مقالات وآراء

هل فهمت قوى المعارضة فحوى خطاب الحلو رئيس الحركة الشعبية أمام القيادات العسكرية والمدنية بتأريخ 6 يوليو 2017م؟

بسم الله الرحمن الرحيم
هل فهمت قوى المعارضة فحوى خطاب الحلو رئيس الحركة الشعبية أمام القيادات العسكرية والمدنية بتأريخ 6 يوليو 2017م؟
بتأريخ 6 يوليو 2017م، قدم الفريق عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان–شمال خطاباً في الإجتماع التاريخي للقيادات العسكرية والسياسية والمدنية لإقليم جبال النوبة/ جنوب كردفان بحضور ممثلي منظمات المجتمع المدني والإدارات الأهلية وذلك بمناسبة قبول تكليفه رئيسا للحركة الشعبية وقائداً عاما للجيش الشعبي.
وبعد ان حيا جميع الحضور ..رئيس هيئة الأركان ونوابه ،الحاكم بالإنابة ونوابه وأعضاء حكومته،الحاكم بالإنابة ونوابه وأعضاء حكومته،الأمين العام للحركة الشعبية بالإقليم ومساعديه،رئيس مجلس التحرير بالإقليم وأعضاء المجلس الموقر،ممثلو منظمات المجتمع المدني،الإدارة الأهلية،قادة الفرق والوحدات. بدأ مرة أخرى شارحاً الأسباب التي دعته لتقديم استقالته في مارس 2017م حيث قال :
((حاول البعض خلال الأزمة، ومن أول يوم، صرف أنظار الناس عن جوهر الخلاف بيني وبين الرفيقين مالك وياسر بتصوير المسألة وكأنها إنقلاب على قيادة شرعية، ولكن كان ذلك جزء اً من مخطط لإختطاف الثورة والإنحراف بها عن مسارها الصحيح الذي يؤدي إلى التحرير والتحول الديمقراطي الكامل والوحدة العادلة والسلام الدائم.
لذلك سأبدأ بشرح الأسباب التي دفعتني لتقديم الإستقالة في 7 مارس 2017م. وأؤكد لكم بأنه لا يوجد سبب واحد يدفع شخصين أو جماعتين للإختلاف أو الصراع هنا في جبال النوبة، أو هناك في النيل الأزرق، لأن جوهر الموضوع يتمثل في الإختلاف حول المباديء الخمسة لدمج الجيش الشعبي في الجيش السوداني أو الورقة التي قدمها رئيس وفد التفاوض السابق للوساطة في أغسطس 2016م، ودون مبرر أو مقدمات أو أسباب مقنعة ،بل وقام بإيداعها لدى الوساطة لتمثل مرجعية للتفاوض في أي مفاوضات قادمة حول الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار النهائي، وتلك المباديء الخمسة في أساسها هي عملية تهدف لتسريح الجيش الشعبي وتجريده من سلاحه، أي التخلص منه وبدون مقابل ،أو قبل الحصول على إتفاق سياسي مجز يقود لإعادة هيكلة السلطة المركزية، ووضع الأسس اللازمة للتحول الديمقراطي والسلام العادل.
