مقالات وآراء

كيكة الحكومة !

حمدان كمبو

انفض الحوار الوطني الذي دعاء له الحزب الحاكم قبل ثلاثة اعوام عقب دعوة قدمه البشير للشعب السوداني وكافة القوى السياسية بانتظار مفاجاة يقوم بإلاعلان عنها في مؤتمر صحفي تفاعل معها كل الشعب السوداني ، والمجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني وكل الوان الطيف السياسي السوداني ترقبها الجميع باهتمام و شفق .

حين اقترب عقارب الساعة الي الثامنة من مساء يوم 27 يناير 2014م في اشارة الي اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الصحفي التزم الجميع مواقعهم داخل القاعات و خوت الشوراع من المارة و الكل جلسوا داخل المنازل و الاندية امام شاشات التلفاز مترقبين المفاجاة السارة حيث افصح البشير عن مفاجاته حينما تحدث عن حوار الوثبة لتوافق على اصلاح شامل باجراء حوار وطني بكل مرتكازته الست وهي السلام والوحدة ، والحريات الأساسية والتنظيم السياسي ، والاقتصاد والخروج بالمجتمع السوداني من الفقر إلى الرفاهية ، وقضية الهوية السودانية ، والعلاقات الخارجية ، وقضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني . يشارك فيه الجميع كخيار لمعالجة القضايا الجوهرية والنهوض من اغلال الازمات التي اقعدتنا منذ الاستقلال .

استجابة بعض الاحزاب السياسة وقبلوا المشاركة في الحوار و رفض اخرون بحجج مختلفة حيث أكدت قوى نداء السودان وتحالف قوى الإجماع الوطني والحركات المسلحة تمسكها بمقاطعة حوار البشير و اعتبروها إمتداد للمشكلة السودانية وانهم ضد اي حوار يقوم بإعادة إنتاج الازمة السودانية ، وكذلك اكد الحزب الشيوعي في بيان رسمى أنه قرر عدم المشاركة في الحوار باعتباره مؤتمراً للحزب الحاكم ، والأحزاب والجماعات التي تدور في فلكه ، وليس حواراً بالمعنى المفهوم والمعروف للحوار الهادف لحل الأزمات .

انطلق الحوار وسط مقاطعة و اسعة من المعارضة و تم تكوين آلياتها حيث استغل المؤتمر الوطني غياب المعارضة و الحركات المسلحة وضعف الاحزاب المشاركة حيث تم تفصيل مخرجات الحوار حسب هواه و رؤيته نستطيع ان نطلق عليه اسم (الكيكة) كما وصفه البشير نفسه ، حيث استطاع ان يتحكم فيها الحزب الحاكم كما شاء حيث قامت بأخذ نصف (الكيكة) التشكيل الحكومة الجديدة لوحدها و وضعتها جانباً و تخول على النصف الاخر ليتم توزيعه و تقسيمه على بقية الاحزاب حسب مزاجه و فرض قيود وشروط على كل من اراد ان يكون له نصيب .

تاكيداً لما اشرنا اليه حول (الكيكة) قام البشير بإطلاق تصريحات صحفية قبل بضعة ايام فيما يتعلق بالتشكيل الجديد للحكومة حيث قال ان (كيكة الحكومة صغيرة والايادي كثيرة) في اشارة الي النصف الاخر ملوحاً به للمعارضة والحركات الرافضة للحوار ولسان حاله يقول كل من يشارك او يلتحق بالحوار سوف يأخذ نصيبه . ليتمكن من استقطاب ضعاف النفوس و شق صفوف المعارضة وإضعافها لتسهل عملية القضاء عليهم ناسياً ان هؤلاء عندما خرجوا لم يكن السلطة هدفهم الرئيسي و لا من أولوياتهم انما خرجوا من اجل قضية عادلة تمثل اساس المشكلة السودانية ويخاطبون جذور الازمة يجعلهم يقاتلون و يناضلون من اجلها لمئات السنين بكل عزيمة و اصرار دون كلل او ملل . لذلك على الحكومة توفير (كيكتها) لنفسها و تقسيمه لمرضى و هُوَاةٌ السلطة الذين من حولها .

على الشعب اذا ما اراد يوما لابد ان تستجيب القدر و لكل ما هو محتمل ويجب ان نتحلى بالصبر و العزيمة و الاصرار ولا مكان لليأس ، والتفاعل واجب علينا كشعب لان المتفائل شخصٌ متهور يُطعم دجاجته فِضة حتى تبيض له ذهباً، والمتشائم شخص قلق يرمي البيضة الذهبية لإعتقادُه أن في داخلها قنبلة موقوتة . و الامل ضرورة ملحة حتى و ان كان على حساب الصبر لان من يعيش على الامل لا يعرف المستحيل و الشعب السوداني طوال تاريخه ومسيرته النضالية لا يعرف المستحيل .
مهما طال ليل الظلام لابد لليل ان ينجلي و للفجر ان ينبلج و لا بد للشمس ان تشرق ..
حتى الملتقى ،،

h.kambo19@live.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock