ (بخرة) من طالب وحذره بإعتبار اذا تكرر منه يعتبر غش ويحرم من المادة حاول تعليمه الاعتماد علي النفس وفي جنح الظلام ذهب مجموعة طلاب لمنزل المعلم وأطلقوا أعيرة نارية داخل غرفة نومه إلا أن الكريم لطف ولم يصاب المعلم بأذي .

– وموقف أخير مماثل ولكن هذه المرة وضعوا (كوريك وأزمة) وهما أداتي حفر المقبرة أمام منزل المعلم في إشارة الي بإمكاننا تصفيتك جسديا دعنا ندخل الامتحان بأي شيء كتاب كراس .. إلخ ، وهناك طلاب صبية يأتون المدرسة مسلحين وليسو عسكر بل من باب (القشرة) حيث السلاح بات مباحا في يد الجميع ولا حياة لمن تنادي . العبرة أن التحامل علي سلوك الاطفال وجعلهم ( مدلعين) – والتنازل لرغباتهم بفهم العيال قالوا كذا وكأن الإبن هو الأب والأم هي الابن – وكذلك التجنيد المعنوي للأطفال وجعلهم عسكر وعدم احترام المعلم والوفاء له والايمان برسالته ، يجعل الأطفال والصبية لا يحترمون الكبير والصغير في المنزل و المجتمع، كل ذلك اشارة واضحة الي أن التربية الآحادية ينتج عنها خلل في التربية لعدم وجود الاهتمام والمراقبة والمتابعة ، وعلي النقيض النتيجة فاقد تربوي ، أمراض نفسية ، السلوك الاجرامي وبداية تعاطي المخدرات وترويجها وهي أحد أخطر العوامل الرئيسة في هدم النظام الاجتماعي ، موضوع الحلقة…و توصلت الي هذه الحقائق :
أن معظم متعاطي المخدرات في محلية كبكابية هم أبناء أسر إما الأب غائب بفعل العمل وكسب العيش أو أيتام بفقدان آبائهم بسبب الوفاة والتربية يتحملها المرأة لوحدها وبالتالي غياب العائل يمثل بيئة خالية من المراقبة خارج المنزل ، أو الأب يلعب دور الحاضر الغائب والأم تكمل ما وصمت بها من نقص وهي تحاول أن تكملها وتفرض هيبتها بأنها الكل في الكل – مع العلم والاقرار أن تربية الولد أصعب للأم في هذه الحالة من البنت – والملاحظ أيضا معظم الأمهات اللائي يلعبن هذا الدور هن حديثات الزواج ، وبعض الشباب يصفهن بنسوان (ألفينات) في اشارة إلي قلة خبرتهن في التربية وتصرفاتهن وكأنهن حبلن ذاتيا وأنجبن وبالتالي هي الأب والأم وتندهش حينما تجد بعضهن خريجات جامعات!! تشبعن أكاديميا وفشلن في مهارات التربية وثقافة قبول الآخر ، اختلاف كبير بين خريجات الخلاوي الأمهات في القرن الماضي والحالي إلا من رحمها ربها ، الأمر يحتاج الي الايمان والقناعة التامة بأن لكل من الأب والأم دور في هذه الحياة يجب أن يلعبه بأكمل وجه دون تغول وتأثير سلبي للأبناء .

أيضا شاهدت أبا قدم الي المدرسة لدفع الرسوم الدراسية السنوية الاجبارية لابنه والبالغ قدره (150) مائة وخمسون جنيها ، سأله احد المعلمين أي فصل يدرس فيه ابنك رد لا أدري! ( آباء آخر الزمن ) ..قال المعلم اذا هات اسمه واكمل الاجراء ونسأله عنه غدا في الطابور الصباحي وعليك بمتابعة أبنك باستمرار ، مما سبق ذكره نستخلص الآتي: تربية من جانب الأم لوحدها غير سليمة وغياب دور الأب (وأقصد بالأب الوالد أو العم أو الخال أو الأخ الاكبر- في حالة غياب الوالد أو وفاته) في المتابعة ، والخلوة في الارشاد الديني وتعاليمه ، ودور المدرسة في التربية ، والمجتمع في المراقبة ، في ظل غياب هؤلاء جميعا النتيجة طالب هش ومهزوز يتأثر بالفاقد التربوي ويكتسب سلوك دخيل ويصبح متعاطي مخدرات والحصاد أسماء ابناء فقط وهو السراب التربوي والندم علي (الولادة) حتي .

السيد الوالي السادة المواطنين:
ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وافرازات الحرب ألقي بظلالها سلبيا علي الأسرة وولدت ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻚ ﻭﺍﻹﻧﺤﻼﻝ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ وﺗﺤﺪﻯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟﺒﺮﻳﺌﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ .

وقبل أن يصبح ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ المجتمع دعونا نتجرد من خلافاتنا السياسية و الطائفية ونضع الحلول المرضية بغية انقاذ مايمكن انقاذه ، قبل أن يكون مدخلا لأصحاب الصراع العقائدي العالمي ويشكلون منها ضغوطا اجتماعية وثقافات دخيلة بتعدد الوسائل المختلفة ، يجب أن نحطاط لنحافظ علي ﻛﻴﺎن الأسرة المتماسكة دينيا واجتماعيا وثقافيا وندرأ هدم ﻗﻴﻤﻬﺎ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ ، إنطلاقا من القاعدة الفقهية : (ﺩﺭﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻣﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ )
ﻭنأخذ في الإعتبار إفادات علمائنا والباحثين أن ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻛﺒﺮ مما هو ظاهر ، بل ﻟﻪ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻣُﺨﻄﻂ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ، ﻭُﺿﻌﺖ ﻟﻪ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺃُﻧﺸﺄﺕ ﻟﻪ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻭتخرج ﻃﻼﺑﻬﺎ ﻭوﻇﻔﻮا ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺪﻭﻝ العربية وﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ، تحت
ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ وبمسميات طوعية خدمية . مايهمنا هو بناء مجتمع متماسك وليس متفكك كما يجر التخطيط له دوليا ، والطريق للحل ليس صعبا اذا شاركت شعبك سبل حل المعضلة بعيدا ، أكرر بعيدا عن الطابور الخامس الحكومي أصحاب المصالح الخاصة الذين يكتبون التقارير المغلفة بالعبارات الرنانة مثل ( الوضع آمن ياسعادتك والأوضاع تحت السيطرة) أبدأ بهم نريد معاونين لأولي الأمر يتحروا الصدق في حياة المواطن ، أبدأ وسوف تكتشف الفرق ، وغايتنا بناء مجتمع سليم ومعافي .

نواصل … في الحلقة القادمة تسرب المخدرات من حدود السودان غربا مرورا بسوق أبرم طاقيتك بالجنينة الي سوق كولمبيا بكبكابية و(حاجات تانية) نبصر بها ولاة أمورنا وربنا يعينهم علي وأدها ودرئها . لاتذهبوا بعيدا.

مقالات ذات صلة