معجزة موريشيوس. هل نتعلم الدرس؟

د. حمدي عبدالرحمن

أنظر وتأمل الصورة جيدا فسوف تعرف معي سر نجاح دولة أفريقية. إنها الدكتورة أمينة غريب رئيس موريشيوس أثناء محاضرة لها في منتدى جون كينيدي بجامعة هارفارد، ومن المعروف أنها حاصلة على الدكتوراه في الكيمياء العضوية من جامعة إكستر في انكلترا. يبدو والله أعلم أننا أمام نموذج الحاكم الفيلسوف الذي نادي به أفلاطون،أو على الأقل نموذج للعالم الذي يتولى وظيفة كفاحية لخدمة مجتمعه.

تعد موريشيوس أمة من المهاجرين حيث تعاقب عليها الاستعمار الأوروبي. وهي بفعل عوامل التاريخ والجغرافيا والعمران البشري تشكل مجتمعا متعدد الأعراق يشكل الهنود أكثر من الثلثين وحوالي الثلث من الكريول ( أي المولدين من أصول أوروبية وافريقية سوداء) بالإضافة إلى مجموعات صغيرة من أصول صينية وفرنسية. وعليه فإن النسيج الاجتماعي للجزيرة الذي يتألف من نحو 1.3 مليون شخص هو ترجمة حقيقية لتاريخ الهجرات الطوعية والإجبارية، حيث تدفقت إليها موجات الهجرة منذ القرن السادس عشر. وقد تألفت موجات الجرة تلك من موظفي الادارات الاستعمارية والتجار، وأصحاب مزارع السكر، والعبيد الأفارقة، والعمال الهنود، ومؤخرا، أعداد كبيرة من العمال المهاجرين من الصين وبنجلاديش.

لقد استطاعت موريشيوس تنويع مصادر دخلها على نطاق واسع منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1968 بعد أن كان محصول السكر يشكل 92 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

بعد الاستقلال تم إنشاء قطاع تصنيع الملابس، والاهتمام بقطاع السياحة الترفيهية، وعودة الاعتبار لصناعة السكر. أدى ذلك إلى تحقيق معدلات نمو هائلة . و بحلول التسعينات أطلق على تجربتها التنموية اسم “معجزة موريشيوس” في سياق لدول النامية متوسطة الدخل. لماذا نجحت موريشيوس وتراجعت الدول الكبرى في أفريقيا مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا والجزائر ومصر؟ هذه هي الدروس المستفادة وفقا لدراسة أصدرها بنك أفراسيا ونيو وورلد ويلث مؤخرا.

لماذا كان أداء موريشيوس ناجحا؟ وما هو سر معجزتها الاقتصادية؟

حققت موريشيوس نجاحا رائعا للأسباب الآتية:

– معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة.

– نزوح عدد كبير من الأثرياء إليها – وخاصة من فرنسا ومن جنوب أفريقيا على مدى العقد الماضي، أي أنها أضحت مجتمعا جاذبا لكبار الأغنياء.

– قطاع مزدهر ومتنامي من الخدمات المالية، لا سيما في مجال الخدمات المصرفية الخارجية وإدارة الصناديق والخدمات المصرفية الخاصة.

– ضمان حقوق الملكية . انخفاض معدلات الضرائب، وهو ما يشجع بيئة الأعمال التجارية.

– نمط الحياة (الشواطئ، والطقس، وملاعب الغولف والمناظر الطبيعية الخلابة) وانخفاض مستويات الجريمة لها تأثير إيجابي.

تم تصنيف موريشيوس مؤخرا من قبل نيو وورلد ويلث على انها البلد الأكثر أمنا في أفريقيا.

ألا ليت قومي يعلمون!