مقالات وآراء

موافقة عرمان على نزع سلاح الجيش الشعبي خيانة للنضال!!..

بسم الله الرحمن الرحيم

عبدالغني بريش فيوف
الجيش الشعبي.. سلاح الجيش الشعبي.. وجود الجيش الشعبي.. حروب الجيش الشعبي.. هموم تقضّ مضاجع العنصريين الذين يدفعهم خوفهم المزعوم على السودان وسلامته وأمنه وحريته واستقلاله الى الخوف من سلاح الجيش الشعبي ووجوده. أما نظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، فلا خطر منه!.
النظام السوداني ومنذ اعلان الحرب على الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال ، جمع كل مليشيات الدنيا بمختلف توجهاتها وأشكالها ، ووزع لها الأموال وكل انواع الأسلحة لتجريد الجيش الشعبي من سلاحه ، ولكن ما لم يضبطه هو أنّ حساب الواقع في الميدان لم يطابق حساب العدد الكبير من المرتزقة والمليشيات، وكان الجيش الشعبي هو الرقم الصعب الذي لم يتماش في عملية الطرح والضرب والقسمة، ولكنه كان الرقم الأساس في عملية الجمع فأجهض كلّ المخططات ضده.
قلنا في عدة مقالات لنا في السابق حول موضوع الجيش الشعبي، أن سلاحه خط أحمر لا يمكن لأحد أن يفرط به، وأوردنا الأسباب الموضوعية التي تجعل الجيش الشعبي يتمسك بسلاحه حتى الرمق الأخير ، غير أن النظام السوداني كان دائما يضغط في كل الإتجاهات وبكل الوسائل والطرق لإجبار وفد الحركة الشعبية المفاوض على القبول بدمج الجيش في مليشياته الحزبية ومن حظه أن وجد شريكا له في مسعاه هذا وهو ياسر سعيد عرمان الأمين العام المقال الذي قبل بدمج الجيش الشعبي في جيش البشير وأجهزته الأمنية الأخرى وذلك في الجولة الــ15 الأخيرة.
موافقة الأمين العام المقال على دمج الجيش الشعبي لم تكن مجرد موافقة شفهية بل أنها جاءت في شكل ورقة صيغت واودعت سرا في الجولة 15 في غسطس 2016 التي كانت مخصصة لمناقشة الملف الإنساني، إلآ ان رئيس وفد الحركة الشعبية المفاوض، اقحم فيها أخطر الأجندة المتعلقة بالمفاوضات وهي الترتيبات الأمنية ووضع الجيش الشعبي.. وجاءت نقاط الوثيقة المودعة على النحو التالي:
1_ the SPLA_N forces shall be integrated over time in a new restructured one Sudanese army and other security organs that are professional, non politicized and reflective of the character and interest of the Sudanese society.
2_ all militias including the rapid support forces (RSF) shall be disbanded.
3_ the process of integration of the SPLA_N over time in to the new one Sudanese Army shall start after the implementation of the political arrangements in the two areas.
4_ the DDR process shall include forces from both side.
5_ more principles shall be developed by the parties.
وتظهر خطورة هذه الوثيقة كونها:
أولاً/تم ايداعها رسمياً لدي الوساطة الأفريقية كوثيقة مرجعية لأي مفاوضات مستقبلية حتي لو تغير نظام المؤتمر الوطني مالم يتم سحبها من الإبداع رسميا.
ثانياً/لم يمنح أي تفويض لرئيس وفد الحركة تبني هذا الموقف التفاوضي أصلا ، ناهيك عن اعداد وثيقة بهذه الخطورة ومن ايداعها لدى الوساطة دون علم المؤسسة العسكرية، مجلس التحرير، حكومة الاقليم.
ثالثاً/عندما علم القائد عبدالعزيز الحلو بالنقاط الخمس.. سأل الأمين العام وفي اجتماع رسمي ما إذا قام بايداع هذه الورقة رسميا لدي الوساطة ام لا: فكانت الإجابة هي أن الورقة لم تودع بعد ، لكن عندما سأل الحلو سكرتير وفد التفاوض للحصول على كامل الحقيقة ، أكد السكرتير للحلو كتابة ان هذه الورقة قد تم ايداعها رسمياً لدي الوساطة كوثيقة مرجعية ملزمة وسلم وفد الحكومة صورة طبق الأصل ليتضح ان عرمان كذب وفي اجتماع رسمي.