وقد سبق أن شرحنا لكم في خطاب الإستقالة، بأنني إعترضت على ذلك، وطلبت من رئيس الحركة الشعبية وقتها أن يقوم بسحب ذلك الموقف التفاوضي حول الترتيبات الأمنية من الوساطة، أو التبرؤ منه لأنه لا يمثل رأي الحركة الشعبية وغير متفقٌ عليه، ولكنه رفض سحبه بحجة أن الوفد التفاوضي قد حسم المسألة، ولا مجال لمناقشتها أو سحبها من الوساطة .وبما أن كل ذلك قد تم دون مشاورتي كواحد من الضباط التنفيذيين الثلاثة وكنائب لرئيس الحركة وممثل لشعب جبال النوبة في القيادة من جهة ، وعدم إلتزام الرئيس والأمين العام بالشرط الذي وضعته لهما ،وهو أن يتم تجميد التفاوض ووقف الإتصال بالحكومة أو الوساطة والمبعوثين الدوليين لحين صد الهجوم الصيفي، لنذهب بعدها معاً للشعب في يوليو ليقرر هو، ما إذا كان يريد تسليم سلاحه والقبول بالخضوع لسيطرة سلطة الجبهة الإسلامية في ظل قوانين الشريعة، أم لا؟! لا شك أن قوانين الشريعة تقوم على الجهاد والتفرقة بين الناس على أساس الدين والعرق والإبادة وإحتلال أراضيهم ،أي لأوضاع أسوأ بكثير من الأوضاع التي دفعت يوسف كوة والكمولو لحمل السلاح في 1984م. قلت لهم يجب أن لا تقررا نيابة عن الشعب، فلنذهب للشعب ولكن الرفيقين لم يلتزما بنصيحتي، ولم يتوقفا يوماً واحداً، بل ذهبا إلى جنوب أفريقيا لمقابلة الرئيس أمبيكي، كما ذهبا لأثيوبيا لمقابلة المبعوث الأمريكي الأسبق، وذهب أحدهما إلى باريس في إندفاع محموم كان سيفضي لإتفاق هزيل لا محالة من وراء ظهر الشعب، وفي ظل غياب مجلس التحرير القومي الذي تم عرقلة بنائه أو تكملته عمد اً، وعدم إكتمال عضوية المجلس القيادي لذات الأسباب، فقد قررت إعادة الأمانة للشعب وقدمت الإستقالة لمجلس تحرير إقليم جبال النوبة/ جنوب كرفان حتى يتسلم المسئولية، ويقوم بوقف تلك الخطة الرامية لتجريد الجيش الشعبي من سلاحه وإعادة الجماهير المناضلة إلى بيت الطاعة ،وتحت ظل أسوأ سلطة فاشية في العالم، رئيسها مطلوب للجنائية الدولية، لإرتكابه جرائم إبادة وجرائم حرب ضد مواطنيه في دارفور ،جبال النوبة،النيل الأزرق، والخرطوم- أي سلطة الجبهة القومية الإسلامية- التي صدر بحقها أكثر من 60 قرار إدانة من مجلس الأمن الدولي، وتسببت في فصل الجنوب بسبب تمسكها بمشروعها الآحادي الإقصائي ،وهجَرت أكثر من 8 مليون سوداني، ونزحت نصف سكان البلد من مواطنهم الأصلية، وتعاني من العقوباتالإقتصادية الدولية ووضع إسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب ممارستها وتورطها في مثل تلك الأنشطة الإرهابية وضدنا في المقام الأول، بجانب جرائم غسيل الأموال والإتجار بالبشر والمساهمة في الهجرة غير الشرعية، بل التورط في بيع الشباب السوداني وزجهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، كحرب اليمن ،ليبيا، الصومال وسوريا. وتسببت في أزمة إقتصادية وتضخم غير مسبوق حوَل حياة المواطنين إلى جحيم بسبب الغلاء وشظف العيش وتفشي الأمراض القاتلة كالسرطان والفشل الكلوي. وسلحت الجبهة الإسلامية الجميع ليقتلوا بعضهم البعض، كما نشاهد الحروب الدائرة بين القبائل العربية في دارفور، كما بين التعايشة والسلامات، المسيرية والبني هلبه، المهرية وبني حسين، الرزيقات والمعاليا، والرزيقات والمسيرية بكردفان..إلخ، ناهيك عن حرب القبائل العربية ضد الزرقة على طول وإمتداد الجنوب الجديد في السودان المتبقي.
أولاً: أؤكد لكم، أن الخلاف كان ولا زال حول المباديء والقضايا المصيرية، وليس شخصياً، وإلا كيف نفهم أن يقوم كبير المفاوضين بتقديم التفاوض على الترتيبات الأمنية قبل الحصول على إتفاق سياسي يخاطب جذور الأزمة؟ هذا لم يحدث في التاريخ.
ثانياً: مرت ست سنوات، والحركة مازالت تسير بدون منفستو يحدد الرؤية والمباديء والقيم التي توجه خطى الثورة وخطها السياسي وأهدافها النهائية.
ثالثاً: لماذا فشلت القيادة في بناء المؤسسات القومية، أو تكملتها حتى اليوم؟ لماذا تم إستعجال كتابة الدستور دون مرجعية فكرية، أو قبل الإتفاق على المنفستو؟ أين الأمانة العامة كمؤسسة؟ ولماذا الإصرار على الإجتهادات الفردية، وتجنب الإحتكام للمؤسسات؟ لماذا يقوم الأمين العام ببناء تنظيم مواز، أو تنظيم داخل التنظيم كما يحدث في مناطق سيطرة الحكومة وفي دول المهجر؟ حيث قام بشق الطلاب والشباب والمرأة والولايات في الداخل، وتعيين ممثلين وأجسام دون مشاورة في بعض دول المهجر! لماذا الإكثار من اللقاءات التشاورية السرية الفردية مع عناصر النظام خارج المنابر العلنية الرسمية للتفاوض؟… إلخ.
هذا إذا تركنا جانباً الإنحراف عن المسار بترديد شعارات تهدف لإفراغ مشروع السودان الجديد من مضمونه، مثال لذلك: السلام والطعام والمواطنة بلا تمييز… إلخ، وإرسال رسائل عبر وسائل الإعلام توحي بالتنازل عن حقوق الشعب وأهدافه على شاكلة: )لا نريد تقرير مصير، ولا نريد جيشين(. كيف تصدر مثل هذه الرسائل من شخص مكلف بواسطة التنظيم للقيام بمهمة جليلة ككبير مفاوضين لتحقيق أهدافه في التحول الديمقراطي؟.
طبعاً كان هذان الرفيقين يعملان منذ وقت ليس بالقصير في التمهيد لبرنامجهما وذلك من خلال الحديث عن أن المجتمع الدولي لا يقف مع الكفاح المسلح، وأن زمن الكفاح المسلح قد مضى مع الحرب الباردة، في تناقض مع حقيقة ماثلة للعيان، وهو أن هناك اليوم أكثر من 465 حركة مسلحة في العالم. بل يتحدثان زوراً عن أن هناك فتور من الحرب، وإن هذه الحرب خاسرة، لقتل الروح المعنوية عند المناضلين وتخذيلهم. وهذا الكلام بدأ الترويج له منذ 2014م، إذ يقولان إن المؤتمر الوطني لن يتخلى عن الشريعة الإسلامية وفي نفس الوقت لن يمنح حق تقرير المصير… إلخ. وكل ذلك في محاولة لغرس روح إنهزامية وسط الجيش والمواطنين للتسليم والقبول بالعودة للبقاء تحت الإستعمار وسلطة الإبادة والإغتصاب التيتتخذ من الخرطوم مركزاً ومنطلقاً.
ما يحدث ليس بجديد، يجب أن نذكر أنفسنا بالتحديات التي واجهت الحركة الشعبية الأم في تسعينات القرن الماضي، ولم تستسلم، وكلكم تذكرون قيامة إنهيار نظام منقستو في 1991م، وما تلاه من إنشقاق الناصر في ذات العام. وحملات صيف العبور، والجبهة الإسلامية في أوج قوتها وعنفوانها وغطرستها، إضافة للحصار على جبال النوبة، وعدم إستلام ذخائر أو سلاح لمدة خمس سنوات ويزيد، كل ذلك ما فتَ من عضد الحركة الشعبية لتحرير السودان، وقد تمكنت من الصمود حتى حررت ثلث سكان السودان وأراضيه من هيمنة وإستعمار الخرطوم وساهمت في دمقرطة الأوضاع في الشمال عبر دستور 2005م ، لولا تراجع الحركة الإسلامية وإنقلابها على الدستور وإعلانها الحرب على المنطقتين في 2011م. وأنتم تواصلون الآن نفس المشوار والمهام، لتحرير كامل التراب السوداني من أيدي الاقلية الفاشية المتسلطة القابعة في الخرطوم.
لذلك يجب أن نذكر أنفسنا الآن، بأننا لسنا دعاة حرب، بل ضحايا لحرب عنصرية فرضت علينا بواسطة المركز الظالم. كما أننا كمنطقة متأثرة بالحرب لسنا إستثناءاً في العالم حيث تدور رحى الحروب حولنا وفي كل مكان في الإقليم من جنوب السودان، تشاد ،ليبيا، مصر، سوريا، الصومال، الكنغو، اليمن …إلخ. ويبدو للناظر وكأن الحرب هي سنة الحياة. لذلك لا يشعرنَ أحدكم بعقدة ذنب أو ملامة نفس خاصة وأننا فقط نتمسك بالدفاع عن حقوق وأراضي شعوبنا، بل أن ما نقوم به يمثل الموقف الصحيح في مقاومة الظلم والطغيان. نحمل السلاح دفاعاً عن الحق والحرية والسلام العادل. ليس سلاماً مفروضا ومذلاً تحت شروط الظالمين، ولا طعاماً مراً من أيدي القتلة والمتسوَلين.
كما يجب أن نذكر أنفسنا، بأن الكفاح المسلح في السودان ضرورة وليس خياراً، ذلك لأن الدولة السودانية ومنذ تأسيسها على يد المستعمر ظلت قائمة على مشروعية العنف، إعتماداً على الجيش السوداني الذي أسسه المستعمر الأجنبي وحدد دوره في القيام بقهر الوطنيين لمصلحة الإستعمار. وبعد الإستقلال الصوري تحول دور الجيش السوداني لحراسة جزء من المواطنين من الجزء الآخر، أي المهمشين.
ولذلك فإن دعوة الأمين العام السابق لوضع السلاح والتحول لحركة ديمقراطية سلمية مردودة، لأنه يفترض أن الناس متساوون في السودان أمام القانون والدولة، لكن الحقيقة أن هناك أولاد بلد ومهمشين، وأن كل الأنظمة المتعاقبة على السلطة في السودان تستخدم العنف بتمييز وتوجهه بإستمرار ضد الأفراد والقوميات المهمشة، ولا توجد مساواة في التعامل مع كل المواطنين. لا يوجد سبب واحد ليسلم الجيش الشعبي سلاحه للعدو.
الآن مرت 15 جولة تفاوضية، والمؤتمر الوطني يرفض الحل السلمي، ويعمل على فرض إرادته بقوة السلاح. وهذا نابع من عقلية المركز الإستعلائية والمستبدة. وكلكم تذكرون حديث البشير في القضارف، فبراير 2011م، عن رفضه للتنوع والتعدد الديني والإثني في السودان، وأن السودان دولة عربية إسلامية بعد يوم 9/7/2011م. وحديثه في المجلد، مايو 2011م، بأن المؤتمر الوطني سيحكم ولاية جنوب كردفان )وإذا رفضتم الجلاليب دي حتتقلب كاكي وصناديق الإقتراع حتتقلب صناديق ذخيرة وحنطاردكم جبل جبل وكركور كركور(، وقد كان، عندما هاجمنا في 6/6/2011م، رغم تزويره للإنتخاباتوفوز مرشحه ولكن الهجوم كان بغرض نزع السلاح من أيدي الجيش الشعبي لتكتمل الهيمنة. ويجب أن لا ننسى حديث البشير في الدمازين عن )الحشرة الشعبية(. فكيف تتوقعون من هكذا رئيس أن يحقق عدالة في هذا البلد؟
نحن نحارب من أجل السودان الجديد ،سودان علماني ديمقراطي موحد على أسس الحرية والعدالة والمساواة. رغم تعنت المركز وتضامن كل أطرافه المستفيدة من الإمتيازات التي وفرها لهم، وتمسكهم بما يسمونه بالثوابت القائمة على الإقصاء للآخر وتركيز السلطة والثروة في أيديهم، بل وتأييدهم المستتر لمشاريع الإبادة وإحتلال الأراضي.
وإنه في ظل فشل النخب التي تعاقبت على الحكم على مدى ستين عاماً من العمل على إنتاج مشروع وطني يؤسس لوحدة عادلة وسلام دائم، فإن حق تقرير المصير لكل الشعوب السودانية صار أمراً لازماً وحقاً إنسانياً وديمقراطياً، ونحن نعرف أن هذا الحق لا يتحقق بالأماني وإنما بالنضال لهزيمة المركز، وكل الظروف باتت مؤآتية لتفكيك المركز. وعندها يحق للجميع الإختيار ما بين الوحدة أو الإستقلال، لأننا كقوة ديمقراطية لا نريد أن يفرض أحد توجهاته على الآخر، مع إيماننا بجدوى الوحدة العادلة.
نقول هذا ونحن نعلم أن حكومة المؤتمر الوطني في أضعف حالاتها، فلا يمكننا أن نمد لها يد الإنقاذ بإتفاق هزيل يسلم لها سلاح الثوار حتى تواصل في مشاريعها الإجرامية وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان.
يجب أن نتذكر، أن الآباء والقادة المؤسسين أبونا فليب، مبارك الماشا، ويوسف كوة عندما قرروا حمل السلاح لم تكن الأوضاع قد وصلت درجة من السوء كما نراها اليوم. نعم كان هناك تهميش بكل أشكاله وألوانه ضد النوبة وبقية المهمشين ولكن لم تصل لدرجة الإبادة وإحتلال الأراضي بالقوة. وأنه لولا قرار يوسف كوة وتنظيم الكمولو باللجوء للكفاح المسلح في 1984م، لكان مصير جبال النوبة مثل مصير دارفور اليوم، حيث هجرت قبائلٌ وتم إحتلال أراضيها.
إن العالم كله يراقب، ويشيد بنجاحكم في التمرين الديمقراطي كشعوب مهمشة في جبال النوبة/ جنوب كردفان والنيل الأزرق، ونجاحكم في إدارة الأزمة، بطريقة ديمقراطية وسلمية، رغم ما حدث في النيل الأزرق من أحداث مؤسفة، خاصة وأن حركات التحرر لا تتوفر لها الظروف كثيراً لممارسة الديمقراطية، ولكنكم برهنتم للعالم أجمع بأنكم تؤمنون بالقيم والمباديء التي تقاتلون من أجلها وأنكم تحاربون ضد الديكتاتورية،التسلط، والفاشية التي يمارسها المؤتمر الوطني، وأنكم عكس المؤتمر الوطني الحاكم تماما، تطبقون هذه المباديء وقيم الديمقراطية في الأراضي التي تسيطرون عليها.
أشكركم على الثقة، وأقول: بأنني قبلت التكليف بقيادة مرحلة الإنتقال، لأنها جاءت بطلب منكم كمجلس تحرير وقيادة عسكرية، حتى إنعقاد المؤتمر الإستثنائي، وفي أقرب وقت، لتمكين الشعب من إختيار قيادة دائمة للتنظيم تتولى قيادة الثورة وتواصل النضال حتى التحرر الكامل. أنا قبلت التكليف كذلك، لأن الرفيق مالك لم يقبل بالثقة التي وضعتموها فيه لقيادة الإنتقال.
وعدي لكم، سأبذل قصارى جهدي، بالتعاون والتشاور معكم في كل المؤسسات القائمة، لتكوين اللجان الخاصة بكتابة الوثائق ) المنفستو والدستور(، ولجان للتحضير للمؤتمر الإستثنائي وتكملة أو بناء الهياكل التي تقود لعقد المؤتمر الإستثنائي في مدة أقصاها أكتوبر. ستتم دعوة الرفاق مالك وياسر للمشاركة في المؤتمر وتقديم دفوعاتهم والترشح لأي من المواقع التي يريدونها في الهرم القيادي للحركة الشعبية.
أناشدكم بالتماسك والوحدة وتفويت الفرصة على المتربصين. ولنخرج جميعاً الآن بموقف موحد حول ما الذي نريد؟ وأطالبكم جميعاً بالتسامح والتعافي، والتركيز على التعاون لبلوغ الهدف، وعدم الإلتفات الي ما يفرق بيننا. يتعين وضع مصلحة الشعب والأجيال القادمة في الامام. انتهى الخطاب…………..))
************************************************************************************
والخطاب إذن عزيزي القارئ غطى جوانب سياسية وتنظيمية مهمة ، كما اعاد الفريق عبدالعزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي من خلال هذا الخطاب شرح مرة أخرى أسباب استقالته لمجلس تحرير جبال النوبة لمن فاته الفهم من قبل ووصف قرارات الثورة التصحيحية بالإنقلاب على الشرعية المدعاة ..لكن هل المشاوشاتية والمتربصين بالقيادة الجديدة من أصحاب الأجندات الرجعية الخبيثة يقتنعون بهذا الشرح التفصيلي؟
القائد عبدالعزيز الحلو أصلاً لم يكن ملزما لتفنيد الأسباب التي دعته لتقديم استقالته. لكنحرصه الشديد على الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ووحدة صفها، وعلى ضرورة “لم الشمل” لمواجهة نظام المؤتمر الوطني العنصري البغيض في ظروف حسنة، هو الذي جعله يشرح اسباب الإستقالة مرة ومرتين ،فهل يعي عرمان ومالك هذه الحقيقة ويصلان الى نتيجة مفادها أن استقالة الحلو قد اعادت الأمور الى مجراها الصحيح؟
المثير والمدهش في خطاب الحلو هذه المرة ،هو وضوح الدلالات السياسية والتنظيمية، وأولى هذه الرسائل موجهة لنظام الأقلية الحاكمةوأن العهد الذي قطعته الحركة الشعبية وجيشها الشعبي على نفسها لهيكلة الدولة السودانية وتحقيق العدل والمساواة والحرية والكرامة لكل السودانيين ما زال على عهدها سيما وأن مهمة المؤسسات الدولية اليوم لم تعد وسيلة لنصرة الشعوب المضطهدة والعمل لتحقيق تطلعاتها بالخلاص من قهر المستبد والطاغية ، وتمكينها من نيل حريتها وكرامتها، بل أصبحت شبكة معقدة للحفاظ على مصالح الكبار وتقاسم النفوذ والموارد فيما بينهم وأصبح مجلس الأمن منصة لصراع القوى الدولية وتسوياتهم وصفقاتهم على حساب المستضعفين.
كما حمل الخطاب رسالة تهدف إلى قطع الطريق أمام كل تشويش على ان القيادة الجديدة بالحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ربما تدخل في أي مفاوضات مع نظامالمؤتمر الوطني الذي يمر بمرحلة عصيبة من مراحل حكمه الطويل.
أما الرسالة الأخرى، التي حملها خطاب رئيس الحركة الشعبية، فهي رسالة إلى المناضلين، مفادها ضرورة الحفاظ على التماسك التنظيمي ، واعتبار مؤسسات الحركة هي الفضاء الأنسب لأي تقييم لعمل التنظيم وتوجهاته وقراراته، وضرورة تجاوز تداعيات المرحلة السابقة التي أعقبت مرحلة ما بعد قرارات مجلس التحرير التي ادت الى اقالة عرمان ومالك عقار.
أما الرسالة الأخيرة، في موجهة لقوى المعارضة السودانية التي تنادي بالتغيير في السودان مفادها ان الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال تحارب من أجل السودان الجديد ،سودان علماني ديمقراطي موحد على أسس الحرية والعدالة والمساواة. وإذا كانت هذه القوى التي تنشد التغيير جادة في دعوتها تلك عليها إذن ان تضع يدها بيد الحركة الشعبية لإحداث هذا التغيير بالوسيلة الوحيدة التي يفهمها نظام الأقلية الحاكمة وهي السلاح ذلك ان اصدار بيانات الإدانة والصراخ في شوارع الخرطوم لا يسقط نظاما يعتمد على الكذب والتضليل لثماني وعشرين عاما.
الحركة الشعبية لتحرير السودان اليوم أقوى مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر -أي قبل قرارات مجلس تحرير المنطقتين (جبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق) ، ومع ذلك فإن يدها ممدودة للجميع دون استثناء للعمل المشترك الذي يفيد انسان السودان المظلوم المقهور. لكنها لا تريد ان تفرض وصايا على الآخرين ، كما على الآخرين احترام خيارات وتوجهات الحركة الشعبية وعدم التدخل في شؤونها سلبا أو ايجابا واقالة مالك عقار من رئاسة الحركة وعرمان من الأمانة العامة شأن داخلي تنظيمي.

مقالات ذات صلة