منوعات

قصيدة للشاعرة الدارفورية إمتثال محمود تصور معاناة لاجئة في شرح قضيتها لوسائل الإعلام

جنيف: صوت الهامش

نشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقريرا حول بلوغ عدد اللاجئين القادمين من جنوب السودان إلى أوغندا، المليون لاجئ اليوم الخميس.

وتضمّن التقرير الذي أطلعت عليه (صوت الهامش)، قصيدة للشاعرة السودانية-الأمريكية إمتثال محمود، تلقيها بنفسها وتعالج فيها التصوير الإعلامي للاجئين، حيث حاولت الشاعرة تصوير أزمة إحدى اللاجئات في شرْح قضيتها أمام وسائل الإعلام … والقصيدة مستلهمة من خبرات الشاعرة الشخصية حيث غادرت وعائلتها السودان قسرًا، وهي الآن تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية. 


وهذا هو نص القصيدة:


أعطوني الميكروفون بينما كتفي تغوص تحت ثقل ما أحمله من صُرّة جمعتُ فيها ملابسي.
قالت المذيعة: “المليون لاجئ غادروا للتوّ جنوب السودان – هل يمكنكِ التعليق؟”
شعرتُ بأن قدمي عادت للتصلب كالصخر، ورُحت ألبس الحذاء الذي ابتاعته أمي، متسائلة:
هل نبقى؟ أم أنه أكثر أمانًا لنا أن نختار الرحيل؟
بينما جعل صوت الرقم يتردد في خلدي:
مليون قد ذهبوا، 400 ألف قد سقطوا في دارفور، وتشرد مليونان.
شعرتُ بغُصّة في حلقي، كما لو كانت تلك الجثث قد تجمّعت في حلقي واختارت الدفن فيه.
بلدنا الذي كان – بأكمله شمالا وجنوبا وشرقا وغربا- هو الآن مضطرب تماما.
لم يعد في وسع النيل أن يجمعنا، وأنتِ تطالبينني بالإيجاز في القول؟
حقيقة: لم نتحدث مطلقا على الإفطار، خشية أن تبتلع الطائرات الحربية أصواتنا.
حقيقة: رفض جدّي مغادرة البيت، ومن ثمّ مات في ساحة حرب.
حقيقة: الشجرة المقدسة هي من غير الرّب مجرد وقود للنار.
أنا أقيس المسافة بين ما أعرفه وما يمكنني أن أقوله بأمان أمام الميكروفون.
هل أتحدث عن الأسى، والتشريد؟ هل أتحدث عن العنف؟
أأقول كيف أن الأمر ليس أبدا بالبساطة التي ترونها على الشاشات؟
وكيف تمضي أسابيع يملؤها الخوف قبل أن تأتي الكاميرا؟
هل أخبر هذه المذيعة أن الرجال قُتلوا أولاً، بينما أُجبرتْ النساء على مشاهدة المذبحة؟
كما جاءوا إلى أبنائنا وشردوهم في أنحاء القارة حتى تهدّمت بيوتنا.
حتى القلاع اندّكتْ تحت وقع القذائف.
هل أتحدث عن الكبار والمُسّنين؟ أبطالنا – الضعفاء بحيث لا يستطيعون الركض، الغاليين بحيث لا يستحقون إطلاق الرصاص عليهم.
وكيف يُساقون إلى الجحيم رافعين أيديهم والبنادق موجهة إلى ظهورهم.
وكيف ستغدو عصيانهم التي يتوكأون عليها وقودًا للنيران.
سيبدو حديثي قاسيًا جدا أمام الشاشات وسيصعب على المشاهدين قبوله.
جفّ لساني، وبنفس الطريقة التي نموت بها، صار (لساني) رمادا قبل أن يصير فحمًا.
شعرت بالخدَر في قدمي اليسرى، وأدركت أنني صلّبت ركبتي، في غمرة التأثر بالموقف.
لم أرتدِ في حياتي حذاءً؛ لا أستطيع الركض مرتدية إياه.
…………………….

إمتثال محمود (إيمي محمود)
شاعرة سودانية- أمريكية حائزة على جائزة مسابقة أمريكا في فن الشعر الخطابي المعروف بالـ (صلام). ولدت امتثال في دارفور بمدينة الفاشر عام 1993 وفي سن الخامسة هاجرت مع أسرتها إلى اليمن ومنها إلى الولايات المتحدة حيث استقرت وباتت هي ووالداها من أنشط المدافعين عن قضية دارفور في المهجر.

مقالات ذات صلة