رابعاً/في اجتماع رسمي طلب الحلو من الرئيس اصدار بيان يتبرأ فيه من هذه الورقة فرفض بحجة ان اصدار مثل هذا البيان سيظهر اننا مختلفين امام الرأي العام، بعد ذلك طالبه الحلو بمخاطبة الوساطة بخصوص سحب الورقة رسميا بصفته رئيس الحركة والقائد العام للجيش الشعبي، وباعتبار انه لم يمنح اي تفويض للوفد المفاوض لايداع تلك الورقة ولكنه رفض ذلك وقال ان الوفد المفاوض قد حسم هذا الأمر وانا شخصييا لست متخوفا من محتواها، مما يعني انه شريك اساسي في هذه الجريمة والمؤامرة والتي تعتبر خيانة عظمي تستوجب المحاسبة والمحاكمة الثورية.
خامساً/ظاهر الورقة هو دمج الجيش الشعبي في اطار عملية سياسية شاملة، لكن حقيقة الأمر هو أن الموضوع عبارة عن خطة مدروسة تم اعدادها بعناية فائقة لإستيعاب الجيش الشعبي اليوم وتسريحه غدا دون إبداء أي أسباب ..يعني مجرد ان يتم الدمج ، فأمر الجيش الشعبي انتهى ..انتهى ..انتهى ، لأن النظام ليس من عاداته وطبعه احترام الإتفاقات والمواثيق.
سادساً/عرمان نفسه الذي اودع هذه الوثيقة الخطيرة لدى الوساطة قال في أكثرة من مرة بعدم وجود جيش مهني بعقيدة عسكرية قومية بل توجد مليشيات بعقيد حزبية تتبع المؤتمر الوطني ..فهل يريد دمج جيشنا الشعبي في هذه المليشيات الحزبية؟.
سابعاً/حقا ليس هناك جيش وطني قومي في السودان. فما يسمى بالجيش السوداني منذ تأسيسه لم يخض حربا خارج وطنه بل كل حروبه حتى الآن داخلية ضد مواطنين سودانيين سيما في الجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وجنوب السودان ..فأي حديث عن جيش وطني لا يعدو كونه نكتة بايخة.
ثامناً/الأمين العام المخلوع كان دائما يصرح قبل كل جولة جديدة بأن الاولوية للملف الإنساني وأن وفده لم ولن ينتقل لأي ملف آخر ، لكن هذه الوثيقة الخطيرة تظهر نفاقه ..فالنفاق هو حالة نفسية تنبئ عن جبن صاحبها حيث لا يستطيع ان يواجه الحقيقة صراحة.
تاسعاً/في أي عملية تفاوضية ، فإن ملف الترتيبات الأمنية يأتي بعد أو متزامنا مع الملف السياسي ، لكن ما حدث هنا هو أن ملف الترتيبات الأمنية سبق كل الملفات في سابقة خطيرة تعني شيئا واحدا وهو أن الهدف الأول والنهائي من كل هذه الجولات التفاوضية الطويلة هو تجريد الجيش الشعبي من سلاحه.
عزيزي القارئ..
أولى معايير الخيانة هي أن يمشي المرء على حبلين أو أن يضع رِجلاً في حِلف والأخرى في ثانٍ معادٍ له أو يُوقع بيده وثيقةً تحَول حياة الآخرين لجحيم وأرضهم لمحرقة زبالة غيرهم. والورقة السرية التي اودعها الأمين العام المخلوع لدى الوساطة الأفريقية تثبت أن الرجل يمشي على حبلين ويضع رجليه في حلفالنظام السوداني ، وتثبت أن عرمانا هذا مستعد لفعل كل شئ لإشباع رغباته الأنانية ، وهذا الأمر ليس بجديد عليه.
ياسر عرمان يريد ان يضعنا أمام معركة من نوع آخر تهدف لتجريد الحركة الشعبية من وسام انتصارها، والمعركة السياسية لم تنته بعد ..ونقول له وللذين يطالبون بنزع سلاح المقاومة : إن سلاح الجيش الشعبي ليس سلاح صيد السمن والترغل… ولا هو سلاح هواة غواة… سلاح الجيش الشعبي هو سلاح الإرادة.. سلاح الدفاع عن النفس.. وهو الغطاء للحرية والكرامة والشرف وهو صوت حماية شعب المنطقتين وسوط على نظام الإغتصاب والإبادة الجماعية.
لا يوجد سوداني لا يريد أن يهدأ السودان ويتخلص من الحروب ، ولا يوجد إنسان عاقلاً سوي يرفض السلام ولا يريد أن يعيش الجميع في هذا السودان بالمحبة والإخاء …لكن تجريد الجيش الشعبي من سلاحه تحت أي ظرف وفي أي زمان خيانة للدماء التي تتفاخر بها الحركة الشعبية …ونرفض ان يتاجر بقضيتنا من ينصب من نفسه قيماً على المنطقتين خلافاً لإرادة أبنائه وأهداف ثورتهم التي يناضلون من أجل تحقيقها. ولا نقبل من يعمل على قلب الحقائق وتشويهها بالقول أو التعبير لخدمة مصالح النظام في الخرطوم أو بهدف تحقيق منافع شخصية. إن هذه الأفعال مؤلمة وتعد من وجهة نظرنا جرائم ترتقي إلى مستوى جريمة الخيانة العظمى للحركة الشعبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock