مقالات وآراء

ماذا بعد فشل السياسيين في حل ازمة الوطن

ماذا بعد فشل السياسيين؟
لا اعتقد اننا سوف نخرج من المأزق الراهن بسهولة، او عن طريق لقاءات المعارضة هنا، او مؤتمر هناك.. لا ريب في انه من المفيد ان يجتمع المثقفون من ابناء الوطن الشرفاء ببعضهم البعض من حين لآخر على الاقل، ولكي يتناقشوا في المسائل التي تهمّ الجميع. ولكن نخشى ان تتحول هذه القاءات العديدة خارج السودان الى حفلات استعراضية مكتفية بذاتها على طريقة مؤتمرات المعارضة والاجتماعات السياسية. وهكذا لا يبقى منها بعد انفضاضها إلا توصيات وأوراق تذهب مع الريح.
فهل سنشهد فشل المثقفين بعد ان شهدنا فشل السياسيين؟ وما العمل لكي نخرج من هذه الحلقة المفرغة؟ لا أزعم بأني قادر على الاجابة عن هذا السؤال بمقالة واحدة، او حتى عدة مقالات او ربما كانت الاجابة تتجاوز مقدرة باحث واحد. ولكن سأحاول ان اركز على نقطة اساسية او جانب معين من هذا الموضوع الخطير: سبب الأزمة السودانية المستفحلة حاليا.
باختصار فان النخب الثقافية والسياسية هي التي تقود الشعوب، هي التي تفتح لها الطريق. ولكن المشكلة الكبرى هي ان هذه النخب تكون احيانا ضائعة، تتخبط تخبط عشوائ، مثلها في ذلك مثل شعوبها.. وعندئذ يسود الظلام الدامس ويخيم على الجميع ولا تبدو اي نقطة ضوء في الأفق.. فهل نعيش نحن السودانيين مثل هذا الوضع حاليا؟ اني اطرح السؤال مجرد طرح.. في مثل هذه الاحوال الانسدادية الخطيرة يكفي ان يظهر مفكر واحد لكي يقول: لا، او لكي يفكر بشكل مختلف عن القطيع، عن عموم البشر، لكي يجد الحل والخلاص. هذا ما فعله لوثر في المانيا في بدايات القرن السادس عشر، او ديكارت في فرنسا في بدايات السابع عشر، او فلاسفة التنوير في القرن الثامن عشر، او هيغل في بداية التاسع عشر.. الخ.
يكفي ان تلمس أول الخيط، او تبصر أول شعاع للنور لكي يأتي الحل والخلاص من تلقاء ذاته. ولكن بما اننا لسنا في عصر العظماء والابطال الفرديين من أمثال هؤلاء فلماذا لا نحاول ان نفكر في المعضلة بشكل جماعي ومن خلال كل ابناء الوطن الشرفاء من دون تميز قبلي او عنصري اني أعرف ان بعض المعارضين لهم ميول قبلي وهذا لا يصب في مصلحة الوطن .
العيب هو ان نكابر ونكذب على أنفسنا، ونؤخر بالتالي من مجيء الحل الى ما لا نهاية.
ذلك ان الحل لن يجيء الا بعد التشخيص الناجح لمرض الحالة السودانية ، وهذا التشخيص يتطلب منا ان نطلع على ازمتنا المستعصية لكي نعرف كيف نفك ازمتنا يوما ما.
واذا اردنا حلة الازمة السودانية يتطلب منا نبز القبلية والولاء للقبيلة وجعل الوطن فوق من القبيلة ، فمن الواضح اني أحلم هنا وأشط في الحلم الى ابعد مدى ممكن.. انه حلم يقظة يستولي عليّ احيانا عندما اقوم بنزهاتي اليومية في احضان الطبيعة، او عندما اتحدث مع صديق معين عن ازمة الوطن ولكن هذا الحلم قد يتحول الى حقيقة واقعة يوما ما. فالحاجة الماسة الى مثل هذا المشروع اصبحت ملحة اكثر فأكثر. ولذلك فاني اشعر ببعض الأمل عندما اسمع بانعقاد ندوة او مؤتمر من شرفاء السودان وليس المطبلين يخص ازمة الوطن المنكوب .
الطيب محمد جاده

مقالات ذات صلة